إدارة الأوقاف الجعفرية كانت السباقة في الرد على كل صغيرة وكبيرة ترد في الصحافة، لكنا لا نعلم لماذا لجأت إلى الصمت هذه المرة؟ قبل أشهر قلائل صرحت الأوقاف عبر الصحافة بأنه «لا يوجد فلس واحد خرج في غير مكانه...». عندما قرأت ذلك استلقيت على قفاي ضاحكا وقلت في نفسي: عجبي من هذا الزمن... كيف يجرؤ أحد على أن يقول ذلك وهم بعينهم شهدوا صورا مختلفة من التجاوزات والفساد؟
حقيقة، أناشد الدولة الإسراع في النظر إلى ما يجري في الأوقاف، وأن تقوم بإلزام بعض الرؤساء والأعضاء السابقين بإلغاء عقودهم، وأن يقوموا بتعويض الوقف لأي تجاوز حصل في فترة رئاستهم سواء من أعضاء أو رؤساء، وأن يقوموا بالتنازل عن كل ذلك، وأن يدفعوا الفارق بل وأن يُفتح تحقيق في هذا الأمر، فما عاد الوضع يتحمل كل هذه التجاوزات ولم تبق حجة في ذلك، فالأرقام طُرحت والوثائق كُتبت وما على الدولة إلا قراءة أرقامها ومن ثم التحقق مما كُتب، والجميع في انتظار رد إدارة الأوقاف.
ويبقى السؤال: لماذا صمتت الإدارة الحالية عن كل هذه التجاوزات التي حدثت؟ ولماذا لم تقدم تقريرا إلى ديوان الرقابة المالية عندما مكث أشهرا يبحث عن الموضوعات؟ لماذا صمتت وخصوصا أنها تعلم أن تداعيات الإيجارات والعقارات للأعضاء السابقين مازالت مستمرة، إذ مازالوا محتفظين بالأراضي والعقارات؟ فلماذا لم تلجأ إلى إلغائها لأن الكثير منها تمت كتابتها وتوقيعها فترة رئاسة أو عضوية هذا «البعض»؟
طبعا ما يجري في الأوقاف يذكّرني بقصص «ألف ليلة وليلة»، فتجد أن بعض الرؤساء مع أبنائهم وكذلك بعض الأعضاء، بعض عقودهم تتم قبل دخولهم مجلس الأوقاف وأثناء بقائهم في المجلس وبعد خروجهم من المجلس على طريقة «طالع ماكل، نازل ماكل»... تجد بعضهم على علاقة بالإدارة في البيع أو الشراء أو التأجير وإذا به يُرشّح للعضوية فيتم تعيينه داخل المجلس... يبقى فترة وإذا به يتضخم بالإيجارات والمناقصات و«يوفقه الله» للخروج من الإدارة عندما تُعيَّن إدارة جديدة، ولكن هل ينتهي مسلسل «غارة علي بابا»؟ أبدا! فبعد خروجه من الإدارة أيضا يحصل على إيجارات ومناقصات، وهكذا نحن نبكي في المآتم ولا نعلم بالمأتم الكبير كيف يُدار وأين ذهبت أموال الحسين (ع) طيلة هذه الأعوام؟
باختصار شديد، لأننا أُميِّون بقينا سنين نتناقش عن البيضة والدجاجة، وعن حرمة قيادة المرأة للسيارة، أو على قضايا تقليد، وغفلنا عن أقدس وأطهر أموال في العالم، أموال وقوفات أبي عبدالله الحسين (ع). من منا يعلم عنها شيئا منذ فترة الستينات إلى يومنا هذا؟ هل منا أحد سأل أين ذهبت الأموال؟ أين ذهبت الأراضي؟ هل المحكمة الجعفرية كانت تعلم عن بعض إجازاتها الشرعية في قضية الشراء أو البيع؟ وعلى رغم صرخة «الحدّاد» العالية في مقابلته مع الصحافي المتميز «حسين خلف» فإنه لم يُسمع منها إلا الصدى. وعلى ذكر «الحدّاد» ماذا لو حصل «الحدّاد» على كل هذه الوثائق أثناء التحقيق، هل بالإمكان أن يكون عليه ضغط الاعتذار؟
ويبقى السؤال: ... وماذا بعد طرح كل هذه الحقائق؟
ما نطالب به هو تغيير مجلس الإدارة وأن تُعطى للمجتمع فسحة لاختيار أشخاص يمثّلونه، وعلى العلماء أن يعطوا موقفا واضحا في هذا الأمر، فالفرصة جاءت على طبق من ذهب، والكل يتطلع إلى موقف واضح. فهذه القضية لا تقل أهمية عن القضايا التي يتم طرحها يوميا عبر المنابر، وليعلم الجميع أن هناك ستة ملايين دينار هي موازنة الأوقاف مع مجمعات كبرى منها «مجمع الزهراء» في منطقة السيف، و«مجمع ميثم» في الجفير، وعقارات في كل مكان، إضافة إلى أراضٍ واسعة وكبيرة في كل مكان، وأراضٍ في أماكن حيوية في منطقة السيف، إضافة إلى ذلك توجد شقق ومزارع وحظائر وكلها أمتلك عنها معلومات موّثقة، وأنا على استعداد للجلوس مع العلماء وتوضيح كل ما هو موجود في الأوقاف ونقوم بتشكيل فريق عمل تمدّه «اللجنة الشعبية» بالمعلومات وتلتقي أفكار العلماء في الدفع بالملف إلى ما هو في صالح وقف الإمام الحسين (ع).
وهنا أحب أن أطرح أسئلة على الأوقاف أتمنى أن يجيبوا عنها:
1- في العام 1983م تم إرساء مناقصة بناء مبنى الأوقاف الحالي على عضو في مجلس الإدارة وتم بناء عمارة الأوقاف الحالية، هل للإدارة أن توضح لنا كلفة بناء العمارة، وكيف تم إرساء المشروع على عضو (تحوّل إلى رئيس فيما بعد)، على رغم أن في ذلك مخالفة واضحة لقانون الأوقاف الصادر العام 1960م؟
2- هل للأوقاف أن توضح للجمهور أين آل مصير «مقبرة السادة» الكائنة في توبلي؟ وأين آل القسم الشرقي من مقبرة بوري؟ وأين آل «قبر الشيخ ناصر بن الشيخ محمد الربيع» مع المسجد المجاور له؟ وكيف تحوّل إلى المخطط الواقع شمال مقبرة حلة العبد الصالح (كرانة)، والبالغة مساحتها 312 مترا مربعا؟ وعندي صور لأساسات حدود المسجد والقبر إن كانت تريدها الأوقاف.
لديّ قائمة لست مقابر تحتاج إلى شهادة مسح حتى العام 2000/ 2002 ولم تحصل على شهادة مسح حتى الآن، فهل صدرت لها شهادة مسح أم لا؟
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 552 - الأربعاء 10 مارس 2004م الموافق 18 محرم 1425هـ