يجب ألا نبخل بالكلمة والموقف تجاه ما حدث في الليالي التي مرت من تخريب ويجب أن ندينها إدانة واضحة وصارخة بلا مواربة لأنها لم تراعِ أحدا لا دولة ولا شعبا، لا رمزا ولا عالما. وإذا كان هؤلاء من المتدينين فهل طلبوا الرخصة من الإسلام ومن قال إن الإسلام يبيح لنا أن نكون بمثابة الشرطة العقائدية، نضرب هذا ونسكت ذاك، ونسب ونشهر بالمؤمنين وبكل من يبدي رأيه محبا للخير. ما حدث في السنابس أمر خطير وعمل غير مسئول وخصوصا أنه وصل إلى مرحلة الطعن بالسكين وفيه ضحايا. من يقبل أن تصل الأمور إلى هذا المستوى؟ إنها خدمة مجانية تقدم لعودة التسلط والقمع وإلغاء الحريات فهل هناك عاقل يقبل بعودة المرحلة البوليسية المؤلمة التي أكلت كل شيء وأحرقت عشرات الكوادر؟ هل هنالك عاقل يرضى بعودة زمن السجون والمعتقلات والتعذيب وسقوط الضحايا والشهداء؟ إن الاستحقاقات التي نحصل عليها اليوم وإن كانت متلكئة فهي أفضل ألف مرة من مرحلة قانون أمن الدولة. وهنا أحب أن أطرح عدة أسئلة ونقاط:
- هل كنا نحلم بإقامة اتحاد عمالي أو نقابات تسائل أكبر المسئولين؟
- أين كانت الصحافة البحرينية؟ وأين أصبحت؟ اليوم بإمكاننا أن نسائل، أن نفضح الفساد في أية مؤسسة، أن نرافع عن أي مفصول من عمله، أن نكتب عن أي فقير. ومخطئ من يعتقد أنه لا يوجد تغيير فيما تطرحه الصحافة وغيرها من المؤسسات. إنها الحرية ولا يوجد أغلى من الحرية، وها نحن نباشر فعالياتنا - في غالبيتها - بحرية.
- نعمة الأمن، وهي نعمة لا توازيها نعمة. أن تسافر من دون أن يقمعك الرقيب، أن تجلس حتى ساعة متأخرة من الليل، وبدأ بعض شبابنا يعملون في وزارة الداخلية، وهي خطوة يجب أن نشجعها.
- غالبية شبابنا العاطلين من منتسبي الوزارات تم توظيفهم في دفعة واحدة، وبسبب قرار سياسي تم توظيف ما يقرب من 700 خريجة في وزارة التربية وكذلك الخريجون من مدرسين. وذلك ما كان ليحدث لولا وجود تفهم في السلطة لهذه الحالات ووصول آلام هؤلاء الخريجين للصحافة.
- تم خفض رسوم الجامعة بأمر من جلالة الملك - حفظه الله - ما انعكس على مئات من الفقراء ففاضت جامعة البحرين بأعداد هائلة.
- لأول مرة يتم انتهاج الشفافية في نشر أسماء المبتعثين، وتوفقنا في ذلك، وكانت فرحة عمت الجميع.
- في كل عام تقوم الدولة برصد أموال طائلة لبناء مساجد للشيعة والسنة، في هذه المرحلة تم رصد (120) مليون دينار للبيوت الآيلة إلى السقوط.
- قامت الدولة ببناء مشروع القرية النموذجية في المقشع. وهي في طريقها بمشروع ضخم إلى المنطقة الشمالية.
- لأول مرة يبدأ الاهتمام بالقرى المتضررة كبني جمرة والدراز، وبدأت الدولة بتعديل الشوارع والاهتمام بالخدمات.
- ما حدث من إصلاح للقضاء هذا العام وما بدأ يحدث للتأمينات والتقاعد.
- هناك مشروعات إسكانية لسلماباد والمنطقة الغربية.
- سيفتح مستشفى ضخم في المحرق وكذلك خصصت الدولة مبالغ ضخمة لإنشاء حدائق في أماكن مختلفة من البلاد.
- قبل عامين قمنا بنشر أسماء العاطلين من خريجي الماجستير والدكتوراه فقامت احدى المؤسسات الرسمية بالاتصال ومؤسسة ثانية أيضا ووظفتا في وجبة واحدة عددا لا بأس به.
- هذه الحرية في مراسم عاشوراء وهذه التغطية الإعلامية بادرة خير.
- لأول مرة يحدث أن توصل قضايا فساد إلى مرحلة النيابة، فملف بنك الإسكان وقضية التجاوزات في قسم المشتريات في وزارة الأشغال والإسكان وغيرهما أوصلت إلى النيابة العامة.
- هناك تفهم من قبل الدولة لتسجيل الأراضي الوقفية وهذه خطوة في غاية الأهمية، والأمل في تصحيح الأوقاف وعودة كل شيء إلى نصابه.
- عودة المبعدين، إطلاق السجناء، إلغاء الأحكام، إلغاء قانون أمن الدولة ومحكمة أمن الدولة، ومنح الجنسية لمستحقيها من المواطنين، توفير بعض الأعمال... إلخ.
هذه بعض الإيجابيات ما كانت لتحدث لو كان قانون أمن الدولة موجودا وهي لم تأتِ من فراغ... بل جاءت بفضل الوعي النضالي للشعب وإرادة ملك أحب شعبه فأحبه وحدث ما حدث. أنا لا أقول إنه لا توجد سلبيات ولكن يجب ألا نختزل كل هذه الإيجابيات ونقول: لم يحدث تغيير. هذا كلام غير منصف، والعنف سيقضي على كل ما أنجزناه وسيحرق البلاد، والفقراء هم الذين سيكونون الضحية ومن يدعو إلى العنف اليوم بطيش وبلا مسئولية سينام تحت اللحاف ساعة الخطر. المسئولية كبيرة وخطيرة وعلى المجتمع أن يحاسب أي انفلات وألا يتوانى بالتنديد اللفظي والعملي أيضا.
العمل السلمي لا يحتاج إلى حناجر وصراخ، بل يحتاج إلى خطاب معرفي ومتابعة للملفات بوعي وذكاء
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 563 - الأحد 21 مارس 2004م الموافق 29 محرم 1425هـ