ياللأرض التي تمعن في خسفها لمحو القائم من الشاهد والشهادة، ويأبى الله ورسوله والمؤمنون. ليست الأرض ترابا وجبلا وسهلا مانرمي اليه، بل هي الموحش والقاتم والصلف من ذوات الناس المريضة.
من للجمع الذي شردته المذبحة هذه الليلة؟ من للأطفال المروعين في بريّة القصاص الموهوم؟ قصاص بدر وحنين... وهل هداية الناس وإخراجهم من الظلمات الى النور يستدعي ويبرر كل ذلك التكالب والتجييش على بيت النبوة الطاهر؟...لكأن تلك الشرذمة التي انسلخت من انسانيتها تستدرج نفسها لقصاص الله وإن خيّل لها أنها اقتصت من حفيد النبي وحبيبه ، بل هي في العميق من تنفيذ القصاص على ذواتها ان كان ثمة ذوات في تلك الأجساد الشرهة والمتعطشة للدم يسفح لتسكت صراخ جاهليتها التي تضج بها تلك الخشب المسنّدة.
كلما ارتحلت في دنيا الناس ولي في السفر كلام وبلاغة، تحضرني مفازات عبرتها وناجيتها وتنبأ جدك صلى الله عليه وآله وسلم بمضجعك عليها، أقول، تحضرني لأجد فيها ذروة الشاهد والشهيد والشهادة بروعتهم التي لا تنقضي مع مرور الليالي والأيام.وللمفازات بلاغتها هي الأخرى في استدراج الشرذمة لإتمام المذبحة حيث تتحول تلك البقعة الى إعلام مضاد يفوّت عليها فرصة ان «المذبحة تمت غيلة»! وهل ثمة غيلة في مذبحة كهذه شاءها الحسين أن تكون واضحة في علاقات أطرافها والقائمين عليها. مذبحة في الصريح من الوقت والمكان والصريح من القتلة والمحرضين والممولين والمجيّشين والمباركين والصامتين والمحايدين، والأعظم من كل ذلك، الصريح من الشهداء بكل تاريخهم الناصع وحضورهم البهي وسيرتهم العطرة في حاضر الناس وما سيتمخض عنه الزمن من امتداد كل ذلك شاء الله أن يكونوا حاضرين الى قيام الساعة.
قبس
ماذا أعدد والمنائر ترتجي
خيل النبي بوقعة الأحزاب؟
أنبيك والأذناب تعبث حرّة
من ذا يطوّق هجمة الأذناب؟
حوشيت فاعذرنا يمزّق لحمنا
ناب الذئاب وسطوة الإرهاب
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 544 - الثلثاء 02 مارس 2004م الموافق 10 محرم 1425هـ