العدد 545 - الأربعاء 03 مارس 2004م الموافق 11 محرم 1425هـ

خيارات المجتمع: الأخ الأكبر مثالا

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

قرأت الإعلان عن إلغاء برنامج «الأخ الأكبر»، وكنت مع أحد الدبلوماسيين الغربيين في لقاء صحافي، وتناولنا الحديث عن الضجة التي صاحبت تصوير وبث البرنامج وفيما إذا كان هذا يعني أن الاستثمار والديمقراطية لا يتعايشان. كنت قد طرحت السؤال لاستثارة الشخص الذي أقابله، وكان جوابه حكيما عندما قال: «إن كل مجتمع يحدد خياراته بنفسه، ولكن على المدى البعيد فإن العالم يتجه حاليا إلى اشتراط الديمقراطية وحقوق الإنسان كمقدمة للاستثمار بعيد المدى».

البعض يطرح لو أن قانون أمن الدولة مازال ساريا لما حصلت ضجة بشأن «الأخ الأكبر» ولما خسرنا هذا الاستثمار ولما خسر 200 شخص بينهم 85 مواطنا وظائفهم بسبب الإلغاء. وهذا الفهم قاصر، لأن قانون أمن الدولة لم يحمِ لنا أي استثمار ولم يوفر أجواء للمستثمرين، ومختلف بلدان العالم تحاول الابتعاد عن النمط الدكتاتوري في الحكم لاستجلاب الاستثمار. يبقى السؤال: ما الطرق الأفضل لحماية وجذب الاستثمارات في ظل الديمقراطية؟

هذا السؤال ليس له جواب سهل، فكل مجتمع له خياراته، وحتى الدول الاوروبية تتهم بعضها الآخر بالحد من حرية الاستثمار في بعض المجالات. فكثير من البرامج والدعايات المسموح بها في أوروبا لا يسمح بها في بريطانيا، وكثير من الأفلام التي تعرض على الشاشة الصغيرة في فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبلجيكا لا يسمح لها بالبث في بريطانيا لأن عادات وتقاليد المجتمع تختلف. وفي المقابل أيضا فإن قوانين العمل في فرنسا لا تسمح لبعض الشركات أن تفتح مقرات لها بالطريقة التي تود، ولذلك تلجأ إلى بريطانيا. بريطانيا مثلا تقبل بدفن النفايات النووية، بينما ترفض الدول الأخرى ذلك. ولذلك، فإن لدى بريطانيا دخلا مربحا لهذا النوع من الأعمال، بينما هو محرم في بلد آخر.

كل بلد له خياراته، وكل مجتمع يحدد ماذا يريد أن يحقق في حياته وكيف سيحققه، ويتحمل تبعات خياراته. وفي البحرين لنا الحق في تحديد خياراتنا، والأمل هو في تحكيم العقل مع عدم مخالفة الصريح من الدين. وينبغي أن تلتزم الحكومة بأسلوب معقول في التشاور مع من يهمهم الأمر قبل الشروع في برامج استثمارية كبرى أو مثيرة، كما ينبغي لأطراف المجتمع أن تدرس وتحاور بعقلانية من دون إقحام العواطف في كل قضية ومن دون السماح لمن يود أن يستغل أية مناسبة لإثارة الأوضاع لأغراض مختلفة.

فموضوع «الأخ الأكبر» شهد ظهور أناس يناهضون البرنامج ولكن بعضهم لا يناهضه من أجل المبدأ، لأنه يمارس أمورا مشابهة أو أكثر إثارة من ذلك. وظهر أناس صادقون ومخلصون يسعون إلى الحفاظ على مظاهر الدين والحشمة التي خافوا عليها من طريقة تصوير البرنامج. تصرف البعض وتصريحات البعض الآخر لا تعبِّر عن مسئولية في العمل السياسي وليس له علاقة بالمبدأ لا من قريب ولا من بعيد.

إن من حقنا كمجتمع أن نعبِّر عن رأينا وأن نحدد خياراتنا بصورة جماعية، والأمل الذي يحدونا جميعا هو أن نمارس هذا الحق بمسئولية ومبدئية، وألا نطلق التهم والعبارات التي تثير الناس ضد بعضها الآخر او تشرد المستثمرين، وأن ننظر إلى الصورة الأكبر ونحن نتحرك في هذا الاتجاه أو ذاك

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 545 - الأربعاء 03 مارس 2004م الموافق 11 محرم 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً