ونحن نحتفي بسيدالشهداء الإمام الحسين بن علي (ع)، هل نحن بحاجة الى اثبات انه شهيد الانسانية جمعاء على مر العصور والأزمان، شهيد أتباع كل الأديان، وكل الاقوام، وانه رمز انساني للتضحية والفداء والشجاعة والانسانية، والحسين مثال للثائر المسئول، والمصلح الواعي.
ليس باغيا ولا معتديا «ما جئتكم بطرا ولا باغيا، ولكن جئتكم دفاعا عن دين جدي». وهو في سعيه للاصلاح لم يوفر وسيلة، ولكن سدت أمامه السبل، وعندما أجبر على المواجهة حاول تجنبها ليذهب كل طرف في سبيله. ولكن عندما لم يكن أمامه إلا الخضوع لحكم يزيد الظالم ومغتصب الخلافة أو القتال، لم يتردد عن ذلك.
ان كان دين محمد لا يستقم الا بقتلي فياسيوف خذيني. وعندما انبرى للمواجهة خيّر اتباعه بتركه وأهل بيته الى مصيرهم وعندما بدأت المعركة قدم أهله أولا ثم اصحابه.
هل هناك أروع مثلا من هذه البطولة وهذا الكبرياء وهذه التضحية؟
لقد اشاد بالحسين كتاب ومفكرون من مختلف الأديان والأجناس مسلمين وغير مسلمين. ها هو الكاتب المسيحي اللبناني جواد بولس يكتب عن الحسين (ع) والامام علي (ع) وها هو الكاتب المصري الكبير الشرقاوي يكتب مسرحية «الحسين ثائرا» وكثيرون غيرهم في الشرق والغرب.
وحتى مقام الحسين له أكثر من ضريح في كربلاء ودمشق والقاهرة في دلالة رمزية بالغة الأهمية.
لكن المحزن هو ان هذا الرمز الانساني قد تحول على يدينا الى ملكية خاصة ذات دلالات معاكسة لمعناها الحقيقي، أضحى «الحسين وكأنه يخص الشيعة الامامية وحدهم، ويقتصر الاحتفاء به عليهم، ويتخذ هذا الاحتفاء طابعا طقسيا مغرقا في استحضار الفاجعة وليس البطولة والأسى وليس العزيمة، وتأنيب الذات وليس تحفيزها، بل وايذاء النفس ماديا ومعنويا، فهل هذا ما أراده الحسين بثورته؟
لا وألف لا فمتى نفيق ومتى نستحضر أجمل ما في استشهاد الحسين والاكثر انسانية ونحول ذكرى استشهاده الى مناسبة اسلامية انسانية تجمع المسلمين أولا ولا تفرقهم، وتتحول الى مناسبة انسانية لجميع البشرية
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 544 - الثلثاء 02 مارس 2004م الموافق 10 محرم 1425هـ