ما الإشكال في التفكير في تأجيل فعالية الندوة التي ستدشن انطلاق العريضة الشعبية المطالبة بإجراء إصلاح دستوري، فإذا كان الهدف الأساسي من العريضة هو الضغط على السلطة السياسية من أجل إجراء حوار، فإن الحوار هذه المرة سيتاح مع الرجل الثالث في الحكم، سمو ولي العهد، الذي يأمل البحرينيون أن يدعم نهج الإصلاح كما فعل والده. لكن لا يُعرف إن كان اللقاء سيتم بعد الجدل الذي حدث بين أطراف في جمعية الوفاق، دونما داع، وكأن القدرة على الاختلاف انعدمت داخل البيت الواحد، وأصبحت الحاجة ملحة لحسم «المعركة» باللجوء إلى الجماهير وتبادل العرائض، التي سيكون استسهال تقديمها إفراغا لقيمتها السياسية «الاستثنائية».
التاريخ المقترح ليس مقدسا، وإذا كان هنالك ما يبرر التمسك بيوم 14 فبراير/ شباط لتنظيم المؤتمر الدستوري، تزامنا مع ذكرى التصويت على الميثاق، فإن اختيار يوم 18 مارس/ آذار لم يكن يتضمن مثل هذا الهدف، علما بأن أصواتا كثيرة داخل «جمعية الوفاق» أجرت حوارات موسعة مع المنظمين ليوم الشهيد بهدف اختيار موعد آخر، لا يصادف العيد الوطني في 17 ديسمبر/ كانون الأول. والمؤمل أن يتم تحديد مثل هذا الموعد في احتفالات العام الجاري.
في الواقع، يبدو أن الحكومة ستنقذ الجمعيات الأربع، فالموعد الذي تم اختياره غير موفق، إذ كيف يمكن إطلاق عريضة شعبية، يأمل أن تكون وطنية الطابع، دونما إجراء حوار مع القوى السياسية المختلفة؟ بما في ذلك القوى المشاركة في البرلمان. وهذه فرصة للقول إن التأجيل تم بناء على طلب الحكومة، لإظهار حال إيجابية أمامها، كما ستتاح فرصة لشرح أهداف العريضة للحكومة والقوى السياسية.
من الحكمة تأسيس المواقف السياسية على الثوابت، من دون الانجرار إلى قضايا ليست من الثوابت في شيء، وهذا الخلط بين ما هو قابل للنقاش وما هو غير ذلك، هو أحد أسباب ما يحدث حاليا
العدد 555 - السبت 13 مارس 2004م الموافق 21 محرم 1425هـ