يبدو أن العاملين في البحر لايزالون يواجهون أهواله منذ أن كان أجدادهم يعملون في الغوص ويأتون بأرزاقهم من عمقه الغدار الذي كثيرا ما رجعت السفن وقد اختفى من فوق ظهرها عدد من رجالها فيذكرك بالفيلم الكويتي (بس يا بحر)، بل مازال أحفادهم يتوارثون العذاب عنهم حتى اليوم بعد أن تحولوا إلى صيادي سمك.
فهناك مجموعة من هؤلاء البحارة لاتزال شكاواهم باقية حتى الآن على رغم صدور قانون يصحح وضعهم رسميا قبل سنة أو أكثر. وآفة هذا البلد ليست نقص قوانينه بل عدم تنفيذها، إذ يذكرني ذلك بالمواطن البائس الذي وجدته يمشي مع طفلته الصغيرة في شارع طويل لإيصالها إلى الحضانة فأوقفت سيارتي وأخذتهما معي، فسألته لأشعره بشيء من الود وأكسر حاجز الصمت: الخال باين ما عندك رخصة سواقة؟ أجاب على الفور: لا والله، عندي الرخصة من زمان بس (لخريده ما ميش حتى أشتري سيارة).
فالقوانين موجودة غير أنه لا يمكن تنفيذها، فالقوانين موجودة بالنسبة إلى حل مشكلة البحارة لكن لا وجود للمسئول الجاد الذي ينفذها لأنه لا يود أن يصطدم ببعض الكبار الذين لا يكتفون بمرتباتهم العالية والتسهيلات التي يحصلون عليها من وزارة الإسكان. هؤلاء الكبار ينسون أنهم في بلد لا يحتاج إلى من يحميه. إنه يأكل ويشرب ويتمتع بالسيارات الفاخرة من دون شعور بالخوف. والحكاية مازالت ساخنة ممن استغلوا المواطنين فابتزوا آباء بعضهم وأوصلوا بعض المصارف إلى الإفلاس.
كانت مجموعة من البحارة تتحدث بألم للنائب عيسى أبوالفتح في مجلسه في المحرق، بل كلماتهم تنطق بجراحاتهم وعذاباتهم وفقرهم. قال أحدهم لم نعد قادرين حتى على دفع اقساط بوانيشنا جراء هذه المضايقات. هل الجهات المسئولة عاجزة عن تنفيذ قراراتها بما قد يضيف إلى قائمة طابور العاطلين حاليا أكثر من 600 بحار؟ ما رأي وزارة العمل في ذلك؟
العدد 551 - الثلثاء 09 مارس 2004م الموافق 17 محرم 1425هـ