تعتبر أغنية «دليلي احتار» من روائع أم كلثوم، وجيل الشباب لم يسمع عنها ولا يستمتع بها كما نستمتع بها نحن جيل الكهول. تذكرت هذه الأغنية وأنا أسمع جرس البيت يرن قبل بضعة أيام وما أن خرج أحدهم ليرى من الطارق إذا بالإهداء السنوي الجديد «ثلاث نسخ من دليل التلفونات» يوازي حمل بعير أو أكثر. وحيث أن أبنائي الثلاثة معي ولكل منهم هاتفه الخاص ولكل هاتف دليله بالطبع من هنا أتى ساعي البريد بثلاث نسخ مرة واحدة، وبسبب التقدم الحضاري ولوازمه فإنه صار يمكن الاستغناء عن وجبة طعام في اليوم واختصاره إلى وجبتين بدل الوجبات الثلاث لكن الاستغناء عن التلفون صار شبه مستحيل.
المهم أنهم (تشاقلوا) هذه النسخ الثلاث ووضعوها على الطاولة وإذا كانت أم كلثوم رحمها الله قد احتار دليلها في تقييمها لممارسات الحبيب فإن دليلي احتار، وصرت أتساءل على من تنتهي تكاليف طباعة عشرات الآلاف من دليل لا يستخدمه (حسب ظني)95 في المئة من المواطنين إما بسبب الكسل أو بسبب ضعف البصر الذي يكاد أكثر من نصف الشعب البحريني مصاب بالسكر أو بسبب أن حجمه الذي يوازي (دائرة المعارف البريطانية) يخيفه ما يشعر الإنسان بأنه من الأسهل الاتصال بموظف استعلامات الدليل الجالس أمام جهاز كمبيوتر حديث يرشدك من غير عذاب أو وجع قلب وفي لحظات. وفي اعتقادي هذا من الحسنات لـ «بتلكو»، ولكن لماذا هذا الإسراف بطبع دليل بهذا الحجم كل عام؟
أنا واثق أنه لا تقل تكلفة الواحد منه عن الـ30 دينارا بحجمه هذا، ألم يكن من الأفضل إضافة ملحق صغير في كل عام؟ وإذا كانت بتلكو حريصة على مصلحة الناس (كما اعتقد ذلك) عليها أن تقلل من تكلفتها في طبع الدليل وثم تقلل الاسعار ايضا وتحذو حذو بعض دول الخليج بحيث تصبح قيمة المكالمات المحلية مبلغا مقطوعا ومعروفا ومعقولا
العدد 557 - الإثنين 15 مارس 2004م الموافق 23 محرم 1425هـ