ربما تشكل قضية المفصولين من شركة عقارات السيف منعطفا خطيرا فيما يخص توظيف البحرينيين في القطاع الخاص ومسألة البطالة برمتها. بداية لم يكن هناك مبرر مقنع لتسريح 56 بحرينيا يعملون موظفي أمن لسببين رئيسيين هما ربحية الشركة، وقدرة البحرينيين للقيام بإدارة أمن المجمع.
النقطة الأولى تتمثل في قدرة شركة عقارات السيف على تحقيق أرباح حتى مع وجود عمالة بحرينية. سجلت «شركة عقارات السيف» أرباحا صافية في نهاية العام 2002 بلغت 2,1 مليون دينار أي بزيادة نحو 90 في المئة عن العام 2001. معنى ذلك أن الشركة لم تكن تعاني من خسارة لتبرير تسريح مواطنين. ثانيا كل الدلائل كانت تشير إلى وجود رغبة عارمة لدى الموظفين المفصولين للعمل كموظفي أمن والأهم من ذلك قدرتهم للقيام بالوظيفة المناط إليهم بأكمل وجه. فالوظيفة عادية وليست بحاجة إلى مهارات خارقة ليتم تبديل البحرينيين بآخرين من جنسيات أخرى. ثم هل يوجد دليل على قدرة الأجانب بإدارة أمن مجمع السيف بشكل أفضل من المواطنين؟
الغريب في الأمر أنه حتى الأمس القريب كانت شركة عقارات السيف تفتخر بوجود نسبة بحرنة عالية في المؤسسة. فقد أعلنت الشركة في نهاية العام 2003 عن تحقيق معدل قياسي في مجال بحرنة الوظائف يصل إلى نحو 84 في المئة من إجمالي القوة العاملة التي تضم 170 موظفا. المؤكد أن النسبة هبطت إلى القاع بعد قرار فصل 56 بحرينيا. يبقى أن توظيف البحرينيين مسئولية اجتماعية للمؤسسات العاملة في البحرين وخصوصا البحرينية منها. يذكر أن وزارة المالية والاقتصاد الوطني هي التي تدير شركة عقارات السيف عمليا نظرا إلى أنها تمتلك 45 في المئة فضلا عن امتلاك الهيئة العامة لصندوق التقاعد لـ 15 في المئة من أسهم الشركة.
يعتبر قرار تسريح مواطنين صفعة لخطط وزارة العمل والشئون الاجتماعية لتوظيف بحرينيين في القطاع الخاص ومن ثم المساهمة في حل أزمة البطالة في البلاد. تشير احصاءات الوزارة إلى وجود 164,700 وظيفة في القطاع الخاص في العام 2002 موزعة كالآتي: 55,367 للبحرينيين و109,333 للأجانب أي أن البحرينيين استحوذوا على ما نسبته 33,6 في المئة من مجموع وظائف القطاع الخاص. المعروف أن الحكومة ومنذ فترة غير قصيرة تأمل من المؤسسات الخاصة بتوظيف المزيد من البحرينيين. كما أن طريقة التسوية المالية للمفصولين كشفت عن إدارة سيئة للأزمة إذ منح المفصولين كافة أجر ستة أشهر عن كل سنة خدمة بحيث لا يقل التعويض من 20 راتبا كحد أدنى إضافة إلى تعويضهم معاش آخر كبدل إنذار لشهر مارس/ آذار والالتزام بشراء خمس سنوات خدمة من الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية. السؤال المطروح ما الحاجة لتقديم عرض سخي مثل هذا؟
على كل حال فإن خسارة أي مواطن لعمله يمثل خسارة له ولأربعة آخرين. يبلغ حجم القوى العاملة البحرينية 123,000 أو حسب تقديرات مختلفة 127,000. وتشمل هذه الأرقام ما بين 16,000 و 20,000 عاطل عن العمل استنادا إلى نتائج الدراسة التي أجرتها مؤسسة ماكينزي وشركاه في العام الماضي. ونظرا إلى أن عدد البحرينيين بلغ نحو 418 ألفا في العام 2002 (من أصل 672 ألف نسمة) معنى ذلك أن نسبة الإعالة تقف في حدود 25 في المئة أي أن وظيفة كل مواطن توفر لقمة العيش لأربعة أفراد.
اختصارا ما حدث في قضية مفصولي السيف يمثل امتدادا لمسلسل الإدارة السيئة لأزمة البطالة في البحرين بل ربما للاقتصاد برمته
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 561 - الجمعة 19 مارس 2004م الموافق 27 محرم 1425هـ