يمكننا أن نتفهم الدوافع التي تدفع عددا من شبان المنامة إلى أخذ زمام المبادرة وتلبس دور رجال الأمن، وذلك بقيامهم بمداهمة بعض من أوكار الفساد في الأحياء، وذلك بعد ما قيل عن تلكؤ الجهات المعنية مباشرة في ضبط هذه المواخير التي بدأت تجاور السكان وتتغلغل بينهم.

ولكن هذا التفهم لا يعني الموافقة والتواطؤ، بل ولا حتى التشجيع على الإتيان بمثل هذه الأعمال، ذلك لأن الأمر يترشح للانفلات إذا ما ظن الشبان المتحمسون أنه بمقدورهم تصفية هذه الأوكار ورسم الخطط لمداهمتها، و«اعتقال» من فيها، و«ضبط» المخالفين، لأن هذه الأمور من أعمال رجال الشرطة الذين ما وظفوا إلا للقيام بجملة من الأعمال، بما فيها ما سبق سرده، كما أنه من السهولة أن يثبت المحامون، بل وحتى الحقوقيون (إن أرادوا الالتصاق بما نذروا أنفسهم له) عدم شرعية وقانونية المداهمات الأهلية هذه، وبالتالي، سيصاب الشبان بالإحباط إن رأوا أولئك النفر أنفسهم أحرارا يتقلبون في الأسواق، بعدما ظنوا أنهم قضوا على الرذيلة.

ومشكلة أخرى تتعلق بما يمكن أن يتم أثناء المداهمة من اشتباك، وتبعات ما ينتج عن ذلك، فمن ذا الذي سيتحمل أن تزهق أرواح - لا قدر الله - نتيجة التدافع بحماس الشباب الغيور، وفطرة النجاة والخوف لدى «المكبوسين».

إن الجهات التي يمكن لأي مواطن أو مقيم أن يدلي بصوته فيها باتت كثيرة، ويمكنه من خلالها أن يشكل جماعات ضغط، ويتخذ من النشاطات السلمية سبيلا لمقصده، وإن شكا البعض من بطء الإجراءات، فإن المحافظات التابعة لوزارة الداخلية، والمجالس البلدية، والنواب، والتجمعات الشعبية، والعرائض والمطالبات لدى ذوي الشأن، كلها وسائل يمكن طرقها لحل أي من قضايانا، لئلا يختلط الحق بالباطل، ويقع المحذور، حتى ولو سما القصد، وشرفت الغاية