العدد 561 - الجمعة 19 مارس 2004م الموافق 27 محرم 1425هـ

مرحبا بزاباتيرو صديق «المورو»

بعد رحيل أثنار

المصطفى العسري comments [at] alwasatnews.com

كما تمنى المغاربة كان الفوز حليف أصدقائهم الاشتراكيين في الانتخابات التشريعية التي عرفتها إسبانيا، والتي وضعت حدا لحكم اليمين المتشدد مجسدا في الحزب الشعبي بقيادة خوسي ماريا اثنار.

خوسي ماريا أثنار الذي حكم إسبانيا على مدى ولايتين لن يذكر له جيرانه الجنوبيون أو كما يحلو للصحافة الإسبانية تسميتهم «المورو» إلا عددا من التصرفات السلبية التي لا تتوافق مع ما تفرضه آداب الجيرة والقرب من احترام وتعاون. فمنذ أن خلف أثنار رئيس الوزراء الاشتراكي فيلبي غونزاليس ما فتئ يعمل كل ما في جهده من أجل توسيع الهوة السياسية بين ضفتي مضيق جبل طارق، فتارة وباسم ملف الصيد البحري يوجه الإنذارات الشديدة للمغاربة لكي يعودوا إلى رشدهم، و«إلا لقوا من مدريد ما يضعهم في حجمهم الحقيقي»، معتبرا أن قيام الأسطول الإسباني الأكبر من نوعه في أوروبا بالاصطياد في المياه الإقليمية المغربية الغنية بالثروات البحرية هو حق تاريخي وطبيعي مكتسب»، ضاربا بتصريحاته هذه عرض السيادة المغربية.

وتارة يطلب من شركائه في الاتحاد الأوروبي بضرورة معاقبة الرباط بعقوبات اقتصادية وتجارية، لتشجيعها ما يعتبره غزوا موريسكيا للأراضي الأندلسية عبر الهجرة غير الشرعية، وهو ما رد عليه الرئيس الفرنسي جاك شيراك بقوله «ان معالجة هذا الملف الشائك يستدعي تدابير أمنية واقتصادية واجتماعية وتعاون من لدن الجانبين المغربي والأوروبي». وتارة يوجه كامل «الأرمادا» الإسبانية مجسدة في قواتها البرية والبحرية والجوية لطرد ما أسماه بـ «قوات الاحتلال المغربي» من صخرة ليلى الملاصقة للساحل المتوسطي المغربي ضاربا بذلك عرض المواثيق الدولية وبروتوكولات الصداقة والتعاون الموقعة بين المملكتين. ليختتم سجله العدائي حياته بزيارة مدينتي سبتة ومليلية على رغم التفاهم المغربي الإسباني الذي يحذر على عاهلي ورئيس وزراء البلدين زيارتهما.

حتى العلاقة مع العالم العربي التي كان يضرب بها المثل في عهد فليبي غونزاليس بل وحتى خلال عهد الجنرال فرانكو لم تسلم من توجه أثنار اليميني، إذ وجه إليها ضربات قاسمة عبر تحالفه غير المفهوم مع بوش وبلير في حربهما الاستعمارية ضد العراق وما تلا ذلك من قلب نظام حكمه وتدمير بنياته الاقتصادية والعسكرية وحتى الثقافية، وهو ما خلف معارضة واسعة في أوساط الشعب الإسباني الذي عبر عن ذلك في مسيرات مليونية بمختلف المدن الإسبانية.

المهم ذهب أثنار وفريقه الحكومي غير مأسوف عليه وعلى نهجه العدواني، ليحل محله السياسي الشاب السينيور رودريغيز زاباتيرو الذي تلقبه الصحافة المدريدية بلقب «صديق المورو المغاربة» والذي تعول عليه الرباط شعبا وساسة العمل على ردم الهوة التي حفرها سلفه أثنار للتقريب بين ضفتي مضيق جبل طارق، وهذا ما أشار إليه السينيور زاباتيرو في أول تصريحاته الصحافية إذ اعتبر أن تقويم العلاقة مع المغرب وتطويرها سيكون في مقدمة أولويات سياسته الخارجية، معتبرا أن ما يجمع المملكتين هو أكثر بكثير مما يفرقهما مستدلا في ذلك بالروابط التاريخية والثقافية والاجتماعية والجغرافية، موضحا أنه سيتعاطى مع ملف الهجرة بما يحفظ حقوق الجارين وضمن إطار جديد يؤثثه احترام حقوق الإنسان.

وعلى الصعيد العربي، كان أهم ما استرعى نظر المراقبين والمتتبعين انتقاداته للحملة الإمبريالية للثنائي بوش - بلير ضد العراق، معلنا أنه سيقوم بسحب قوات بلاده من العراق في أقل من ثلاثة أشهر.

من جهتها فإن الرباط ومن خلال الكثير من زعماء أحزابها السياسية خصوصا المحسوبة على التيار اليساري رحبت بالتحول الذي شهدته بلاد «اللاكوريدا» معتبرين أن من شأن هذا التحول أن يوطد عرى التعاون التي وضعها باعث نهضة إسبانيا الحديثة رئيس الوزراء السابق الاشتراكي فلبي غونزاليس والتي أضعفتها وأوهنتها سياسات أثنار وفريقه الحكومي اليميني المتشدد. على أي حال فإن المسئولين في العاصمة المغربية بدأوا ومنذ الإعلان عن نتائج انتخابات 14 من مارس/ آذار في الاستعداد لمد البساط الأحمر على أرضية مطار الرباط الدولي الذي سيكون الوجهة الخارجية الأولى لرئيس إسبانيا الجديد وفق العرف السياسي السائد في إسبانيا، وبدأوا أيضا في إماطة الغبار عن الملفات المجمدة بين البلدين منذ رحيل الاشتراكيين مطلع تسعينات القرن الماضي لوضعها في إطار التباحث والتشاور الذي يجب أن يمس من البداية مستقبل الوجود الإسباني بالثغور الشمالية للمغرب بإيجاد تفاهم بين المملكتين وفق ما اقترحه العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني، وهو ما يلاقي تفهما من قبل عدد كبير من ساسة الحزب الاشتراكي الإسباني الحاكم في إسبانيا الجديدة

العدد 561 - الجمعة 19 مارس 2004م الموافق 27 محرم 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً