العدد 547 - الجمعة 05 مارس 2004م الموافق 13 محرم 1425هـ

هل يمكن قيام شرق أوسط أميركي - أوروبي؟

عن جولة غروسمان وأبعادها

فايز سارة comments [at] alwasatnews.com

.

قوبل المشروع الاميركي لـ «الشرق الأوسط الكبير» بمعارضة واسعة وقوية من المستويين العربي والاوروبي، وظهر في المستوى الاول موقف عدد كبير من الدول المصنفة في عداد «الشرق الأوسط الكبير» مثل سوريا ومصر والمملكة العربية السعودية، ومثلها كانت معارضة الاتحاد الاوروبي للمشروع الاميركي خصوصا المعارضة التي اظهرتها فرنسا، وهي امتداد لسياسة فرنسية، عارضت سياسات واشنطن في خلال السنوات الاخيرة، وكان ابرز تعبيراتها معارضة الحرب الاميركية على العراق.

وعلى رغم ان شعارات المشروع الاميركي لـ «الشرق الأوسط الكبير» في اصلاح اوضاع بلدان المنطقة من خلال اشاعة الديمقراطية، وتحقيق تنمية اقتصادية، وبناء مجتمع معرفي، وتحسين اوضاع النساء، تحظى باهتمام الاتحاد الأوروبي وبعض دول المنطقة، وهي بين المطالب الرئيسية لشعوب المنطقة، فإن ذلك لم يخفف معارضة المشروع الاميركي، ولهذه المعارضة اسباب جوهرية، لا تستند الى الخط العام للسياسة الاميركية في المنطقة منذ الحرب العالمية الثانية فقط، واساسه معاداة الديمقراطية ودعم الانظمة الدكتاتورية والمستبدة، وممارسة سياسة نهب واسعة لموارد بلدان وشعوب المنطقة، واغراقها في صراعات متعددة المجالات والمستويات، بل تستند ايضا الى سياسات السيطرة التي تتابعها الولايات المتحدة في المنطقة، ولاسيما السيطرة عبر القوة، كما حدث في افغانستان والعراق، وهي سياسة مرشحة لتشمل بلدانا اخرى في اطار استراتيجية اميركية هدفها إحكام القبضة على المنطقة والعالم، وهناك مخاوف شرق اوسطية وأوروبية مشتركة من ان «مشروع الشرق الأوسط الكبير» هو احد مسارات إحكام القبضة الاميركية.

واسباب معارضة المشروع الاميركي والتخوفات التي يطرحها اقليميا وأوروبيا، تدفع الولايات المتحدة الى القيام بحملة دبلوماسية هدفها اقناع الاطراف المختلفة بتأييد ودعم المشروع، وفي هذا السياق، تندرج جولة مساعد وزير الخارجية الاميركي المكلف بالشئون السياسية مارك غروسمان الحالية، لتشمل الأردن ومصر والمغرب والبحرين وسط وعود بدعم وعلاقات متميزة مع الولايات المتحدة وشركائها الغربيين للدول التي ستدعم المشروع، وتمتد الحملة الدبلوماسية الاميركية الى الاتحاد الأوروبي، إذ كان المشروع بين نقاط بحثها حديثا اجتماع في واشنطن بين وزير الخارجية الاميركي كولن باول ووزير الخارجية الإيرلندي بريان كوين الذي ترأس بلاده حاليا الاتحاد الأوروبي، فيما سيتابع مارك غروسمان المسئول الثالث في وزارة الخارجية الأميركية، جهود واشنطن للحصول على دعم أوروبي للمشروع بزيارة بروكسل إذ يوجد مقر الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الأطلسي وهما المنظمتان اللتان تريد واشنطن اشراك دولهما في مخططاتها بشأن الشرق الأوسط الكبير.

ان بين نقاط الاعتراض الرسمي العربي الرئيسية على «مشروع الشرق الاوسط الكبير» ما تضمنه من نزعة الى فرض الاصلاح من الخارج وعدم استشارة دول المنطقة بمشروعات مستقبلية تخصها، اما المعارضة الأوروبية للمشروع، فتتصل بسبل تعامل واشنطن مع المشكلات التي يواجهها العالم من خلال أحادية القرار وخصوصا فيما يتعلق بمشروع الشرق الاوسط الكبير الذي لايمكن تحقيق اهدافه في مكافحة الفقر وتحقيق التنمية ونشر مبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الانسان من دون التوصل الى حلّ للقضية الفلسطينية، طبقا لما أكدته مصادر الاتحاد الأوروبي في اطار تعليقها على المشروع الاميركي.

ان مخاوف الأوروبيين من شرق اوسط كبير، لايأخذ دورهم ومصالحهم في الاعتبار، ويدفعهم نحو امرين اثنين، اولهما الاستمرار في معارضة المشروع الاميركي مع الابقاء على قنوات الحوار مع واشنطن بصدده على امل إحداث تبدلات في بعض محتوياته وإيجاد صيغة توافقية بين أوروبا والولايات المتحدة وهذا ما حاولته القمة الألمانية - الاميركية الاخيرة، والأمر الثاني، هو قيام دول الاتحاد الأوروبي وخصوصا فرنسا الدولة الأكثر اعتراضا على المشروع الأميركي بحث القادة العرب على تطوير معارضتهم للمشروع الأميركي وطرح مبادرات هدفها دفع واشنطن إلى تعديل محتويات مشروعها خصوصا لجهة اعادة طرح مشروع عربي للسلام في المنطقة، وتقدم الحكومات العربية نحو القيام باصلاحات سياسية في بلدانها، وهذا من شأنه تعزيز القدرة الأوروبية على مفاوضة واشنطن واجراء تعديلات في محتويات المشروع الاميركي إذ يصير محور توافق أوروبي - أميركي، يأخذ في الاعتبار بعض حقائق المنطقة، وبعض المصالح العربية، بدلا من أن يكون فرضا اميركيا خالصا كما ترغبه واشنطن التي تسعى إلى الحصول على دعم دولي له في ثلاث من القمم المقبلة، قمة الدول الثمانية والقمة الأطلسية، والقمة الأوروبية - الأميركية

العدد 547 - الجمعة 05 مارس 2004م الموافق 13 محرم 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً