اعتبر خطيب جامع الفاتح الشيخ عدنان القطان أن تفجيرات كربلاء والكاظمية نوع من أنواع الفساد في الأرض وسفك الدماء المحترمة البريئة، وترويع الآمنين المطمئنين، إذ قال في هذا المجال: «إن الاعتداءات الإرهابية والتفجيرات الآثمة البشعة التي تعرضت لها مدينتا بغداد وكربلاء، والتي استهدفت حشودا من المسلمين كانت تحيي ذكرى عاشوراء، والتي ذهب ضحيتها عدد كبير من الأبرياء ما بين قتيل وجريح، هي في الحقيقة اعتداءات إجرامية بشعة ومستنكرة ومدانة، ومنبوذة بكل ما تحمله الكلمات من مضامين، ومعاذ الله أن نظن بسوء مسلما، أو نرمي به بريئا».
الاعتداءات هزت قلوبنا
وأضاف «إن هذه الاعتداءات التي هزت قلوبنا وأحزنتنا، والتي طاولت أماكن عبادية لدى الشيعة، كما طاولت من قبل مواقع لدى السنة، لتؤكد لنا بجلاء أن الفاعل واحد، وأنه يسعى إلى تحريك الفتنة الطائفية بين السنة والشيعة في العراق، وبثها بين صفوفهم، وتمزيق وحدتهم، وهيهات هيهات أن تتحقق هذه الغاية، ومحال أن يفوز أصحاب المكر السيئ أو يقبضوا ثمن جريمتهم النكراء».
وأكد القطان أن النفوس المفعمة بحب العراق والمطمئنة إلى أن أهله يرفضون ثقافة التفجير والترويع والإبادة الجماعية، تدرك أن مجرد التفكير في هذه الأعمال هو تجاوز لكل ما ورثوه وتعلموه وعرفوه في ماضيهم وحاضرهم، مؤكدا أنهم عقلاء ومخلصون لتراب وطنهم، ومؤمنون بعقيدتهم بما يكفي لإسقاط الرهان على إشعال نار حرب طائفية مبيتة.
نحن رأينا - كما قال - أن العراقيين على اختلاف طوائفهم وألوانهم يشجبون تلك الجريمة التي راح ضحيتها الأبرياء، لأن المستهدف فيها هو الشعب وكل ما هو راسخ وعظيم في الوطن، وأن منفذيها خارجون عن الدين والوطنية والأخلاق، داعيا العراقيين إلى وأد الفتنة في مهدها والتعالي على الجراح، والحذر من مؤامرات الأعداء وتفويت الفرصة عليهم، ونشر التكاتف والتضامن والتآخي والمحبة والسلام بين المؤمنين بالله ورسوله وآل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين.
من جانبه، تطرق الشيخ عيسى قاسم في خطاب له في جامع الإمام الصادق في الدراز أمس إلى تفجيرات كربلاء والكاظمية، وقال: «ان محرم هدفه جمع كلمة المسلمين على التقوى، فالحسين (ع) إمام أمة وليس إمام فرقة، والحسين (ع) إمام اتحاد وليس إمام شتات، فكيف يعامل محرم وكربلاء والحسين (ع) بما يعامل به الكفر الذي لا يمكن أن يستجيب لإيمان، لافتا إلى أن الإسلام لا يحارب الكفار ابتداء، وأن الإسلام يوم كان يحارب الكفار، ويفرض الجهاد الابتدائي، ما كان يسبق السيف عنده الكلمة، بل كان خطاب الهداية دائما هو الأول في تاريخ رسول الله (ص)، وفي تاريخ أئمة أهل البيت (ع).
وتساءل قاسم: من المسئول عن تفجيرات يوم العاشر في كربلاء والكاظمية؟ وأجاب: نقول كما يقول الآخرون، قد يكون المسئول البعث، ولو كان البعث لهان الأمر، ولكن البعث ليس له امتداد وعمق في الأمة، وإذا استطاع أن يغرر بأحد لفعل هذا الفعل المشين، فلن يستطيع أن يغرر كما يفعل من يدعي التمسك بالإسلام، فالبعث خرق جاهلي مكشوف، فلا يخاف منه الخوف من جاهلية تلبس ثوب الإسلام، ومن فكر متجمد ينسب نفسه إلى الإسلام، ومن غوغائية غير منضبطة ترفع لافتة الإسلام.
