ما أثاره بعض النواب من رغبتهم في تشكيل جبهة وطنية تضم ثلثي مجلس النواب لمحاربة الفساد أمر يحتاج إلى إثبات عملي أكثر من تصريحات لا طائل منها، ولا تفيد سوى الإمعان في تضليل الرأي العام عن الكثير من الكواليس في مجلس النواب، وليس آخرها حال الفساد البين في زيادة «بدل السفر» إلى 350 دينارا للرئيس، و300 دينار للنواب الذي تجاوز بدل سفر الوزراء والشوريين.
تأتي فضيحة «بدل السفر» هذه في وقت مازالت قضية التأمينات والتقاعد تتحرك كصورة جلية من صور فساد الوزراء المالي والإداري، والتي يؤمل من النواب فيها تقديم الحلول، ويأتي توقيت «بدل السفر» في وقت انتهت الحكومة فيه من استكمال ردودها على ملف التأمينات والتقاعد، وسلمت مرئياتها إلى المجلس، ومنذ الآن يمكن التخمين بصعوبة استجواب الوزراء الثلاثة، وربما تكون فضيحة «بدل السفر» أهم اعتبار لكسر عيون النواب، ويحق للحكومة أن تحتج عليهم بهذه الفضيحة، وأن تزايد عليها أيضا.
الأخطر في هذا الملف هو كون تعديل اللائحة المالية وإقرار علاوة السفر من خلالها جاء من خلال هيئة المكتب وبشكل سري وليس من مجلس النواب، ولولا الزميل عباس بوصفوان الذي عادة ما يفاجئنا بخبطات صحافية يستحق عليها الشكر، لما خرج هذا السر إلى العلن، ولكن الأخطر من إقرار «بدل السفر» من دون علم مجلس النواب، هو أن الإقرار جاء بعد مقترح من النائب جاسم عبدالعال بتقنين صرف علاوة السفر وفي ظل غيابه أيضا، إذ تشير الأخبار الواردة من النواب إلى أن مقدم مقترح علاوة «بدل السفر» هو من المهتمين بمكافحة فساد الوزراء، ما يجعل صدقية هذا التوجه على المحك، ويجعل الطلب من النواب طوعيا أن يقدموا قبل غيرهم كشفا بحساباتهم بصفتهم ممثلين عن الشعب ومؤتمنين على أمواله
العدد 546 - الخميس 04 مارس 2004م الموافق 12 محرم 1425هـ