عند تعثر الاقتصاد في أي من بلدان العالم، عادة ما تلجأ الكثير منها، أول ما تلجأ، إلى صندوق النقد الدولي لإعادة هيكلة اقتصادها ليتكيف مع برامج يضعها خبراء الصندوق لانتشال اقتصاد ذلك البلد، وإعادة تهيئته لينهض من جديد.

ومرة بعد أخرى كشفت التجارب، على مدى أكثر من عشرين عاما، عن فشل برامج صندوق النقد الدولي فشلا ذريعا كانت أبرز ضحاياه بلدان من أميركا اللاتينية وبعض البلدان الآسيوية والإفريقية، وعلى رغم ذلك ما انفكت الدول التي تتعرض لعثرات اقتصادية تلجأ إلى «الصندوق» أملا في حلوله السحرية.

وآخر تجليات «إدمان الفشل» التي عرفها تاريخ برامج «الصندوق» كانت في تركيا، إذ أفادت دراسة اقتصادية أجرتها غرفة التجارة في أنقرة حملت عنوان «الدفتر المدرسي لصندوق النقد الدولي للسنوات ما بين 1999 و2004» أفادت أن برامج «الصندوق» في تركيا فشلت في تحقيق أهدافها المرجوة خلال الفترة ما بين العامين 1999 و2004. وذكرت الدراسة أن «الصندوق» لم ينجح سوى في خفض نسبة التضخم المالي، إذ كانت نسبة التضخم 56 في المئة في العام 1999، وانخفضت إلى 9 في المئة بداية هذا العام، في حين ارتفعت نسبة البطالة خلال الفترة نفسها من 7 في المئة إلى 12 في المئة، وأوضحت: «أن مجموع الديون الداخلية والخارجية ارتفع من 145 مليار دولار في 1999 إلى 292 مليار دولار هذا العام».

وفي السياق قال خبراء اقتصاديون أتراك في تصريحات صحافية أمس: «إنه على رغم نجاح برامج صندوق النقد في تخفيض نسبة التضخم المالي في تركيا، فإن هناك استياء من النتائج السلبية التي خلفتها هذه البرامج على المواطن العادي».

ومن البداهة الإشارة إلى أن هنالك ثمة بدائل فاعلة ومنتجة وجادة لمعالجة عثرات الاقتصاد التي تتعرض لها بعض البلدان هنا، وهناك، وهنالك... غير أننا لا نعرف إلى الآن لماذا تلجأ أية دولة تعثر اقتصادها إلى حل واحد أثبتت كل التجارب والخبرات على مدى ربع قرن من الزمان فشله المدوي؟