العدد 542 - الأحد 29 فبراير 2004م الموافق 08 محرم 1425هـ

عاشوراء: أنموذج للعمل الإبداعي

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

فلنتصور يوما ما تكون فيه الأحياء القديمة للعاصمة قد ترتبت واعيدت لها مظاهرها التقليدية مع لمسات جمالية في كل جانب من جوانبها تماما كما هو «الحي اللاتيني» القديم في باريس، أو«سوق واقف» في الدوحة... فلنتصور ايضا ان هذه الاحياء احتوت على انارات جميلة واشارات واضحة باسماء المواقع التاريخية وانه تم إعادة رجال المرور بلباسهم القديم لتذكير الناس بأيام خلت... فلنتصور ان من ضمن الاحتفالات الكبرى التي ترعاها هذه الاحياء القديمة مناسبة عاشوراء بكل ما تحويه من معان انسانية خالدة...

فلنتصور ان الابداعات البحرينية التي نشاهد آثارها هذه الايام تتحول إلى انماط متطورة من المعارض والمتاحف والمكتبات والبرامج التراثية التي تعيد إلى فريق المخارقة تاريخ «خرق» اللؤلؤ وإلى النعيم صناعة السفن وإلى الحورة ارتباطها ببحر الخليج وألى الفاضل ارتباطه بالفرضة والتجارة، وإلى الاحياء الاخرى: رأس الرمان والذواودة والعوضية والحمام والحطب والزراريع وغيرهم، الذين ارتبطت اسماؤهم بتطوير المنامة في مطلع القرن التاسع عشر.

فلنتصور ان مواكب عاشوراء تخرج في هذه الاحياء بعد إعادة الحياة إليها وتصبح قبلة لمن يود معرفة تراث البحرين ومعرفة عادات أهل البحرين ومعرفة كل حي باسمه وكل موقع تراثي بتاريخه، وكل منزل باسم أحد كبار أهل البحرين سابقا، مع معلومات وافية لمن يود معرفة شيء عن أهل البحرين... ستكون حينها مناسبة العاشوراء أكثر تنظيما وتطويرا وستكون واحدة من عدة مناسبات تتم فيها إعادة الحياة إلى المنامة.

فهذه هي المنامة تعود إلى حالها الطبيعية في أيام العاشوراء... تعود الى شيء من جذورها وأصولها، ويشعر المرء بالفخر والعز وهو يسير في ازقتها وكيف ان أهل البحرين يمشون فيها من كل حدب وصوب (في الايام الاعتيادية يرتاد الآسيويون هذه الازقة).

وليست الأحياء القديمة للمنامة فقط التي نحلم ان تعود إليها الحياة على مدار السنة، وانما أحياء المحرق ايضا التي تحظى حاليا برعاية افضل مما تحظى به المنامة. فجميع البلدان التي تهتم بتنشيط مختلف انواع السياحة تعيد الحياة لاحيائها القديمة، ونحن أهل لذلك وهو ما يثبته موسم العاشوراء الذي دشن «السياحة الدينية» بجهود أهلية بحتة احتوت على خبرات متطورة في مختلف المجالات...

قرى البحرين يجب ان تعود إلى أصالتها مع تشييد بوابات ترقى لمستوى كل قرية بدلا من الحال الآن إذ يتم تشويه القرى بمبادرات طيبة ولكنها غير مدروسة وغير متقنة. ونحن محظوظون ان كل قرية لها حرفة أو ميزة تميزها، وينبغي على الجهات الحكومية والبلدية ان تتعاون مع الصناديق الخيرية والمراكز الرياضية والثقافية في كل قرية لاعادة احياء تراث كل قرية، بحيث يمكن ان تنعم هذه القرى بمهرجانات ومناسبات على مدار السنة.

لدينا كل ما نحتاجه للصعود بمستوى البحرين بالاعتماد على الجهود الخيرة لأبناء كل منطقة، ولكن ما ينقصنا هو التصور والاستراتيجية التي نجدها متوافرة في بلدان اخرى ولكن لا نجدها في بلادنا على رغم اننا نملك مقومات أكبر.

عاشوراء البحرين تثبت بما لايدع مجالا للشك في ان أهل البحرين مبدعون وقادرون على تحقيق المزيد من الابداع وتحمل المسئولية بصورة أكبر فيما لو توافرت الظروف وتسهلت الأمور أكثر. فنحن بحاجة إلى رمزية بحرينية في كل هذه المناسبات وهذه الرمزية قد تبدأ صغيرة هنا وهناك، ولكن مع الاعداد الجيد والارادة المشتركة نستطيع ان نستفيد من كل مناسبة دينية ووطنية لاعادة مجد بلادنا ورفع شأنها بما يخدم المستقبل الاكثر اشراقا

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 542 - الأحد 29 فبراير 2004م الموافق 08 محرم 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً