العدد 2741 - الإثنين 08 مارس 2010م الموافق 22 ربيع الاول 1431هـ

تعدد الزوجات في المضمون

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

تقبّل علماء المسلمين ورجالهم عبر القرون فكرة تعدد الزوجات، إلا أن المضمون القرآني لتعدد الزوجات وممارسته قد انتفى وجودهما. لم يبحث القرآن الكريم موضوع تعدد الزوجات من حيث حقوق الرجل وإنما من حيث احتياجات النساء والأطفال في تلك الحقبة.

واقع الأمر هو أن الموضوع يُطرح في الآيات ( 3 ) و ( 127) و (129) من السورة التي أطلق عليها بشكل ملفت للنظر اسم «سورة النساء». نزلت معظم آيات هذه السورة في السنة الرابعة من هجرة المجتمع المسلم الناشئ من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة حوالي السنة 627 ميلادية، التي تحدّد بداية التاريخ الإسلامي. وهي تبني على السورة السابقة المتعلقة بمعركة أُحُد بين المسلمين الأوائل وسكان مكة، والتي قُتل فيها العديد من الرجال المسلمين، تاركين أرامل ويتامى.

هذا هو المضمون الحاسم في أي نقاش يتعلق بتعدد الزوجات في الإسلام، حيث أن الإذن أُعطي للرجال تحت هذه الظروف المحددة. وقد سمحت الآية (3) بتعدد الزوجات نتيجة لاهتمام الله تعالى بالوضع الاجتماعي للنساء والأيتام الذين تُرِكوا دون أزواج أو آباء ماتوا في القتال من أجل النبي (ص) ومن أجل الإسلام.

وهي آية تتعلق بالرحمة والتعاطف تجاه النساء وأطفالهن، وليس بالرجال والجنس. لقد كانت تعليمات موجهة لمجتمع أبوي بأن النساء وأطفالهن بحاجة للحماية والرعاية، وهي أمور كانت في تلك الأيام تتوفر بشكل فاعل من خلال الزواج.

عندما يتعلق الأمر باليتامى، يقول الله تعالى: «وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء، مثنى وثلاث ورباع، فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة...». جاء هذا الحل لتوفير بعض الحماية للنساء المعرّضات والأطفال المعرضين في مجتمع أبوي، طالما أن جميع النساء يحصلن على معاملة متساوية عادلة.

ولكن الله تعالى يقول في الآية (129) إن احتمالات التعامل بالعدل والمساواة بعيد الاحتمال. «ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم...».

ومما يثير الدهشة أن الآية (129) يجري تجاهلها إلى حد بعيد، بينما يتم استخدام الآية (3) من قبل بعض المسلمين لتبرير تعدد الزوجات للرجل، كأنما الآية هي عن حاجات الرجل الجنسية وليس الوضع الاجتماعي للأرامل واليتامى.

يرفض العلماء أمثال الفقيه المصري محمد عبده من القرن التاسع عشر والعالِم المسلم الهندي المعاصر أصغر علي إنجينير، الجدل القائل بضرورة إشباع رغبة الرجل الجنسية من خلال زواجه بالعديد من النساء، أو أن حقوق الرجال والنساء في إشباع الرغبة الجنسية مختلفة.

إلا أن العديد من الرجال يستخدمون مثال النبي (ص) في تعدد الزوجات كتبرير للقيام بذلك. ولكن النبي محمد (ص) كانت له زوجة واحدة لمدة 25 سنة، ولم يدخل في زيجات متزامنة إلا بعد وفاتها، شكّلت معظمها تحركات سياسية لتوثيق العلاقات مع قبائل أخرى.

إلا أن حديثا شريفا قويا يصف ردة فعل النبي (ص) عند سماعه أن ابن عمه علي وزوج ابنته فاطمة يفكر بالزواج من امرأة ثانية. استشاط النبي غضبا لدرجة أنه أعلن على الملأ أنه إذا كان علي يريد زوجة ثانية، عليه أن يطلّق فاطمة أولا.

جرت ترجمة القرآن الكريم عبر العصور وبشكل حصري تقريبا من قبل علماء ذكور، ورغم أن معظمهم كانوا صادقي النيّة وكانوا على علم ومعرفة، إلا أنهم عكسوا تفكير العصر الذي عاشوا فيه وثقافته وفرضياته.

لحسن الحظ أن العديد من العلماء أمثال انجينير توصّلوا إلى نتيجة أن «تعدد الزوجات هو أمر له مضمونه وأن الزواج من امرأة واحدة هو المعيار المتبع» في أيامنا هذه. وهناك دول مثل تونس ترتكز قوانينها على هذا المفهوم.

رسالة القرآن الكريم أبدية إلا أن المضمون قد تغير، وهذا أمر مفهوم، وهناك أمثلة عديدة على التعاليم المتطورة للقرآن الكريم.

على سبيل المثال، تواجدت العبودية لفترة طويلة في المجتمعات المسلمة. صحيح أن معظم العبيد كانوا أسرى الحروب، ولكنهم عبيد رغم ذلك. يعظ القرآن الكريم بالمعاملة الرؤوفة بالعبيد ويشجع على تحريرهم كعمل خير وصدقة، إلا أنه لم يستأصل العبودية بشكل كامل. ولكن أحدا من المسلمين لا يبرر العبودية اليوم.

يتوجب على المسلمين رجالا ونساء أن يفهموا الإذن المحدود والمتعلق بالمضمون في تعدد الزوجات. ليس هذا حق قدّمه الله تعالى للرجال المسلمين، وهو لم يعد ينطبق في مضمون العصر الحديث كوسيلة لحماية المرأة ورعايتها.

* المديرة التنفيذية للمجلس الكندي للمرأة المسلمة، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2741 - الإثنين 08 مارس 2010م الموافق 22 ربيع الاول 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 2:09 م

      الإسلام ثابت لا يتغير

      ديننا الإسلامي ثابت ولا يخضع لأهواء وآراء البعض من أمثال كاتبة الموضوع ، حتى لو لم نقتنع ببعض الأحكام.

    • زائر 8 | 9:34 ص

      المظلومه

      الله جل جلاله سمح للرجل بالواحده الى الرابعه ولكن اذا جات الثانيه خبيثه وشبعانه ملعنه وراحت الى المشعوذين ودمرت الاوليه وابناءها ولهفت الاولى والتالى ويش موقف الرجل؟

    • زائر 7 | 8:51 ص

      بو جاسم

      المقال يوجد به الصحيح وأكثره أهواء وأخطاء!
      الإسلام شرع الزواج بأربع دائم وبلا نهاية منقطع وهذا ثابت من السنة المطهرة التي لم يستطيع أتباع السلاطين تزويرها ليومنا هذا!
      أما العدل بين الزوجات فهو واجب مثل العدل بين الأبناء وكل المشاكل هي من وراء النساء(أن كيدهن عظيم)فالمرأة لا يحق له أن تملي على الرجل ما يفعله فليست قوامه عليه(الرجال قوامون على النساء)فالمرأة خلقها الله للرجل ولم يخلق الله الرجل للمرأة فأفهموا أننا أفضل منكم يا معشر النسوان!

    • زائر 6 | 7:46 ص

      قال ياابليس مامنعك ان تسجد لما خلقت طينا

      اتمنى من الاخت الفاضلة ان لاتحذو حذو ابليس الرجيم التمرد على اوامر الله جل وعلا حتى وان امرك ان تسجدي لنملة لان لن تكوني اعلم واحكم من الله والقرآن واضحا جليا للاولين والاخرين وليس لفئة محدودة وان اردت الاستفادة فيمكنك الاطلاع على احصائيات نسبة الذكور ونسبة الاناث في جميع انحاء العالم وستعلمين جزء من الحكمة

    • زائر 5 | 3:10 ص

      14 نور

      كفاكم يا أخوان ترهات فأنتم لا تعلمون من حق الإمام علي رجل نمله فهذا باب مدينة العلم
      وبالنسبة لتعدد الزوجات فهو لتغطية حالات متعددة من الناس في كل المجتمعات والله سبحانه وتعالى ليس جليل عن هذه الترهات فمن اراد اللحاق بركب الغرب فكل الأبواب مفتوحه له فمن ميزة الإنان حرية الإختيار ... كل نفس بما كسبة رهين...

    • زائر 4 | 3:05 ص

      WT.....

      First of all, please go and read the History again ..
      and the 2nd, don't take from Islam what you want and be aganist what you don't.
      Yeah I don't agree with multiple marriages, specially these days most of men are only 'males' and they can't take the responsibilites of 1 not even more.
      Once again, I would like to say respect Islam and don't take the part you like and ingore the other half of the sentence. Also don't add things without sources.

    • زائر 3 | 2:48 ص

      افكار شيطانيه

      الكاتبه راح عن بالها ان الله لا يقرر شيء وقتى او لحظي بل للازمان كلها وهي هنا تحدد من قدرة الله وهذا تدخل في شئون الله ووصف الله بمالايليق ,,, بوصف شرع الله محدود الر فتره زمنيه محدده ,,, بكره بطلعين لنا وبتقول مايحتاج تقرءون القرءان لانه خلاص نزل واكتمل !!! واللى بعده فكره جديده لاتصلون لان الصلاة كانت تخلى المسلمين يطيعون الله واحين الكل يطيع الله لهذا مانحتاج الصلاة !!! ,,

    • زائر 2 | 2:30 ص

      أكبر شلخه

      متى النبي (ص) واله ، استشاط غضبا على الأمام علي (ع) ، الصراحه قويه وايد ، اول مره اسمع هاي الشلخه ، استغفر الله العلي العظيم.

    • زائر 1 | 12:57 ص

      مع احترامنا لرأي الكاتبة لكن .....

      للكاتبة الحق في التعبير عن رأيها، ولكن هذا ليس رأي الشارع المقدس، الكاتبة لم تكمل الآية والتي تقول ولن تعدلوا ولو حرصتم، مفاد الآية العدل العاطفي، وليس هناك نهي من التعدد، بالنسبة لما ذكر عن عزم علي عليه السلام عن الزواج بثانية وعن الافتراءات بأن الرسول ص قال بأنه يجب على علي أن يطلق فاطمة عليها السلام إن تزوج بثانية، لا نعلم من أين جاء هذا الكلام الباطل والغير مقبول لا عقلاً ولا نقلاً، لأنه لا يصدر عن رسول هذه الأمة المنزه عن الزلل وهذا فيه تعصب ولا نقبل مثل هذا الكلام عن نبينا ص

    • فقيرة الى الله | 12:50 ص

      مو شرط يكون الزواج الثاني منقذ!!!!

      احياناً او معظم الزواج الثاني يكون دمار للعائلات وما في رجل يعدل بين اثنتين ولو انه حاول العدل الا انه ينحاز حق واحده من الزوجات العادل هو الله سبحانه وتعالى

    • أبوسيدمقتدى | 11:21 م

      أفكار غربية

      افكار بسم الاسلام ولكن بعيدة كل البعد عن الإسلام وتريد ان تلغي ما أحل الله في كتابة الكريم، حلال محمد حلال ليوم القيامة وحرام محمد حرام ليوم القيامة، والزواج الثاني انقذ عائلات وأنقذ نساء عوانس وأرامل وانقذ يتامى من التشرد والضياع في زمن الحداثه كما تدعون

اقرأ ايضاً