العدد 568 - الجمعة 26 مارس 2004م الموافق 04 صفر 1425هـ

كيف نشجع استقلال الطفل لكي تتطور شخصيته؟

سلوى المؤيد comments [at] alwasatnews.com

.

من أهم الأهداف التي نسعى إليها كآباء هو تشجيع أبنائنا على أن يكونوا مستقلين وقادرين على التعامل مع مختلف المواقف والتحديات التي يمرون بها بصورة إيجابية... وهم قادرون على القيام بذلك عندما نعلمهم طرقا عملية مؤثرة يقومون بتطبيقها عند القيام بأعمالهم على أن نقلل كآباء من تدخلنا في شئونهم بمساعدتنا لهم في أداء واجباتهم من دون أن يطلبوا مساعدتنا... أو حل مشكلاتهم من دون أن يطلبوا ذلك منا... حتى تتاح لهم الفرص لتطبيق ما تعلموه من مهارات... وهنا يلعب تشجيعنا لهم كآباء دورا رئيسيا في تنمية هذه المقدرة... فهو يمنح أطفالنا الشجاعة ليغامروا ويكونوا مستقلي الشخصية.

ولنضرب مثالا من حياتنا لتطبيق هذا المفهوم التربوي لندرك كيفية تطبيقه ومدى نجاحه: «حسام» في السادسة من عمره... جلس على طاولة الإفطار صباحا وقرر أن يصب له بعض العصير من الإبريق الكبير... نظر إلى أمه مترددا قبل أن يفعل ذلك، شجعته والدته قائلة: «هيا افعل ما تريد»، رفع «حسام» الإبريق بكلتا يديه ووأخذ يصب العصير بعناية في كأسه... إلا إنه بسبب كبر حجم الإبريق لم يحسن الهدف... فسال قليلا منه على الطاولة... تراجع حسام خائفا إلا إن والدته شجعته ليجرّب مرة أخرى قائلة: «كنت قريبا من أن تنجح في ملء الكأس... حاول مرة أخرى لكن هذه المرة ستضع الكأس هنا». وحركت الأم الكأس لتضعه في مكان مناسب لطفلها لكي يتمكن من ملئه... وأعطته الإبريق وطلبت منه يصب العصير به.

كان يبدو على «حسام» أنه غير واثق من مقدرته على فعل ذلك... لكنه أمسك الإبريق وصب العصير في كأسه... وأصاب الهدف هذه المرة فبدا الفرح على وجهه.

علقت أمه قائلة: «أداء جيد... أعلم أنك ستستطيع أن تفعل ذلك». شعر «حسام» بثقة أكثر في نفسه واعتزاز بشخصيته... وعلم أنه سيمتلك الشجاعة ليجرب ذلك مرة أخرى بنفسه.

«عواطف» البالغة من العمر 7 سنوات ساعدها تشجيع أمها لكي تحل مشكلتها مع شقيقتها الصغرى «سهى»... فماذا فعلت ؟

كانت لدى «عواطف» عرائس «باربي» اشترتها لها والدتها في عيد ميلادها الأخير... ووجدت شقيقتها «سهى» تلعب بها من دون إذنها... لذلك ذهبت إلى أمها تشكو لها قائلة: «أمي... سهى تلعب بألعابي من دون أن تستأذن مني». سألتها والدتها: «هل طلبتِ منها أن تتوقف عن اللعب بها وإعادتها إليكِ؟» أجابت «عواطف»: «لا لم أفعل»، أي أنها تتوقع من أمها أن تحل لها مشكلتها مع أختها.

ردت الأم: «إذن هذا ما تحتاجين أن تفعليه... وأنا واثقة بأنك ستنجحين في التفاهم مع أختك».

وهذا ما فعلته عواطف ونجحت في حل مشكلتها وتعلمت درسا في الاستقلال بالنسبة إلى حل مشكلاتها.

ماذا عن أداء الواجبات الدراسية التي تحتاج من الابن إلى أن يقوم بها يوميا وأن يتمرن عليها قبل أن يجيدها؟

إذا توقع الآباء أن الأبناء سيقومون بذلك ويجيدوه من المرة الأولى فهم مخطئون... وغير قادرين على تشجيع أبنائهم على اكتساب هذه المهارة.. .لنحاول أن نشجع تطورهم ونركز على جهودهم لا نتائج ما يقوموا به من جهود.

«نورة» و«نوف» في الخامسة والسابعة من عمرهما... كان والداهما يحاولان أن يعلماهما كيف يحتفظان بغرفتهما مرتبة. لكن أسبوعين مرا ولم يصلا إلى النتائج التي يتطلعان إليها. قال الزوج لزوجته: «لقد أخذ منا تعليمهما وقتا أطول مما توقعت... أعتقد أن من الأفضل أن نعاقبهما بأن نضعهما في الفراش في وقت أبكر بخمسة عشر دقيقة في كل مرة ينسيان ترتيب غرفتيهما».

ردت الزوجة: «لنجرب أن نشجعهما قليلا وسنرى ماذا سيحدث... سنمدح كل واحدة منهما على حدة كل مرة ترتب غرفتها... وعندما نكافئهما لنشكرهما على حسن ترتيبهما للغرفة»... في اليوم الثاني صباحا تذكرت «نورة» أن عليها ترتيب غرفتها فقامت بهذه المهمة. لاحظت أمها ما قامت به فشكرتها قائلة: «نورة أشكرك على ترتيب غرفتك... أنا ممتنة لك لما قمت به».

وفعلت الشيء نفسه مع «نوف» عندما رتبت الغرفة مع أختها... لأنها أرادت هذا الاهتمام نفسه من والدتها.

قالت لها والدتها: «أشكرك نوف على ترتيبك اليوم للغرفة مع أختك... أنا سعيدة لأنك تذكرت واجبك بنفسك»... وهكذا استخدمت الأم هذه الطريقة نفسها بقية الأسبوع في تشجيع ابنتيها على ترتيب غرفتيهما... وكانت النتيجة في البداية نسيان أقل، ثم تعودتا بعد أسبوعين على أن ترتبا الغرفة قبل أن تذهبا إلى المدرسة من غير تذكير لمدة اسبوع ثم تنسيان ليوم أو يومين ثم تعودان بنفسهما إلى تكرار الترتيب... وشيئا فشيء مع تشجيع والدتهما وشكرها لهما على ما تقومان به تعودتا وأجادتا مهمة ترتيب الغرفة يوميا.

وإلى الحلقة المقبلة لنتعلم كيفية تعليم أبنائنا مهارات تساعدهم على حل مشكلاتهم... لكننا قبل أن نتحدث عن ذلك سنستعرض الصفات الإيجابية التي يكتسبها الأطفال من رسائل التشجيع وما هي الصفات السلبية التي يكتسبوها من الرسائل غير المشجعة

إقرأ أيضا لـ "سلوى المؤيد"

العدد 568 - الجمعة 26 مارس 2004م الموافق 04 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً