نذكر جليا عندما سقط رئيس العراق المخلوع صدام حسين في قبضة الأميركان في ديسمبر/ كانون الاول الماضي كيف تباكت بعض الأقلام على نظام البعث العراقي بكلمات منتقاة تروج للعروبة والقومية لمجرد الاستهلاك الدعائي.

ليس هذا فحسب فقد كان المتمصلحون من أمثالهم يتقنون فن هذه اللعبة التي تدغدغ مشاعر الشارع العربي الذي تحمس لفترات الى صور صدام «القومية» التي سرعان ما تعرت حقيقتها لينكشف ما كان يخفيه المستور!

إن مثل هذه الأقلام التي تنتشر في بعض صحفنا تسعى الى نقل عواطف صدام وأفكاره الدعائية بدءا من مناهضة حركات الماسونية والصهيونية الى تثبيت مبادئ العروبة والقومية التي كان على الدوام يتغزل بها في خطاباته الحماسية على مرأى شاشات الفضائيات وكأنه إله الخلود الأبدي الذي لم ولن تهزه وعكة أو زلزال.

للأسف كانت مجرد شعارات وأقوال في الهواء بل وخدعة ضحك بها صدام على ذقون بعض العرب ممن رأوا في شخصه صورا بعيدة عن حقيقته.

إن كان هذا جليا مع حال صدام وعدم تقبل أكثرية الناس صورة وحقيقة هذا النظام البائس ورموزه فإن الوضع لا يختلف كثيرا مع غيره. الاميركان من جانبهم يخلقون شخصيات مماثلة لصدام، مثل الزرقاوي وغيره ويخلقون لهم الهالة لدى الاخرين، سواء عن قصد أو غير قصد.

المتهم الرئيسي في حوادث سبتمبر/ أيلول في نيويورك أسامة بن لادن ترتفع صوره كانموذج بطولي لدى الكثيرين. وعدم تمكن الأميركان حتى اليوم من إلقاء القبض على بن لادن يصنع له هالة أكبر لدى المعادين للولايات المتحدة.

صناعة النجم (لكي يعبده الآخرون) قد تكون بجهود ذاتية كما كان الحال مع صدام، وقد تكون اميركا هي التي تصنعه كما صنعت نجوما أيام محاربة جيش الاتحاد السوفياتي الأحمر في أفغانستان ، وقد يكون بترتيب حزبي من جماعة تود الظهور الى السطح عبر تضخيم واحدة من شخصياتها.

ولكن ماذا بعد انتهاء الصنم المعبود كما هو الحال مع صدام؟ وماذا لو سقط بن لادن في قبضة الأميركان؟ وماذا لو استدعت الظروف ان يتسلم احد المتضخمين مسئولية عامة تبين حقيقة عجزه امام مجتمعه؟ إن المعادلة تتغير في الواقع ولكنها تبقي هي ذاتها مع الذين فقدوا الرشد وضخموا الاصنام أو عبدوها، فهؤلاء يستمرون في عبادتهم لهذه الشخصية او تلك حتى مع سقوط نجمها، ما يحولهم الى مادة للتندر والاستهجان