العدد 553 - الخميس 11 مارس 2004م الموافق 19 محرم 1425هـ

فيما «معرض الكتاب» على الأبواب... تساؤلات عن واقع المكتبات

يوم المكتبة العربية يمر بلا فعاليات

كالعادة مرت ذكرى يوم المكتبة العربية التي صادفت العاشر من مارس/آذار من دون فعاليات رسمية أو أهلية تذكر، ربما لقرب هذه الفعالية من يوم الكتاب العالمي الذي تحتفل فيه البحرين الشهر المقبل، وفيما ترتقب الأوساط الشعبية بحرارة معرض البحرين الدولي الحادي عشر للكتاب الذي ستنطلق فعالياته بعد أيام، تبرز أسئلة كثيرة عن واقع المكتبات في البحرين العامة منها والتجارية الخاصة، ومدى تهيئها لاستقبال هذه الفعاليات التي يشكل الكتاب محورها الأساسي، وكانت لنا وقفة مع مسئولي عدد من هذه المكتبات الذين تحدثوا عن الواقع الذي تعيشه المكتبات والمعوقات وآليات التطوير، فكانت لنا وقفة للتعرف عن كل ذلك.

كانت البداية مع رئيس إدارة المكتبات العامة منصور سرحان الذي تحدث عن تاريخ المكتبات في البحرين التي عرفها في فترة مبكرة بالنظر إلى محيطها الخليجي «شهدت البحرين تأسيس المكتبات العامة في فترة مبكرة من تاريخ المنطقة، فأول مكتبة عامة فتحت في البلاد في العام 1946م سميت بمكتبة المنامة العامة، وضمت 2500 كتاب، وتم الاشتراك في بعض المجلات بالإضافة إلى ما يصلها من مجلات وصحف باللغة الإنجليزية من دار الاعتماد البريطاني (في فترة الانتداب)».

ويتابع سرحان «افتتحت هذه المكتبة في شارع الشيخ عبد الله بمبنى دائرة المعارف آنذاك، وتم نقلها في مطلع الخمسينات إلى مقرها الحالي، وتوسعت إلى أن أصبحت تضم أكثر من 60 ألف كتاب، وتطورت مع مرور الأيام فأصبحت في العام 1975م مكتبة إيداع للمصنفات الوطنية بموجب قانون أميري صادر في ذلك العام.

ونظرا لما حازت عليه المكتبة من سمعة طيبة أصبحت مكتبة إيداع لمطبوعات الأمم المتحدة، إذ تصل المكتبة العامة اعتبارا من ذلك العام وحتى يومنا هذا جميع المطبوعات التي تصدرها الأمم المتحدة من وثائق ومعاهدات ومطبوعات خاصة بالتصحر وحقوق الإنسان ونزع السلاح والتمييز العنصري، كما تصل المكتبة أيضا المطبوعات الصادرة عن الوكالات التابعة للأمم المتحدة ومن بينها (الفاو) و(اليونسكو) والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. وانطلاقا من عملية التحديث فقد أسست مكتبة موسيقية في الثمانينات وضمت هذه المكتبة الأشرطة الموسيقية الكلاسيكية والآلات الموسيقية ويتم التدرب عليها مجانا. ومع ازدياد الطبقة المثقفة والمتعلمة في البلاد، تم فتح فروع للمكتبة العامة، وأول فرع فتح في العام 1969م بجزيرة المحرق، وهذا الفرع تم تطويره وإعادة بنائه وفتح في العام 1997م، وأطلق عليه «مكتبة بنك البحرين الوطني»؛ نظرا لتحمل المصرف كلفة البناء. وفي العام 1971 شهدت البحرين افتتاح مكتبة مدينة عيسى العامة، وسبقتها تجربة المكتبة المتنقلة التي تقوم بالتطواف على القرى والمدن التي لا تضم مكتبات، وهي تجربة استمرت إلى العام 1975.

نقلة نوعية

لكن العام 1976 شهد نقلة نوعية على هذا الصعيد، فقد تم افتتاح 4 مكتبات في دفعة واحدة في سترة وجدحفص والرفاع الشرقي والحد، ولحقتها مكتبة عراد العامة التي افتتحت في العام 1979م، وجميع هذه المكتبات تضم أقساما للأطفال مزودة بالكتب المبسطة التي تتناسب وهذه الشريحة العمرية، وأقسام خاصة بالسيدات، فضلا عن أقسام خاصة لقراءة الصحف. وتم حاليا إدخال خدمات الحاسوب في جميع المكتبات العامة، إذ أصبحت جمعيها «مؤتمتة» ما سهل على الباحث والقارئ الحصول على المعلومات التي يريدها في أسرع وقت، والى جانب الكتاب الورقي «التقليدي» يوجد الكتاب الالكتروني المتمثل في الأقراص المدمجة أو في شبكة الانترنت.

معلم حضاري وثقافي

وعن آلية تطوير المكتبات الموجودة التي فاقت بعضها نصف قرن من الزمان يجيب رئيس المكتبات العامة قائلا «بالفعل فإن مكتبة المنامة العامة موجودة في مبنى يرجع تأسيسه إلى العام 1950م، والواقع أن هذا المبنى كان مقرا سكنيا لرئيس البعثة التعليمية المصرية، إلا أن التوسع الذي حصل في العامين 89 - 1991م شمل مجموعة من الفصول التابعة للقسم التجاري سابقا»، ويضيف سرحان «باعتقادي أن المكتبة لاتزال تؤدي خدماتها، ولكن على رغم ذلك فإني لا أنكر أن للمبنى تأثيرا على رواد المكتبة من باحثين قراء».

