منذ سنوات طويلة ودول الخليج العربية تسعى إلى التوصل إلى اتفاق تجارة حرة بينها وبين الاتحاد الأوروبي وهو الشريك التجاري الرئيسي وفي كل مرة يوشك التوصل إلى توقيعه توضع حواجز هنا وهناك بقصد أو من دون قصد ولكنها تصر على مواصلة الحوار حتى ولو كان من دون فائدة فكل هذه الأعوام التي مضت لم تحدث تغييرا رئيسيا في التوجه الذي تتخذه الدول الغربية وهو تركيع دول الخليج وفرض شروطها عليها. فبعد أن طالبتها بتوحيد الرسوم المفروضة على البضائع وبعد أن أنجزت دول الخليج مجتمعة هذا الطلب تقدمت الدول الأوروبية بطلبات أخرى!

الأمانة العامة للمجلس قالت «عندما أوشكت المفاوضات على الانتهاء وقرب التوصل إلى اتفاق للتجارة الحرة بين الجانبين تسببت بعض التعديلات والإضافات التي طلب الاتحاد الأوروبي إدخالها إلى عرقلة هذه المفاوضات» لكنه لم يشرح لنا ما هذه العراقيل التي تضعها أمام دولنا وما الهدف من وضعها وهل لدينا الحل لتخطيها قبل أن تكبو خيولنا! ولماذا لا تفضح الأمانة العامة للمجلس الدول الأوروبية وتقول للجميع بصراحة ما هي هذه المعوقات! يا ترى لو أن دول الخليج مجتمعة وليست منفردة قامت بنصف الجهد الذي بذلته مع الاتحاد الأوروبي لإنشاء منطقة تجارة حرة بينها وبين الدول العربية الأخرى لتم التوصل إليها واستفادت جميع الدول من ذلك ولكن يبدو أن الجهود تنصب على الدول الأجنبية في حين نرى أن التجارة بين الدول العربية مستمرة في التضاؤل من دون أن نحرك ساكنا لنعيدها إلى مسارها ولكن يبدو أن الله كتب على امتنا الشقاء في البر والبحر إلى يوم تقوم الساعة وأن اتفاقنا إن حصل يتلخص فقط في البيانات الرنانة!

الاتفاق الأخير بين دول المجلس ولبنان لإقامة منطقة تجارة حرة لم ستغرق مناقشته طويلا وهي خطوة تحمد عليها ويجب الالتزام بها بل وتوسيعها لتشمل بلدانا عربية راغبة فعلا في التواصل مع دول الخليج مثل المغرب وتونس والجزائر وحتى جارتنا اليمن!

كل ما علينا هو تجميع الصفوف الممزقة وتكوين مجموعة أو تكتل اقتصادي يحسب حسابها فلدى الأمة العربية الكثير من المقومات الاقتصادية والتجارية التي تؤهلها للعب دور رئيسي في هذه العالم الذي تتضارب فيه المصالح فلا الاتحاد الأوروبي أو غيره من المجموعات الاقتصادية العالمية التي يتسابق البعض لنيل رضاها يريد للأمة العربية الخير والعزة وكل ما هو مطلوب منها تقديم التنازل تلو الآخر ليس سياسيا فقط وإنما اقتصاديا واجتماعيا أيضا