وأضاف «قد تكون أميركا مسئولة، وهي مسئولة على كل حال، لأن لها يدا عابثة في أفغانستان، ويدا عابثة في العراق بشكل مكشوف، وهي تتحمل مسئولية قانونية بلا جدل، وقد يكون المسئول - وهنا الكارثة - جماعات تنسب إلى الإسلام وتشهد الشهادتين، ومنها من قد لا يتهم في تقواه، ولكن تقوى الجاهل قاتلة، فمن الخوارج من هو متق، ولكنه يمرق من الدين مروق السهم من الرمية، ونحن نحتاج إلى تقوى مع علم وفهم بالإسلام، فمن فهم الإسلام مقلوبا، سيدمر الدنيا كلها بتقواه، وسيحرق الإسلام بما يدعيه من تقوى، والجماعات التي رسمت إسلامها أميركا وبريطانيا، هؤلاء قنبلة لا تحرق الكفر قبل أن تحرق الإسلام.
فتاوى التكفير
وشدد قاسم على أن المسئول قبل هذه الجماعات هو فتاوى التكفير، والمدرسة التي تتساهل في نسبة الشرك إلى المسلمين، فتعتبر زيارة قبر النبي (ص) شركا، وتعتبر قراءة فاتحة على قبر مؤمن شركا، وتعتبر إقامة حفل الميلاد النبوي شركا، منبها «ما لم تكن هناك عودة واعية في فهم الإسلام، وقراءة صحيحة للنص الإسلامي، فإننا لن نستطيع أن نقدم إلى العالم إلا إسلاما يشوبه الكثير من التشوهات».
إمام جامع يوسف بن أحمد كانو الشيخ جلال الشرقي بدأ خطبته بحمد الله حمدا كثيرا على فضله وإحسانه وكرمه وامتنانه بأن تم بفضل الله وقف برنامج «الأخ الأكبر»، مقدما شكره إلى أهل البحرين الشرفاء الذين وقفوا وقفة رجل واحد في وجه الباطل، معتبرا أن وقفتهم فيها دليل على صدق إيمانهم وصحة إسلامهم، وطهارة المجتمع البحريني الأصيل ونقاوته من الرذيلة المستوردة.
سيعوضكم الله
وقدم الشرقي شكره إلى المسئولين الذين أوقفوا البرنامج، ورجعوا إلى الجادة والصواب، إذ لا عيب - كما قال - أن يخطئ الإنسان ويعود إلى الحق، وإنما العيب في الاستمرار في الخطأ، والمكابرة في الباطل، مبشرا بعض رجال الأعمال والموظفين الذين عملوا في هذا البرنامج بأن الله بإذنه تعالى سيعوضهم خيرا، مصداقا لقوله (ص) «من ترك شيئا لله، عوضه الله خيرا منه».
وفي الشأن العراقي، والتفجيرات التي حصلت في كربلاء والكاظمية يوم العاشر قال الشرقي: «إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، وإن الفؤاد ليتقطع على شهداء يوم عاشوراء، الذين استشهدوا في انفجاري كربلاء والكاظمية، وإن دم المسلم لهو غال عند الله سبحانه وتعالى، بل جاء في الحديث الصحيح ان هدم الكعبة أهون عند الله من إراقة دم مسلم بريء».
الصهاينة والأميركان هم الفاعلون
ونبه الشرقي إلى ان ما حدث في العراق قد يؤدي إلى فتنة بين طائفتين مسلمتين مؤمنتين، ولكنه أكد أن أهل العراق أنفسهم واعون كل الوعي لهذا الأمر، وقد صرحوا بأن المقصد من هذين الهجومين هو إشعال نار الفتنة، معتبرا أن خلف هذه الجريمة الصهاينة والأميركان وأذيالهم، إذ ان هؤلاء لا يمكن لهم الاستمرار والإقامة في العراق إلا عندما تكون هناك حروب طائفية بين أفراد الوطن الواحد.
وأضاف «ما استطاعت إسرائيل أن تصل إلى بيروت العام 1982 إلا بعد أن أثارت الحرب الطائفية وأججتها بين أفراد الوطن الواحد في لبنان»، مناشدا أهل العراق الشرفاء أن يحافظوا على وحدتهم، وأن يقفوا صفا واحدا سنة وشيعة في وجه العدو الأميركي والصهيوني، وأن يرفعوا راية الجهاد على العدو المحتل، فلا وحدة للوطن العراقي، ولا أمن ولا استقرار إلا بطرده على حد تعبيره.