وعن المكتبات العامة الجديدة التي تعتزم الدولة تنفيذها يجيب سرحان «يأتي مشروع مكتبة الشيخ عيسى الوطنية والمؤمل الانتهاء من تشييدها مطلع العام 2005 وستكون معلما حضاريا وثقافيا في المملكة وأكبر مكتبة من نوعها في البحرين من حيث المساحة والمراجع العلمية، إذ ستستوعب 250 ألف مجلد، وتصل كلفتها الإجمالية إضافة إلى قاعة المؤتمرات التابعة لها في حدود الـ 17 مليون دينار بحريني».

لكن سرحان لم ينف حاجة بعض المناطق إلى المزيد من المكتبات «نعم هناك بعض المناطق ذات الكثافة السكانية المرتفعة هي بحاجة إلى عدد أكبر من المكتبات العامة لتستوعب هذه القفزة السكانية، ومن أهم هذه المناطق شارع البديع في المحافظة الشمالية ومدينة حمد ومنطقة النويدرات في سترة» وفي الحقيقة أن المكتبات العامة تعتبر «جامعات شعبية»، ويمكن للمؤسسات التجارية المساهمة في رفدها، أو تبني بناء مكتبات عامة جديدة».

تراجع حركة المبيعات

وبعدما كانت لنا وقفة مع المكتبات العامة، انتقلنا إلى نظيرتها التجارية والتي كان لها دور كبير في تفعيل الحركة الثقافية في البلاد جنبا إلى جنب مع المكتبات العامة، إذ حاورنا جابر الماحوزي «مكتبة الماحوزي» الذي أكد لنا «أن المعوق الأساسي في تراجع البيع يعود إلى عزوف شريحة كبيرة من المجتمع البحريني عن القراءة خلال الآونة الأخيرة، وهذا لا ينطبق على البحرين فحسب بل هي ظاهرة آخذة في التصاعد عالميا»، مطالبا الجهات الحكومية المعنية ومؤسسات المجتمع المدني، بالعمل سويا على إعادة الحركة الثقافية إلى سابق عهدها. وعن آليات التطوير المفترضة يجيب جابر «في الحقيقة لن تتطور المكتبات إلا في حال تجاوب وزارة الإعلام مع مطالبنا ومنها تزويدنا بقائمة بأسماء العناوين الممنوعة، وأسباب منعها خصوصا ونحن نعيش أجواء الشفافية، فمن غير المبرر أن تكون بعض الكتب المتداولة مسموح بها ثم تسجل لاحقا في الكتب المحظورة على رغم أن مادتها العلمية لم يشبها أي تغير يستدعي المنع».

أما رئيس مكتبة دار الجنان عيد الهدي فتحدث بإسهاب عن العقبات التي تواجه المكتبات في البحرين فيقول «في الواقع من خلال خبرتنا التي تصل لعشر سنوات مع الكتاب الإسلامي، فنرى أن رب الأسرة يضع الكتاب الإسلامي في نهاية اولوياته؛ فسيفكر في شراء الكتاب في حال وجود متسع من الوقت والمال لكن مع ذلك فهناك حرص في قطاع الشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم الـ 30 عاما».

مشاكل الاستيراد

يضيف الهدي قائلا «نحن نواجه مشكلة تتمثل في استيراد الكتب من دور النشر الخارجية، فعلى رغم أن مستوى الرقابة في البحرين تعد معقولة، إلا أننا نواجه مشكلات قبل وصول الكتب إلى البحرين عن طريق البر، فتخرج البضاعة من العاصمة اللبنانية بيروت، مرورا على الاراضي السورية والأردنية وانتهاء بالأراضي السعودية التي تمثل عقبة كبيرة في أحيان كثيرة، وقد واجهتنا مشكلة إرجاع شحنتين من الكتب خلال شهرين من قبل سلطات الجمارك السعودية بحجة أنها ممنوعة وفقا للقانون السعودي لا البحريني، وقد حاولنا تحريك الوضع ولكن لم نلق استجابة حقيقية من قبل الأطراف المعنية».

وعن قاذمة الممنوعات يرى عيد «في الحقيقة لاتزال هناك بعض العناوين الممنوعة، ولا توجد قائمة نزود بها، وتبقى هذه المسألة خاضعة لمعايير غير واضحة بالمقدار الكافي، وتم جمع التوقيعات لتأسيس جمعية أصحاب المكتبات والناشرين بشكل رسمي بطلب جاهز، لكن لم يبت في هذا الموضوع من جهة الجانب الرسمي حتى الآن». وبخصوص تأثير المعارض المقامة في البحرين بين حين وآخر يجيب الهدي «من البديهي أن نشارك كمكتبات بحرينية تستورد من الخارج في المعرض، ولكن تبقى نسبة المبيعات بالنسبة إلينا محدودة خصوصا مع وجود كبريات دور النشر والشركات العربية»

العدد 553 - الخميس 11 مارس 2004م الموافق 19 محرم 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً