قبل الانتقال إلى فترة الستينيات، لا بد من أن نذكر أن خمسينيات الصحافة في الكويت شهدت وللمرة الأولى في تاريخها أول قانون المطبوعات والنشر الذي ينظم العلاقة بين الحكومة وبين أصحاب المطابع والصحف وسائر العاملين في هذا «الميدان الرفيع». هكذا جاءت العبارة في تقديم القانون - حتى يتمكن الحاكم والمحكوم من مسايرة الزمن وعلاج المسائل العامة ورعاية الأصول.
صدر القانون في شهر يونيو/حزيران العام 1956 واحتوى على 35 مادة، أفرد للمواد الممنوع نشرها خمس مواد والعقوبات سبع مواد.
وحدد المواد الممنوع نشرها بعبارات مطاطة تحتمل الاختلاف بالتفسير والتأويل، كتلك التي تقول «محظور نشر كل ما من شأنه المساس برؤساء الدول الأجنبية»، ولم يفسر أو يوضح المشرِّع ما هو المقصود بالدول الأجنبية.
وهذا القانون صدر من دائرة المطبوعات والنشر (وزارة الإعلام سابقا) التي تأسست في 13 فبراير/شباط 1955، والذي جاء بعد سنة تقريبا من تأسيسها، وكأن وظيفتها الوحيدة انحصرت في إصدار هذا القانون وتفرغت له بعناية وإتقان.
بداية الستينيات انتقلت الكويت إلى عصر النفط وظهور كيانها المستقل بعد اعتراف الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية بها، وأخذت الدولة مقوماتها وأركانها التي أتاحت لها تنظيم إداراتها ووزاراتها، وباتت مشاريع إصدار الصحف من قبل الدولة تأخذ طابعا تجاريا وامتيازات ودعما ماليا من الدولة، عبر تسهيلات منح الأرض والقرض، فضلا عن الإعلان التجاري الذي ساهم بدعم الصحف ماليا وتوجيهيا، إضافة إلى عامل مهم وهو وجود مطابع خاصة وحكومية، وإن كانت محدودة وضعيفة، وشهدت هذه الفترة دخول الألوان على الصحافة وللمرة الأولى.
فكانت صحافة الاستقلال التي بدأت بــ «الرأي العام» أول صحيفة يومية كويتية في 16 أبريل/ نيسان سنة 1961 و»السياسة» التي صدرت للمرة الأولى العام 1965 بشكل أسبوعي وتحولت إلى يومية العام 1968 ثم «الوطن» التي صدر العدد الأول منها العام 1962 أسبوعية وتحولت إلى يومية في 17 يناير/كانون الثاني العام 1974 و»القبس» كصحيفة يومية في 22 فبراير/شباط 1972 و»الأنباء» العام 1976، بالإضافة إلى صحيفتين باللغة الإنجليزية هما «كويت تايمز» العام 1963 و»آراب تايمز» العام 1977.
هذه «النهضة» الصحافية، إذا جاز التعبير، واكبها صدور قانون للمطبوعات والنشر وهو القانون رقم 3 لسنة 1961 في عهد الشيخ عبدالله السالم الصباح، والذي مازال القاعدة التشريعية والقانونية التي يتم الاحتكام إليها.
بحسب ما كتبه الأستاذ أحمد يوسف النفيسي في «الطليعة» بتاريخ 11 يناير 2003، روى استقالة الأعضاء الثمانية من مجلس الأمة العام 1965 احتجاجا على تمرير ثلاثة قوانين مجحفة، منها قانون المطبوعات الذي أطلق يد الحكومة بتعطيل الصحف إداريا وسحب الامتياز، وكان أول الغيث صدور قرار وزاري بإغلاق «الطليعة» مدة عام كامل، لكن هذا التعطيل ألغي بقانون قدمه المرحوم سامي المنيس ووافق عليه المجلس سنة 1972.
طرأ على هذا القانون تعديلات وإضافات، منها إضافة مادة جديدة بأمر أميري تحت الرقم 59 لسنة 1976 والمعروفة بالمادة 35 مكرر، وكذلك تعديل المادة الثامنة من القانون والخاصة بالعقوبات.
وقد شكلت المادة 35 مكرر التي أضيفت على قانون المطبوعات والنشر سيفا مسلطا على حرية الصحافة. ووضع المزيد من القيود عليها، إضافة إلى كونها تحولت لمادة خلاف رئيسية بين مؤيد لحرية الصحافة ومعارض لها وهذه المادة تعطي للحكومة حق التعطيل الإداري للصحف وإيقاف إصدارها عند «الضرورة» - القصوى - لمدة ثلاثة أشهر أو تعطيل الصحيفة وبقرار من مجلس الوزراء، لمدة لا تتجاوز سنتين أو إلغاء ترخيصها، «إذا ثبت أنها تخدم مصالح دولة أو هيئة أجنبية أو أن سياستها تتعارض مع المصلحة الوطنية».
وسلسلة التغييرات التي طالت تلك المادة، اعتبرت تاريخا لعلاقة الصحافة بالسلطة وخطا بيانيا يجسد حرية الصحافة صعودا وهبوطا في مختلف المراحل. وسيظهر هذا من خلال استعراض نص المادة وما لحقها من إضافات.
تنص المادة 35 بالأصل على: «يجوز بقرار من رئيس دائرة المطبوعات والنشر، تعطيل الصحيفة لمدة لا تزيد على سنة واحدة أو إلغاء ترخيصها إذا ثبت أنها تخدم مصالح دولة أجنبية تتعارض مع المصلحة الوطنية، أو ثبت أن الصحيفة غير السياسية قد حادت عن غرضها وخاضت في أمور سياسية، ويجوز التظلم من القرار أمام المجلس الأعلى خلال عشرة أيام من وقت إبلاغه».
وفي سنة 1965 صدر القانون رقم 29 لسنة 1965 بتعديل مادة في قانون المطبوعات والنشر على النحو التالي:
«يجوز بقرار من مجلس الوزراء تعطيل الصحيفة لمدة لا تزيد على سنة واحدة، إذا نشرت ما يخالف الحظر الوارد في المادة 23 والفقرة الأخيرة من المادة 24 والمادتين 27 و30 من هذا القانون.
ويجوز التظلم من قرار التعطيل أو إلغاء الرخصة حسب الأحوال أمام مجلس الوزراء خلال عشرة أيام من وقت إبلاغ مالك الصحيفة أو رئيس تحريرها بالقرار المذكور، ويعتبر القرار الصادر من مجلس الوزراء في التظلم نهائيا.
ولا يمنع قرار التعطيل أو إلغاء الرخصة من محاكمة المسؤولين أمام المحكمة المختصة غذا اقتضى الأمر».
وفي سنة 1972 صدر قانون بتناول المادة 35 ويحمل الرقم 9 جاء فيه:
1 - لا يجوز تعطيل أية جريدة أو إلغاء ترخيصها إلا بموجب حكم نهائي صادر من محكمة الجنايات، ولا يجوز أن تزيد مدة تعطيل الصحيفة على سنة واحدة.
2 - ويقدم مالك الصحيفة ورئيس تحريرها إلى المحكمة بقرار من النائب العام المختص بعد تحقيق تجريه النيابة العامة بناء على بلاغ يقدم إليها من وزير الإعلام.
3 - ومع ذلك يجوز لرئيس دائرة الجنايات عند الضرورة أن يقرر بناء على طلب يقدم إليه من النيابة العامة - إيقاف صدور الصحيفة مؤقتا أثناء التحقيق أو أثناء المحاكمة لمدة لا تتجاوز ثلاثة أسابيع.
وفي سنة 1976 أضيفت مادة جديدة إلى قانون المطبوعات والنشر ألحقت بالمادة 35 مكررا، ونصت على:
«مع عدم الإخلال بالجزاءات المنصوص عليها في هذا القانون أو أي قانون آخر، يجوز بقرار من مجلس الوزراء تعطيل الصحيفة لمدة لا تجاوز سنتين أو بإلغاء ترخيصها إذا ثبت أنها تخدم مصالح دولة أو هيئة أجنبية أو سياستها تتعارض مع المصالح الوطنية أو إذا تبين أنها حصلت من أي دولة أو جهة أجنبية على معونة أو مساعدة أو فائدة في أي صورة كانت ولأي سبب وتحت أي حجة أو تسمية حصلت بها عليها بغير إذن من وزارة الإعلام.
كما يجوز عند الضرورة القصوى أن يوقف إصدار الصحيفة بقرار من وزير الإعلام لمدة لا تجاوز ثلاثة أشهر.
ولا يجوز لأي جريدة نشر أي إعلان أو بيان من دولة أو هيئة أجنبية قبل موافقة وزارة الإعلام.
كما يجوز عند الضرورة القصوى أن يوقف إصدار الصحيفة بقرار من وزير الإعلام لمدة لا تجاوز ثلاثة أشهر.
ولا يجوز التظلم من قرار التعطيل أو الإلغاء أو الوقف إلى مجلس الوزراء خلال أسبوعين من إبلاغ مالك الصحيفة بالقرار ويكون قراره في التظلم نهائيا.
العدد 2741 - الإثنين 08 مارس 2010م الموافق 22 ربيع الاول 1431هـ