العدد 559 - الأربعاء 17 مارس 2004م الموافق 25 محرم 1425هـ

العالِم: دور الأحزاب القومية... قد استنفد

أكد المفكر والأستاذ الجامعي محمود أمين العالم أن دور الأحزاب القومية قد استنفد اليوم، فعلى الأحزاب التقدمية الامساك بالقضية القومية والمشاركة في احيائها من جديد. جاء ذلك خلال الحوار المفتوح الذي أقامته جمعية المنبر الوطني التقدمي بتاريخ الثلثاء الماضي 9 مارس/ آذار الجاري. وقد تطرق العالم في اجاباته على أسئلة الحضور الى محاور شتى مثل قضية الدين والفهم الماركسي لها، والارهاصات الأولى للمفهوم الماركسي لدى العرب، كما أشار الى خطورة المد الرأسمالي على المد القومي في بلدان الشرق الأوسط.

ففي سؤال عن الاشكالات الكبيرة التي قد تعترض قوى التغير ومنها اشكال الدين، والفهم الخاطىء له والذي أدى في وقت من الأوقات الى انحسار اليسار، أجاب العالم «انه ليس هناك من مشكلة بين الماركسية وبين الدين، وأحكي لكم عن الحزب الشيوعي في تلك الفترة من أيام شبابنا الذي كان من قياداته الشيخ صفوان الأزهري الذي كان يتكلم وكأنه أحد الأولياء، هذا الى جانب أنه في الأربعينات كان أقوى حزب من الأحزاب الماركسية هو حزب المشايخ، وأتذكر أنه في منطقة الواحات كان لنا زملاء يصلون ويصومون، حتى أننا بنينا مسجدا في تلك المنطقة أسميناه مسجد «الشيوعيين» فالماركسية ليست ضد الدين، وماركس عندما قال ان الدين أفيون الشعوب كان يقصد بذلك اللعب بعقول الناس والشباب منهم وخصوصا باسم الدين، فالرسول الكريم (ص) يقول «انما أتيت لأتمم مكارم الأخلاق»، فقيمة الدين إذا في روحانيته وأخلاقيته وليس سلطته، وحوارنا مع الاسلاميين مقبول على ألا يمسوا التقدم والبناء الحداثي.

وفي حديث عن انهيار المعسكر الاشتراكي الذي أدى الى ادخال العالم في انعطافة تاريخية وأوجد توسعا حقيقيا للقوى المناهضة للامبريالية، أثار أحد الحضور سؤالا بخصوص الخلط ما بين رفض الاستبداد واستبعاد أشكال الحرية كافة التي أفرزها الوجود الأميركي في الخليج؟ قال العالم «ان الذي احتلنا وسلب أموالنا أيام الاحتلال العسكري هو الذي يحتلنا ويسرقنا اليوم، فأنا مازلت أتذكر أيام طفولتي وكيف كنت أرى الجندي البريطاني وهو يمسك بالشباب المصري ويضربه ويهينه، فهذا التدخل الخارجي عاد علينا وعلى بلادنا العربية بسلبيات كثيرة لم نزل نعاني منها اليوم تحت اسم العولمة التي هي شكل آخر من أشكال الديمقراطية المعلبة وتحت مظلة مد رأسمالي بشع، ويكفي أن هذا التدخل أوقف العملية الماركسية التي بدأت جذورها على أيدي العلماء والمفكرين العرب أمثال: جابر بن حيان والغزالي وابن سينا، حتى نضالات الشيخ الطهطاوي. ان مصر اليوم مثلا تنفتح على النظام الرأسمالي العالمي، اذ لا بناء حقيقي للمواطن، وكل ذلك محاولة من هذا النظام للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط التي تعتبر أخطر منطقة في العالم، فمن يسيطر عليها يكون قادرا على أداء دور عظيم في بناء الحضارة العالمية.

وبخصوص المحافظة على الخصوصية مع الانفتاح على الشمولية أشار العالم الى أن تقبل الانسان العربي لمفهوم العالمية يتناقض مع مفهوم الخصوصية، اذ ان ذلك يعبر عن حال اليأس التي تشغل أذهان الكثيرين، فلا توجد في الواقع خصوصية عالمية، فالخصوصية ضد الشمولية. اذ إننا نعيش اليوم مأساة بسبب ابتعادنا عن تاريخنا القديم والمعاصر، والذي تحاول القوى الكبرى اليوم توسيع الفجوة بيننا وبينه، اذ إن تاريخنا اليوم يغلب عليه الربح الرأسمالي، الربح الذاتي الذي هو ضد الحضارة، فالواقع أن هناك استقطابا رأسماليا من قبل تجار السلاح، الذين يريدون الغاء خصوصيتنا، والأمر لا يتعلق بوحش واحد فان جميع الدول الأوروبية بدأت بمنافسة هذا الوحش كي نتخلى نحن أصحاب التراث الانساني العظيم عن مصالحنا الذاتية، فاذا قبلنا بهذا الطرح أو أبدينا رغبتنا في التعامل معه فأين نذهب بتاريخ النهضة العربية، وكيف باستطاعتنا التواصل مع فكرتها





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً