الوضع الحالي في دول الخليج يحتاج إلى نظرة متفحصة وخصوصا مع هبوب رياح الأزمة الاقتصادية العالمية، وأثر ذلك على الجوانب الاجتماعية والسياسية، كما جاء في حوارات «منتدى التنمية الخليجي» الذي عقد نهاية الاسبوع الماضي في المنامة. هذا الكلام ليس مبنيا على تكهنات لكنه واقع التقارير التي تنشر على ملء الصحف الغربية في الآونة الأخيرة.
أما الحال عندنا، فالكثير يكرر عبارة واحدة وكأنهم في فرقة اوركسترا «إننا لسنا متأثرين بالأزمة العالمية» وكأننا نعيش في كوكب آخر، فلو كانت هناك مؤسسات تمثيلية واسعة النفوذ لما استطاع أحد تجميل الواقع الذي قد يكون أسوأ مما يتم التصريح به في كثير من الدول.
ويكفي أن نرى ما يدور في منطقتنا الخليجية، إذ مازالت إعلانات مشاريع دول المنطقة تغرد للأحلام التي تقام على أرضها وبحرها دون أن يستشار فيها المواطن، بل ولا يؤخذ برأيه لأنه للأسف آخر ما يم التفكير، ولاسيما عندما نجد ازدياد المدن الاستثمارية «المسيجة» تقسم المجتمع وتفصله عن بعضه دون صلة بالمجتمع الأصلي.
وبين الحلم والحقيقة مسافة شاسعة لهذه المشاريع التي تبيع الوهم لمدن خاوية لأبسط الخدمات العادية لأن كل شيء بحساب فلا قيمة للإنسان، لأن المادة والمال والأرباح هي الأساس.
إن الطفرة التي شهدتها دول المنطقة وخصوصا في الست السنوات الأخيرة، قد عززت الطبقية والفروقات الأخرى مع مشاريع هذه المدن، ولعل كل من يقطن خارجها فهو من طبقة غير مرحب بها ولا بالمجتمع القادم منه وهو مفهوم يخلق طبقية تؤدي إلى تفاقم المشكلات والأزمات مستقبلا.
وعلى الرغم من خروج هذه المفاهيم والمصطلحات الجديدة التي أوجدتها مشاريع المدن الاستثمارية إلا أن عادات اجتماعية أخرى جاءت مع سياسية إغراء المستثمر الأجنبي كالفرق بين «مواطن» و«غير مواطن»، والمواطن لو ذهب لاستئجار سكن في المجمعات المغلقة ربما يكون غير مرحب به، لأن المجمعات والمدن تهدف إلى استقطاب مختلف جنسيات العالم للعيش فيها، وترى أنه وحتى في مناسبات رياضية وترفيهية وثقافية وغيرها ستجد أن أفضل التسهيلات معدة لأذواق غير المواطنين.
كل ما جاء ذكره لا يصب إلا في جيوب محدودة بينما يترك المواطن ليشحذ علاوة غلاء ووحدة سكنية ينتظرها لعشرات السنين. ولكن هذه المشاريع التي ربما تكون لفئة محدودة من المجتمع، تتكدس لديها الثروة، بينما تزداد المدن المسيجة وربما الخاوية، وهو ما يطرح السؤال ماذا يتبقى لأجيال الخليج إذا استمرت هذه السياسات من دون مراجعة تحقق العدل الاجتماعي؟
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 2355 - الأحد 15 فبراير 2009م الموافق 19 صفر 1430هـ