العدد 556 - الأحد 14 مارس 2004م الموافق 22 محرم 1425هـ

واشنطن صعّدت لهجتها ودمشق هادئة فيما تسعى إلى فرض عقوبات عليها

فايز سارة comments [at] alwasatnews.com

.

تصاعدت في الايام الاخيرة نبرة الولايات المتحدة لفرض عقوبات على سورية استنادا الى قانون محاسبة سورية واستعادة سيادة لبنان الذي اقرته الولايات المتحدة قبل اشهر مع سورية.

وقال مراقبون في دمشق، ان تصاعد نبرة التهديدات بفرض عقوبات على سورية، يرتبط بشكل خاص بما تواجهه الولايات المتحدة في العراق من تحديات امنية وسياسية، تجعل من العراق بعيدا عن الاستقرار الذي ترغب فيه واشنطن وهي على ابواب عام من حربها على العراق واحتلاله. ويسوق المراقبون امثلة على التحديات التي تواجه الاحتلال الاميركي في العراق، اولها التحديات السياسية، ومثالها ما احاط بعملية توقيع قانون ادارة الدولة الانتقالي، وادى الى تأخير توقيعه عدة ايام وسط تحفظات، لم تقتصر على القيادات الشيعية داخل مجلس الحكم وخارجه، بل امتدت إلى اوساط سنّة العراق داخل المجلس وخارجه.

وبخلاف التحديات السياسية، فان التحديات الامنية التي تواجه الاحتلال في العراق، تبدو الأكثر حضورا بما تخلفه العمليات العسكرية والتفجيرات من آثار تدميرية، سواء اصابت قوات الاحتلال او اصابت العراقيين، ذلك ان الاحتلال هو المسئول الاول عن الأمن في العراق استنادا الى مضامين القانون الدولي.

ويضيف مراقبون في دمشق، ان واقع الامر في العراق، يدفع واشنطن للتحرك نحو دمشق، وهذا يحول الانظار عن العراق باتجاه دمشق اولا، ويشكل نقطة ضغط على سورية من اجل تغيير مواقفها وسياساتها في المسائل الاقليمية الحساسة في الشرق الاوسط ولاسيما في الموضوعين العراقي والفلسطيني، ومنه يمكن فهم جوهر الاتهامات الاميركية لدمشق، بان متطوعين يعبرون حدودها باتجاه العراق، وانها تدعم نشاطات جماعات فلسطينية وحزب الله اللبناني المناهضين لـ «اسرائيل».

وكانت آخر اشارات واشنطن الى فرض عقوبات على سورية، صدرت عن مساعد وزير الخارجية لشئون الشرق الاوسط وليام بيرنز، إذ اكد، ان الادارة الاميركية ستطبق قريبا «قانون محاسبة سورية واستعادة سيادة لبنان» بصورة تضمن «تطبيقا صارما جدا» للقانون وللأهداف التي تقف وراءه.

وقبل هذه الاشارة كان وزير الخارجية كولن باول قال: «ان حكومته غير راضية عن «النشاطات» السورية، وانها اثارت هذه المسألة اكثر من مرة مع دمشق»، واضاف، انه طالب «المسئولين السوريين خلال زيارته دمشق في السنة الماضية، ان عليهم تلبية المطالب الاميركية، او إن الكونغرس سيتحرك، وذلك في اشارة الى قانون المحاسبة».

غير ان ردود دمشق على الاشارات الاميركية تتسم بالهدوء والبرود الشديد، وتركز اقوال المسئولين السوريين على ان الحوار السوري - الاميركي هو بديل لغة التهديدات، وكتبت صحيفة «الثورة» الرسمية السورية في مقال افتتاحي، ان «سورية مستعدة باستمرار للحوار الموضوعي والبناء مع الولايات المتحدة وهي حريصة على حسن العلاقات معها». ورأت ان (المنطق يفترض ايجاد صيغ سياسية للحلول بالطرق الدبلوماسية ولغة الحوار بعيدا من التهديدات والضغوط التي تصب في مصلحة «إسرائيل»).

ويترافق موقف دمشق البارد حيال الاشارات الاميركية مع توضيحات يعبر عنها السفير السوري لدى واشنطن عماد مصطفى الذي عيّن حديثا بقوله، الحكومة السورية تدرك ان الحكومة الاميركية خلال الحملات الانتخابية «تصبح أكثر تأثرا بقوى الضغط الخاصة» في اشارة الى القوى المؤيدة لـ «إسرائيل» في الكونغرس، وان سورية تدرك «انها سنة صعبة في العلاقات السورية - الاميركية، ولكننا نريد تجاوز هذه الصعوبات» مؤكدا انه «ليست كل المطالب الاميركية معقولة او قابلة للتطبيق»، وان مصلحة سورية وأميركا ومنطقة الشرق الاوسط هي بقاء القنوات مفتوحة، لأن سورية ستبقى بغض النظر عن المواقف السياسية في واشنطن طرفا مركزيا وأساسيا، لا يمكن تجاوزه في عملية السلام او في استقرار المنطقة، وزاد مصطفى الى ذلك القول، ان تطبيق قانون المحاسبة يسيء الى العلاقات بين الطرفين و«يخلق فرصة للمزيد من الضغوط على سورية».

وتترافق رؤية السفير مصطفى لواقع العلاقات السورية - الاميركية مع نشاطات دبلوماسية مكثفة يقوم بها ازاء أعضاء في الكونغرس، وتشجيع أقطابه على زيارة دمشق، ولقاء المسئولين فيها، وطبقا لمصادر اعلامية في واشنطن، فان من المتوقع ان يصل دمشق قريبا وفد من لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، يضم نائب رئيس اللجنة السناتور جاي روكفلر وهو ديمقراطي من ولاية ويست فيرجينيا، وعضو اللجنة الديمقراطي كارل ليفن، بالإضافة الى وفود أخرى من مراكز الأبحاث.

غير ان هدوء دمشق وحركة وتصريحات سفيرها في واشنطن، قد لاتمنع بدء واشنطن فرض عقوبات على دمشق، وحسب التصريحات الاميركية، فان العقوبات، يمكن ان تبدأ بعقوبات اقتصادية، تشمل منع تصدير سلع معينة الى سورية، ووقف الاستثمارات الاميركية فيها، وعلى رغم ضعف حجم الصادرات والورادات بين البلدين، وتدني حجم الاستثمارات الاميركية في سورية، فان من شأن توقيع عقوبات اقتصادية، سيخلق ارباكات في دمشق نتيجة وجود استثمارات اميركية في قطاع النفط السوري وهو بين القطاعات التي تمول الموازنة السورية.

غير ان الاهم في اثار العقوبات الاقتصادية التي قد تتخذها واشنطن حيال سورية، هي آثار غير مباشرة نتيجة سياسات يمكن ان تتابعها دول وشركات حيال سورية، اذا دخلت الاخيرة دائرة الغضب الاميركي سواء حفاظا على مصالح تلك الدول والشركات، أو كبادرة حسن نوايا ازاء واشنطن، ولن يكون بمقدور سورية تقديم رشا وهبات لتلك الدول والشركات على نحو ما كان يفعل العراق في سنوات الحصار الدولي والعقوبات الاميركية المفروضين عليه، وهذا سيزيد الصعوبات السورية في وقت تحتاج فيه سورية إلى تجاوز صعوباتها الاقتصادية والسياسية الراهنة في آن معا

العدد 556 - الأحد 14 مارس 2004م الموافق 22 محرم 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً