بينما تعج الساحة السياسية البحرينية بالملفات المتضاربة انبرى رجل من رجالات البحرين للدفاع عن أموال الأوقاف المهدورة منذ ثمانين عاما، وانبرت امرأة من نساء البحرين للدفاع عن آثار وتراث البحرين الممتد إلى أربعة آلاف سنة.
السيدضياء الموسوي يتصدر البحرينيين ويكاد يكون منفردا في كثير من الأحيان، للدفاع عن أموال الحقوق والأوقاف التي ذهبت وتذهب سدى. الشيخة مي آل خليفة تتصدر البحرينيين، وتكاد تكون منفردة في كثير من الأحيان، للدفاع عن تراث وآثار وثقافة البحرين التي دمر الكثير منها ومازالت معرضة لمخاطر التدمير الذي قد يقضي على كل معاني التاريخ البحريني.
امرأة مثل الشيخة مي آل خليفة حصلت على جائزة من جامعة الدول العربية بصفتها امرأة قيادية مبدعة ولكنها تعيش محاصرة في وزارة قررت شن الحرب عليها من كل جانب وبصورة علنية. فلا تكاد تذكر اسمها أمام هذا الشخص أو ذاك وإذا بالعبارات النابية والاتهامات لها تنهال عليك. وفي الوقت ذاته نعلم أنه وبسببها تم انقاذ جزء من قلعة البحرين وبسببها عادت البعثة الدنماركية من جديد لتواصل أبحاثها في التنقيب في أجزاء من معابد باربار الثلاثة، وبسببها قررت اليونسكو دراسة امكان وضع قلعة البحرين على قائمة التراث الانساني لحمايتها من المسئولين الذين عبثوا بها عندما خرجت بعثة التنقيب الفرنسية من البحرين في الثمانينات.
بسبب مي آل خليفة ستكون هناك احتفالية بمناسبة مرور خمسين عاما على اكتشاف حضارة دلمون على أرض البحرين... وبسبب مي تم تقدير مكتشفي حضارة وآثار دلمون، مثل جيفري بيبي وغلوب، عبر تخليد أسمائهم في قاعات متحف البحرين.
الجزاء الذي تلاقيه مي هو «جزاء سنمار» اذ يتم اعداد الهجوم الذي يتمنى القائمون عليه القضاء عليها وعلى اسمها وعلى ثمار عملها من دون دمعة تذرف على ما سيخلف.لف ذلك من آثار سلبية.
في الطرف الآخر، يقف السيدضياء محاربا صلبا مزودا بالوثائق التي تتحدث عن مآس حقيقية مستمرة منذ ثمانين عاما. فالحسين (ع) الذي يبكيه البحرينيون كل عام يقوم البعض بالعبث بأموال موقوفة باسمه كل يوم من أيام السنة، وكأنهم يقولون «كل يوم عاشوراء» ولكن بالمقلوب!
ليست التهمة موجهة للأبرياء الذين كتب عليهم الزمن الارتباط بالأوقاف فهؤلاء شرفاء، ولكن الحديث يتوجه لمن عليه الوثائق الكثيرة التي تدينه بما لايترك مجالا للشك.
لا أدري اذا كان جزاء السيدضياء سيكون مثل «جزاء سنمار» ومثل «جزاء الشيخة مي»... هؤلاء هم الذين يضحون بأنفسهم من أجل المصلحة العامة، هؤلاء هم الذين يخرجون رافعين شمعة في ظلام دامس بينما ينظر الآخرون كمتفرجين وربما مباركين لما سيحدث لهم.
هل نحن كشعب فقدنا الاحساس والحمية، بحيث نترك الشيخة مي والسيدضياء لوحدهما يدافعان عن أمر يخص الأمة كلها؟ هل سنشاهد كيف يفعل بالشيخة مي وربما يفعل بالسيدضياء من دون أن نقول كلمتنا ومن دون أن ندلوا بدلونا؟ ... أسئلة كثيرة موجهة لجميع من لهم عقل وقلب في هذا البلد الطيب
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 554 - الجمعة 12 مارس 2004م الموافق 20 محرم 1425هـ