يمثل تنفيذ ماليزيا لحد الزنا على نساء بموجب الشريعة أحدث خطوة تقوم بها الحكومة لاستمالة المسلمين المحافظين في تكتيك ينطوي على مخاطر ربما تسبب رد فعل عكسيا لدى الأقليات العرقية ويضر بالإصلاحات الاقتصادية.
وتم تنفيذ حد الزنا بالضرب بعصا لأول مرة في ماليزيا التي تتسم عادة بالاعتدال في فبراير/ شباط بعد أن أصدرت محكمة حكمها ضدهن. وتواجه امرأة أخرى حد شرب الخمر بعد احتسائها الجعة.
وجاءت هذه الخطوة في أعقاب نزاع بشأن استخدام المسيحيين الذين يتحدثون الملايو لكلمة «الله» ما أدى إلى هجمات على الكنائس والمساجد وقبل قضية أخرى تنظرها المحكمة هذا الأسبوع بشأن حق المسيحيين في استخدام هذه الكلمة.
وأيد تطبيق الحد مسئولون من المنظمة الوطنية المتحدة للملايو، وهو حزب رئيس الوزراء، نجيب عبد الرزاق والذي يسيطر على ائتلاف الجبهة الوطنية التي تحكم البلاد منذ 52 عاما.
وحقق الحزب أسوأ نتائج على الإطلاق في الانتخابات الوطنية وانتخابات الولايات العام 2008 ما أدى إلى الإطاحة برئيس الوزراء في ذلك الوقت وتعيين نجيب في أبريل/ نيسان العام 2009 ليعمل على تحقيق التغيير.
ويقول نجيب إنه ملتزم بالإصلاحات الاقتصادية للحد من المعاملة المميزة للملايو العرقيين لكنه يسعى جاهدا لعدم إثارة استياء الملايو المسلمين الذين يمثلون 55 في المئة من السكان وهم الركيزة الأساسية لدعم الجبهة الوطنية بعد أن تخلى عنها الناخبون من أصول صينية وهندية.
من جانبه، قال مدير مركز مرديكا، إبراهيم سفيان، وهو مؤسسة استطلاعات مستقلة «هناك اعتقاد واضح لدى الكثيرين في المنظمة الوطنية المتحدة للملايو وهو أنه سيكون من الصعب استعادة التأييد المفقود خصوصا بين الصينيين».
وأعلن عضو معارض في البرلمان من الملايو أنه سيستقيل ليكون عضوا مستقلا قائلا إن المعارضة «أهانت» الإسلام من خلال دعم حق المسيحيين في استخدام كلمة «الله».
وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة «مرديكا» أن نحو ثلثي الملايو لا يجدون غضاضة في تطبيق الحدود الإسلامية، ووجدت المنظمة الوطنية المتحدة للملايو نفسها تخوض معركة مع حزب إسلامي عاود الظهور بشأن هذه الأصوات.
ويقول محللون إن قضايا الدين ربما تسبب خسائر اقتصادية.
وقال المحلل السياسي، أونج كيان مينج «رد الفعل العكسي غير المتوقع سواء محليا أو دوليا ربما يبعد اهتمام نجيب عن التعامل مع بعض من المشكلات الاقتصادية الأكبر».
ويعكس النظام السياسي لماليزيا التركيبة العرقية للبلاد التي يسكنها 28 مليون نسمة، ودفع هذا المنظمة الوطنية المتحدة للملايو إلى أن تواجه معركة مع الحزب الإسلامي لعموم ماليزيا الذي يدعو إلى تطبيق الشريعة وإقامة دولة إسلامية على أصوات الناخبين من الملايو.
وفي الوقت الذي كشف فيه نجيب عن إصلاحات اقتصادية سببت تلاشي السياسة الاقتصادية الجديدة المستمرة منذ عشرات السنين والتي تحابي الملايو بدأت تظهر جماعات للدفاع عن حقوق الملايو الذين ينظر لهم على أنهم لا يمكن الفصل بينهم وبين الإسلام ما أدى إلى إثارة التوترات العرقية والدينية.
وسيكون فقراء الملايو هم الأكثر تضررا من ضريبة جديدة تفرض على البضائع والخدمات وإلغاء الدعم الحكومي للوقود والمواد الغذائية للحد من عجز الموازنة الذي بلغ أعلى مستوى منذ 20 عاما عند 7.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2008.
وقال إبراهيم «مع وجود عدد كبير من الملايو لهم دخل منخفض نسبيا وأكثر اعتمادا على المساعدات والخدمات الحكومية فإن أي خفض ربما يمثل تحديا (للحكومة)».
وأسس بعض الملايو منظمة تدعى «بركاسا» أي القوة للدفاع عن حقوقهم بما في ذلك المميزات التي كانوا يحصلون عليها بموجب السياسة الاقتصادية الجديدة. وهم يدافعون عن تطبيق الحدود.
وقال زعيم «بركاسا» إبراهيم علي وهو عضو مستقل في البرلمان ونائب وزير سابق «يؤيد الكثير من المالاويين تطبيق الحدود وحتى الحزب الإسلامي لعموم ماليزيا تأخر في هذا إذ كنت أتوقع أن تطبيق الحدود سيبدأ أولا في كيلانتان وكيداه (ولايتان يحكمهما الحزب الإسلامي لعموم ماليزيا)».
وفي حين أن تطبيق الحدود ربما يروق للمحافظين وللملايو الريفيين فإن الحزب الإسلامي لعموم ماليزيا لم يتمكن من الخروج من معاقله الريفية إلا عندما تحالف بنجاح مع حزب للصينيين والإصلاحيين في تجمع قاده نائب رئيس الوزراء السابق أنور إبراهيم الذي كان زعيما سابقا للطلبة الإسلاميين.
واتسم الحزب الإسلامي لعموم ماليزيا بالذكاء في التعامل مع الهجمات التي استهدفت كنائس من خلال إظهار التضامن مع المسيحيين، في حين أن نجيب أبدى استياءه من تلميحات بأن الحكومة هي التي أذكت جوا من الكراهية أدى إلى تلك الهجمات.
ويقول مسئولو الحزب الإسلامي لعموم ماليزيا إن طريقة تعامل المنظمة الوطنية المتحدة للملايو مع تطبيق الحدود حيلة سياسية لاستمالة 15 في المئة من الملايو الذين ما زالوا مترددين وكذلك لإبعاد الحزب الإسلامي لعموم ماليزيا عن حلفائهم من الصينيين.
وقال ذو الكفل أحمد، وهو مسئول رفيع في الحزب الإسلامي لعموم ماليزيا «قضية الحدود مجرد خدعة سياسية».
ومضى يقول «لأننا لو صدقنا ما يقولون فإن السؤال الذي يحتاجون للرد عليه هو هل يريدون حقا تطبيقا كاملا للشريعة؟».
العدد 2736 - الأربعاء 03 مارس 2010م الموافق 17 ربيع الاول 1431هـ