يقف الإصلاح الاقتصادي في طليعة التحديات التي يواجهها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يتطلع للفوز بفترة رئاسية جديدة في بلاده، وتعد الإصلاحات الاقتصادية اختبارا حقيقيا لقدرة بوتين على إعادة روسيا مجددا إلى ساحات الريادة، ذلك لأن هذا البلد الذي يعاني اقتصاده مشكلات بنيوية مزمنة في حاجة إلى ثورة إصلاحية جذرية تعيده إلى الحضور الفاعل في الساحة الاقتصادية الدولية.
ويسعى بوتين وفق برنامج إصلاحي صارم، وبمعاونة فريق تم اختياره بأناة، إلى الحد من الروتين وتشجيع الشركات الصغيرة ومحاولة خفض الاعتماد المزمن على صادرات النفط ومنح الأولوية لإرساء أسس نظام مصرفي حديث لتحويل الأموال للقطاعات الاقتصادية المتعطشة للقروض.
وكان بوتين نجح خلال فترة رئاسته الأولى في تحقيق الاستقرار لاقتصاد لايزال يعاني من أزمة التخلف عن سداد الدين المحلي في العام 1998 وحدّث النظام الضريبي العتيق وأرسى أسسا قانونية لحقوق الملكية.
ويضع نصب عينيه الآن مضاعفة حجم الاقتصاد في غضون عشرة أعوام وتحسين مستوى معيشة نسبة كبيرة من الفقراء في روسيا الذين يمثلون ثلث تعداد السكان والحد من الاعتماد على صادرات النفط والمعادن.
ومن نافلة القول إن برنامج بوتين الإصلاحي سيواجه بمقاومة شرسة من الجهاز الإداري الضخم والخامل والفاسد في غالبية الأحوال، كما ستواجه خططه لخفض الخدمات المدنية ومسئوليات الحكومة بمقاومة شديدة. ويتوقع اقتصاديون أن يحقق الاقتصاد الروسي نموا يتراوح بين 6 و7 في المئة هذا العام بعد أن حقق في العام الماضي نموا بنسبة 7,3 في المئة بفضل صادرات النفط، غير أنهم يقولون إنه سيكون من الصعب تحقيق توقعات بوتين بشأن النمو طالما استمرت روسيا تحت رحمة أسعار النفط والمواد الخام.
ويعتقد كثيرون أن بوتين نجح في تشكيل فريق قوي يدفع الإصلاح الاقتصادي إلى الأمام. ويرى بعض المحللين أن فريق الإصلاح يبدو الآن أكثر انسجاما ومن المرجح أن يتكون من تشكيلة. أكثر فعالية من الحكومة السابقة.
وفي كل الأحوال سيبقى إصلاح الاقتصاد التحدي الأقوى الذي سيؤكد قدرات بوتين القيادية أو يعيده إلى نهج قادة روسيا التقليديين القائم على قمع الآخر وعزله، غير أن تبدلات الزمان لا تسمح لنهج كهذا أن يسود في عصر العولمة والحريات وثورة الاتصالات
العدد 552 - الأربعاء 10 مارس 2004م الموافق 18 محرم 1425هـ