المسيرة الرياضية (ماراثون) التي نظمها مركز البحرين لحقوق الإنسان يوم الجمعة الماضي تعتبر نوعية من كل جانب. فلأول مرة يخرج عدة مئات من البحرينيين وبجانبهم مئات من الهنود والفلبينيين والإندونيسيين وغيرهم من الجاليات التي تعيش وتعمل في البحرين لمساندة مشروع المركز لإنشاء ملجأ للخادمات اللاتي تساء معاملتهن.
فالقضية التي نشرت «الوسط» تفاصيلها يوم الجمعة الماضي تحكي واحدة من قصص متعددة لنساء وبنات اضطرتهم ظروف الحياة في بلادهن للهجرة إلى بلدنا للعمل كخدم في المنازل. والظروف هي أيضا التي تسمح لمن ليس في قلبه رحمة أن يظلم هؤلاء النسوة والبنات، بل إن الظلم يصل إلى درجة حرق الأيدي والضرب والتكسير والاعتداء الجنسي. هذا في الوقت الذي لا توجد مؤسسة تدافع عن هؤلاء المستضعفات أو تتواصل معهن لإعلامهن بحقوقهن ولردع من يحاول استغلالهن.
مركز البحرين لحقوق الإنسان أثبت بصورة عملية أن حقوق الإنسان هي حقوق الإنسان بغض النظر عن انتماء الفرد أو لونه أو أصله أو دينه، وتبنيه قضايا الخادمات والدفاع عنهن يعتبر مفخرة للبحرين. فليس فقط بريطانيا تفخر أن لديها منظمة العفو الدولية وليس فقط أميركا لديها مراقبة حقوق الإنسان، وليس فقط فرنسا لديها منظمات حقوقية عدة، فالبحرين لديها أيضا مؤسسات حقوقية تشمل حقوقا لمختلف أنواع الناس. وليس كثيرا على أهل البحرين المعروفين بطبيعتهم أن ينبري بعضهم للدفاع عن المظلوم والغريب، فهذه هي شيمنا وعاداتنا وتقاليدنا. الغرابة أساسا فيما يقوم به بعض الناس الذين يسمون أنفسهم بحرينيين ولكنهم يستغلون الضعفاء ويظلمونهم إلى المستوى الذي شاهدناه في عدد من الحالات التي دافع عنها المركز.
مركز البحرين لحقوق الإنسان والجمعية البحرينية لحقوق الإنسان وجمعية الدفاع عن الحريات العامة، جميعها مؤسسات أهلية حقوقية نفخر بها، ونعتز بكل ما يقومون به وخصوصا إذا كان يرفع شأن البحرين وسمعتها كما هو الحال مع المسيرة الرياضية التي نظمها المركز يوم الجمعة الماضي داعيا إلى تأسيس ملجأ للخادمات اللاتي يقعن تحت ظلم رب أو ربة منزل أو تحت سوء استغلال أحد مكاتب استجلاب الأيدي العاملة.
إنه لمن العار أن يستمر بعض الذين يستجلبون الأيدي العاملة في ممارساتهم غير الإنسانية على رغم ما يتم اكتشافه عنهم. وجميعنا مسئولون عن أي تجاوز أو اعتداء على إنسان مستضعف في بلادنا، وينبغي أن يطبق القانون بصرامة ضد أي مكتب وضد أي رب بيت أو ربة بيت وأن يتم اعلان العقوبة لكي يعلم كل من تسول له نفسه ان البحرين هي أرض العدل والتسامح وليست أرضا للظلم والاستغلال.
لقد التقيت عددا من أفراد الجاليات العاملة في البحرين ولأول مرة أراهم يصافحون البحرينيين ويتحاضنون معهم وهم إخوة في الإنسانية. هؤلاء الأجانب جاءوا لأن بعضنا استجلبهم ويجب أن يحصلوا على حقوقهم بصورة كاملة وعادلة ماداموا يعيشون معنا. وإذا كنا لا نستطيع معاملتهم على أساس عادل فيجب أن يسرحوا بالإحسان مع الاحتفاظ لهم بكرامتهم من دون أي مساس بأخلاقية التعامل.
إذا أردنا أن نعيش بأمان واطمئنان وبكرامة فإن علينا أيضا أن نضمن الاطمئنان والكرامة لأي شخص يعيش معنا في بلادنا. وما قام به مركز البحرين لحقوق الإنسان يعتبر خطوة رائدة هي الأولى من نوعها، ونأمل في أن يواصل المركز جهوده بمساندة من جميع المخلصين. ماراثون حقوق الانسان يجب ان يستمر ليشمل مختلف قضايانا ولكن بالاسلوب الحضاري ذاته الذي اتبعه المركز الجمعة الماضية
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 549 - الأحد 07 مارس 2004م الموافق 15 محرم 1425هـ