ربما يكون الشهر الجاري مارس/ آذار 2004 نذير شؤم فيما يخص العمالة البحرينية في الشركات الوطنية. على سبيل المثال فصلت (شركة عقارات السيف) 56 بحرينيا يعملون كموظفي أمن. أيضا أقدمت شركة (ام بي ام عالم فلورا) على فصل عدد من البحرينيين. أخيرا وليس آخرا كشفت شركة ألمنيوم البحرين (ألبا) عن خطة لتسريح 120 عاملا بدعوى اصابتهم بأمراض مزمنة ومهنية. الغريب أن المؤسسات الثلاث التي قامت أو قررت فصل البحرينيين لا تعاني من مشكلات مالية تذكر. فشركة عقارات السيف حققت أرباحا صافية في نهاية العام 2002 بلغت 2,1 مليون دينار أي بزيادة نحو 90 في المئة عن العام 2001. هذا في الوقت الذي يشير تقرير حديث إلى مجلة (ميد) الأسبوعية عن خطة توسعة مجمع السيف، أي أن الشركة بحاجة إلى توظيف المزيد. من جهتها ترتبط شركة عالم فلورا باتفاق مع الحكومة لتوفير الخدمات البلدية لعدة سنوات. أما ألبا فباشرت برنامج زيادة الانتاج بمقدار النصف إلى 817 ألف طن.
صحيح أن شركة عقارات السيف توصلت إلى تسوية مالية كريمة مع المفصولين تتمثل في منح المفصولين كافة أجر ستة أشهر عن كل سنة خدمة بحيث لا يقل التعويض عن 20 راتبا كحد أدنى إضافة إلى تعويضهم راتبا آخر كبدل إنذار لشهر مارس/ آذار والالتزام بشراء خمس سنوات خدمة من الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية. كما من المنتظر أن تكون ألبا كريمة لحد كبير مع من ترغب في فصلهم وتعويض بعضهم أجر 32 شهرا. لكن المؤكد أن هذه الأموال ستنتهي ويدخل على الأقل بعض هؤلاء ضمن طابور الباحثين عن الوظائف. مصدر التخوف هو أن العاطلين الجدد سيتركون آثارا سلبية على إحصاءات العمالة والتي هي سيئة أصلا. يذكر أن نسبة الإعالة مرتفعة جدا في البحرين إذ ان كل موظف بحريني يوفر لقمة العيش لأربعة أفراد تقريبا. ومرد ذلك أن حجم القوى العاملة البحرينية يتراوح ما بين 123,000 و127,000 حسب تقديرات أخرى. ونظرا إلى أن عدد البحرينيين بلغ 418 ألفا في العام 2002 (من أصل 672 ألفا - عدد السكان) معنى ذلك أن كل مواطن عامل مسئول عن معيشة أربعة دخل آخرين. بالمقابل في أميركا مثلا يوفر كل موظف لقمة العيش لشخصين فقط لأن نصف الأميركيين هم في صفوف القوى العاملة. فنحن لدينا أزمة بطالة في الوقت الذي لم تدخل الا نسبة ضئيلة من المواطنين سوق العمل وربما يزاد الأمر سوءا عندنا في المستقبل نظرا إلى النمو السكاني للبحرينيين والذي يتراوح في حدود 2,7 في المئة. أيضا تشير الأرقام إلى أن نحو 40 في المئة من البحرينيين هم دون سن العمل وبالتأكيد سيدخلون سوق العمل في المستقبل. المؤكد أن العاطلين الجدد سيكون لهم تأثير سلبي على مسألة حيوية وهي توفير وظائف جديدة في الاقتصاد. استنادا إلى الدراسة التي أجرتها مؤسسة ماكينزي وشركاه الأميركية فان المطلوب من الاقتصاد البحريني توفير 10,000 وظيفة جديدة سنويا مقسمة على النحو الآتي: 5,000 للداخلين الجدد لسوق العمل إضافة إلى 2,000 كفرص عمل للعاطلين الحاليين والذين يرغبون في العمل فضلا عن 3,000 للإناث وذلك في إطار التوجه نحو توظيف البحرينيات. على كل حال لا يمكن ترك مسألة تسريح البحرينيين من دون حل لسبب بسيط وهو التخوف من تفاقم المشكلات الاجتماعية التي تعاني منها البلاد. صحيح اننا نفتقر إلى دراسة علمية دقيقة لكن هناك اعتقادا سائدا مفاده وجود رابط بين الجرائم التي تشهدها البلاد بين الحين والآخر والبطالة.
جاسم حسين
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 568 - الجمعة 26 مارس 2004م الموافق 04 صفر 1425هـ