تجهد المؤسسات الرياضية الدولية في إبعاد الرياضة عن زواريب السياسة أو عن الخلافات الداخلية، وعن كل ما يحرف الرياضة عن هدفها الأساسي باعتبارها أداة للتقارب والتفاهم بين الشعوب في أحلك الظروف.
لقد شكلت الحركة الرياضية العالمية منذ انطلاقتها متنفسا لشعوب الأرض، تتنافس فيها بكل روح رياضية وبكل تقبل للفوز والخسارة، وهي استمرت على هذا الطريق على رغم العقبات الكثيرة التي واجهتها في مشوارها الطويل.
الرياضة ومن خلال مؤسساتها الدولية تعمل على تثبيت قوانينها ورؤاها المستوحاة من فكرة الديمقراطية والكفاءة والتعاون والتكاتف لأجل بناء واقع رياضي أفضل، وهو ما تعمل على تكريسه أهم مؤسستين رياضيتين دوليتين وأعني بهما اللجنة الأولمبية الدولية والاتحاد الدولي لكرة القدم.
فهاتان المؤسستان تعتبران المؤسستين الرياضيتين الأكبر والأكثر تأثيرا على الواقع الرياضي العالمي، ولعلي لا أبالغ إن قلت إن القوانين والإجراءات التي تسير عليها هاتان المؤسستان أقوى من ناحية التنفيذ من قرارات الهيئة العامة للأمم المتحدة أو مجلس الأمن الدولي!
وما يميز المؤسسات الرياضية الدولية أنها تعمل إلى حد كبير وفق مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص وليس معنى ذلك أنها عادلة بشكل كامل لأنه لا وجود للعدالة المطلقة في هذا العالم، إلا أنها ووفق ما نرى وتعلن هي مؤسسات مفتوحة للجميع للاستفادة منها أو المشاركة فيها.
وتحرص المؤسسات الرياضية الدولية وخصوصا الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) على النأي بالسياسة بعيدا عن الكرة، وعلى ترسيخ المبدأ الديمقراطي في اختيار القيادات الرياضية بكل شفافية، وتمنع أي تجاوز للوائحها وقوانينها في هذا الإطار لما تملكه من قوة التأثير والقرار، ولعل الحوادث الشهيرة التي منع فيها الاتحاد الدولي للعبة أي تدخل حكومي في عمل الاتحادات الوطنية كثيرة ومتعددة والتي أدت إلى استبعاد الكثير من الدول عن المشاركة في المحافل الدولية نتيجة المخالفات التي ارتكبتها.
هذا الواقع يفرض على جميع العاملين في الحقل الرياضي وخصوصا في المؤسسات الكروية أن يعملوا وفق الرؤية الديمقراطية نفسها التي ينتهجها الاتحاد الدولي، وأن يبعدوا الرياضة عن أي خلافات شخصية أو سياسية لأنها أسمى من مثل هذه الأمور.
ومن هنا فإن ترشح أي منافس لرئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم سواء في المجلس التنفيذي للفيفا أو في رئاسة الاتحاد الآسيوي هو أمر مشروع بل مطلوب تكريسا لهذا المبدأ، وإتاحة للفرصة أمام الجميع في المشاركة وتطوير الحركة الرياضية.
والرياضة قائمة في الأساس على مبدأ المنافسة وتقبل النتيجة، وهذا ما يجعلها مختلفة عن الصراعات السياسية والعسكرية التي لا تقبل إلا بالانتصار.
فالترشح حق مشروع للجميع، ولكل من يرى في نفسه الكفاءة الإدارية ولا يجب أن يعطى الموضوع أكبر مما يحتمل في وسائل الإعلام.
ومنافسة رئيس الاتحاد البحريني لكرة القدم الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة لرئيس الاتحاد الآسيوي للعبة يجب ألا تتحول إلى استقطاب وخلافات وحروب إعلامية بين البحرين ودولة قطر الشقيقة، فعلى الطرفين تقبل المنافسة الرياضية وإبقاء الرياضة بمعانيها السامية وديمقراطيتها بعيدا تماما عن الديمقراطية على الطريقة العربية
إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"العدد 2356 - الإثنين 16 فبراير 2009م الموافق 20 صفر 1430هـ