تصاب بالذعر وأنت تقرأ واقع هذه الأمة. كيف أصبحت منهكة، ضعيفة تتكفف الخبز، تسأل عن مواردها فالكثير مصابون بداء الفقر. يتكلم النظام العربي عن التنمية الاقتصادية، والإحصائية تقول له: بلغ دخل العالم العربي القومي السنوي 531 مليار دولار وهو أقل من الدخل السنوي لإسبانيا وحدها. طبعا حصل ذلك لعدة أسباب فمن أسباب هدر الموازنة العامة الفساد المالي والإداري، فالثروة القومية كثيرا ما تبدد في مشروعات مزاجية أو غير مدروسة وأحيانا تبدد بسبب الفساد. اليوم نحن بحاجة إلى الضغط السلمي سواء عبر البرلمانات أو الصحافة أو مؤسسات الرقابة أو جمعيات الشفافية للضغط على أية مؤسسة تمارس الفساد. ما نعيشه اليوم من أزمات سياسية هو بسبب غياب الخبز، والرسول (ص) يقول: «لولا الخبز ما صلينا ولا صمنا» و«لولا الخبز لما عبد الله».
يقول صادق النيهوم في كتابه «محنة ثقافة مزورة»: «إن غياب الديمقراطية لا يجعل الناس مجانين بل يجعلهم يفقدون عقلهم الجمالي». فغياب الديمقراطية يسبب انتشار الفساد، والفساد المالي هو الطاعون الذي يأكل كل شيء أمامه لهذا نحن بحاجة إلى رقابة حقيقية على المؤسسات.
وفلاسفة اليونان يقولون: «السلطة المطلقة مفسدة مطلقة» وكلما وجدت أجهزة رقابية جادة حدّ ذلك من صلاحية بقاء الفساد. بالأمس كنا نتكلم عن التجاوزات التي حدثت في الأوقاف وعن خطر بقاء بعض الأعضاء على إيجارات بعضها وقع أيام عضويتهم. اليوم أدعو إلى ترسيخ مبدأ «الذمة المالية» سواء للوزراء السابقين أو الحاليين وكذلك للمسئولين في المؤسسات. نريد ترسيخ مبدأ «من أين لك هذا؟» لقد وصلتني رسائل عن أحد الوزراء أتمنى ألا تكون صحيحة ولكن هذا لا يعني ألا نفعّل هذا المبدأ.
بالنسبة إلى الأوقاف أتمنى وكلي رجاء وطني صادق أن يقوم أي عضو سابق أو لاحق أو رئيس سابق أو لاحق بعملية تصحيح وضع العقارات والأراضي التي رست عليهم، وتعديل الوقف، وإلغاء العقود حتى لا نضطر إلى كتابة كل شيء عبر الصحافة وبالتفاصيل. نقول ذلك لأن هدفنا إصلاح الوقف وليس الإثارة وخصوصا أننا نعيش هذه الحرية الصحافية التي تستمد قوتها من وعي الأمة ومن حضارية مشروع الإصلاح. ومازلت أقول: يجب أن نستثمر هذه الحرية لتصحيح الوضع، والشكر موصول لجلالة الملك - حفظه الله - الذي استطاع أن يدفع باتجاه ترسيخ الحريات العامة وإعطاء الصحافة دورا في ذلك.
بالنسبة إلى الأوقاف، انا على استعداد لتشكيل مناظرة علنية أمام الجميع ليطرحوا ما لديهم ولأطرح ما لديّ من نقد لأداء الأوقاف ولما حدث لكل التجاوزات... ليقدموا أوراقهم وأقدم أوراقي في ذلك. أما بالنسبة إلى ردود فعل الشارع البحريني فقد استطعنا عبر «اللجنة الشعبية للدفاع عن الوقف» الحصول على بعض المعلومات المهمة وتسجيل بعض شكاوى المآتم، وهذا الأسبوع سنقوم بطرح إشكال مهم وموثق عن قضية مهمة. ونحن نشكر كل الاخوة الذين مازالوا يسعون إلى تصحيح الوضع في الأوقاف، شاكرين تجاوب بعض المآتم وتفاعل المجتمع البحريني.
طبعا ذكرت أن ما طرحته عن الأوقاف يمثل 2 في المئة من التجاوزات، وهناك أوراق في غاية الأهمية سنطرحها في الوقت المناسب سواء عن بعض الرؤساء أو الأعضاء وحجم التجاوزات في قضايا لم نتطرق إليها. ولن نذكرها الآن خوفا من تعرض الناس في الدولة للصدمة. لن نذكرها آملين في تصحيح الوضع وحفاظا على المصلحة العامة ولكل حادث حديث
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 553 - الخميس 11 مارس 2004م الموافق 19 محرم 1425هـ