تسربت أنباء من داخل سجن جو المركزي عن محاولة أحد النزلاء الانتحار، ذاك السجن الذي أقدم سجناؤه على ثلاثة إضرابات متعاقبة، آخرها تم قبل سبعة أشهر، لتنفيذ مطالبهم المتمثلة في «إعادة النظر في الأحكام التعسفية والغيابية - بحسب قولهم - والسماح للجهات الحقوقية بزيارة السجن ... وحسن المعاملة والتأهيل والتعليم، وفصل الفئات العمرية المتفاوتة عن بعضها بعضا، وفصل المرضى عن الأصحاء، الخ».
إلا أن المعلومات الأخيرة الواردة من أحد أقرباء السجناء تؤكد أن أكثر مطالبهم لم تتحقق بعد، إذ لم يتم فصل الفئات العمرية عن بعضها، و«الخلط ما بين المصابين بالتهاب الكبد الوبائي مع الأصحاء مازال مستمرا»، و«تقليص وقت الزيارة وعدد الزوار من 12 إلى 3»، و«التفتيش، وعدم السماح للسجناء بارتياد الساحة الخارجية».
إلا أن مصدرا في وزارة الداخلية نفى كل ذلك، وذكر أن «لا أساس له وعار تماما من الصحة، ذلك أن الإدارة تعمل على تلبية مطالب السجناء، وذلك بما يتماشى مع الأنظمة المعمول بها بدءا من التعامل من قبل إدارة السجن تجاه النزلاء المتمثل في الحفاظ على كرامة وإنسانية كل نزيل وبما يتفق مع القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء والإعلان العالمي لحقوق الإنسان».
إلى ذلك، علمت «الوسط» وبعد هذا التصريح الرسمي مباشرة أن المخدرات مازالت تُسرَّب إلى داخل السجن، وأن المتهمين بالتحريض على الإضرابات نُقلوا الى قسم رقم (1)، وكان هذا القسم خاصا بالمعتقلين السياسيين أثناء حوادث التسعينات، ومن المعروف أنه «ليس جيدا»!
في كل مرة يُنشر تصريح لأحد أقارب السجناء، أو من السجناء عبر الهاتف، تنفي الداخلية كل ما يرد منهم، وترد على الفور على «مزاعم» الصحافة - على حد تعبيرها - فلماذا لا تقطع (الداخلية) نزاع القوم، وترد على المعلومات «المُحرضة» بالسماح للجهات الحقوقية بزيارة السجن، والاطلاع على أوضاع السجناء، ومعرفة ما إذا كانت إدارة السجن تُطبق القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء أم لا، ولمعرفة ما إذا كان هناك مرشدون اجتماعيون ونفسيون من عدمه؟
ويبدو أن مسلسل التناقضات والتضارب في التصريحات لن ينتهي مادامت الجهات المُحايدة ممنوعة من الزيارة، إذ ستصاغ السيناريوهات، وستقفز أخبار بين الفينة والأخرى تنبئ بسوء الأوضاع... فهل تغتنم «الداخلية» الفرصة لتكشف عما في الداخل؟
العدد 553 - الخميس 11 مارس 2004م الموافق 19 محرم 1425هـ