سلمان: مجزرة عاشوراء كمجزرة دير ياسين وقانا
وفي المحاور ذاتها تحدث رئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان في خطبته أمس في جامع الإمام الصادق في منطقة القفول قائلا: «في أول إحياء لذكرى عاشوراء بعد رحيل النظام السابق، امتدت يد الشر لتقتل الأبرياء والمعزين والزائرين لتصنع بذلك مجزرة من المجازر التاريخية القليلة كمجزرة دير ياسين وقانا. وعلى رغم فداحة الفاجعة وفداحة المصاب فإن رد الفعل يجب أن يكون عاقلا ومتماسكا وملتزما بالقانون. وإذا لم تلتزم ردة الفعل بالقانون ولم تؤسس له فإن ذلك سيكون كارثيا على العراق وعلى العالم العربي والإسلامي. وما شاهدناه لحد الآن من ردود فعل داخل العراق تتصف بنسبة عالية من الانضباط وهذا يدل على رشد المرجعية ورشد الواقع العراقي بخصوص هذه المسألة وعلى العالم الإسلامي والشيعي تحديدا أن يتعامل بالانضباط والرشد نفسيها في بقية أنحاء العالم بخصوص هذه المسألة».
الشرق «الأوسط الكبير»
وعن المبادرة الأميركية بخصوص الشرق الأوسط أوضح سلمان أنه قبل الهجوم الأميركي على العراق بأسابيع قليلة اجتمع عدي كممثل للنظام العراقي مع بعض المندوبين الأميركيين في تركيا، وخلال الاجتماع أبدى عدي استعداده لبيع سيادة وثروة وحضارة العراق للأميركيين ولكنه لم يكن مستعدا لبيع كرسي الحكم، ويبدو أن حال الأنظمة العربية لا يختلف كثيرا عن حال عدي والنظام العراقي السابق. فحينما أعلنت الولايات المتحدة الأميركية عن رغبتها الصريحة في تعديل مناهج التعليم في العالم العربي والإسلامي، تم وضع مسألة التعديل هذه على رأس أولويات اجتماعات القمة والاجتماعات الأخرى لتخرج القمة باقرار ضرورة التعديل، فلم تبال القمة بهوية الأمة وأخذت تبشر بالمشروعات الأميركية في البعد الثقافي، ولكن حين جاءت مبادرة الشرق الأوسط الكبير العازمة، صدقا أو كذبا، على نشر الديمقراطية هب الحكام العرب رافضين، لا من أجل حفظ الأمة ومقدراتها وسيادتها ولكن من أجل حفظ كراسي الحكم. لقد صارت الشعوب العربية والإسلامية بين نارين، نار الأنظمة الدكتاتورية التي أذاقتها الظلم على مدى سنوات، ونار أطروحة غربية ستمنحها جزءا أكبر من الديمقراطية ولكنها لن تفكر فيها بقدر ما تفكر في مصالحها، وسيكون ذلك على حساب الثقافة والهوية.
المؤتمر الدستوري
وعن المؤتمر الدستوري اشار سلمان إلى ان المسألة الدستورية تسير في مسار دقيق وحساس جدا وهي في غير حاجة إلى أية مبادرات خارج الجمعيات الأربع واللجنة المكلفة بالملف الدستوري، وأن الخطوات التي ستتخذ ستلتزم النواحي القانونية والسياسية السلمية المتاحة محليا واقليميا ودوليا. وذكر سلمان أن «المشروع السياسي من أجل حكومة وشعب البحرين، وأنه ليس مشروعا عاطفيا أو فوضويا أو لصالح طائفة معينة، وأننا صادقون في شعاراتنا وندعو الآخرين إلى أن يكونوا كذلك».
القفول - علي العليوات
شارك العشرات يوم أمس في مسيرة انطلقت بالقرب من جامع الإمام الصادق (ع) بالقفول بعد صلاة الظهر، منددة بالهجمات الدموية التي راح ضحيتها المئات في كربلاء والنجف وباكستان أثناء إحيائهم ذكرى عاشوراء الإمام الحسين (ع).
ورفع المشاركون خلال المسيرة شعارات مستنكرة لهذه الهجمات، كما وجهوا دعوتهم إلى الشعب العراقي بالوحدة وعدم التفرق.
وكان رئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان ندد في خطبته قبل صلاة الظهر بهذه الهجمات التي راح ضحيتها الأبرياء، وأشار سلمان إلى انه «على رغم فداحة الفاجعة فإن رد الفعل يجب أن يكون عاقلا ومتماسكا وملتزما بالقانون»
العدد 547 - الجمعة 05 مارس 2004م الموافق 13 محرم 1425هـ