العدد 2736 - الأربعاء 03 مارس 2010م الموافق 17 ربيع الاول 1431هـ

جفاف عاطفي أم ماذا؟!

أعتقد أن الكثير من الناس شاهدوا بعض البرامج التلفزيونية التي تعتمد في فقراتها على المسابقات وتقديم الجوائز للمتصلين الذين يحالفهم الحظ، هذه البرامج كثرت في الآونة الأخيرة في المحطات الفضائية في دول مجلس التعاون، وهذا أمر ليس لنا فيه أى اعتراض أو انتقاد فهي لاشك برامج مسلية وتجذب الكثير من المشاهدين من جميع الشرائح العمرية، ولكن ما يلفت النظر ويدعو فعلا لدراسة هذه الظاهرة وتشخيصها من قبل المهتمين بالجوانب الاجتماعية والنفسية للكثير من المشاهدين، حيث إن أغلب المخرجين يختارون مقدمي هذه البرامج بدقة وبمواصفات معينة، ويتم تزويدهم بتوجيهات يرون أنها من مقومات النجاح لهذا البرامج أو ذاك، لان هذا المخرج والمقدم على دراية تامة بنفسيات مشاهديه وما يعتلج في صدورهم ويحرك مشاعرهم .

ما نريد أن نتوصل اليه من هذه المقدمة هو ما نلاحظه من أعراض حادة من ظاهرة الجفاف العاطفي بشكل واضح وجلي لدى البعض من المتصلين، فالمقدمون لهذا النوع من البرامج سواء من الرجال او النساء يستخدمون كلمات مستهلكه ثابتة جافة جدا من كثرة الاستعمال وفاقدة لأي مشاعر حقيقية صادقه، لكنها تأسر وتحرك وتهيج مشاعر البعض من المتلقين بشكل لافت، وهذه من وجهة نظرنا ظاهرة اجتماعية تستحق الدراسة والتوجيه، ويتحمل المسئولية في ذلك الآباء والمتزوجون، فيجب الا تترك أرضية المشاعر جرداء خالية من أي نوع من العواطف، وتكون بالتالي تربة خصبة لاي كلمه من هنا او هناك لتنغرس فيها وتنمو وتأتي ثمارها حسرة وندامه، فالاسرة هي خط الدفاع الاول في وجه الانحرافات والاضطرابات النفسية والسلوكية، فتبادل القصص والطرائف والالغاز البسيطة من شأنها ان تشبع حالات الابناء الى الحنان والامن والطمانينة، فدور الاب مهم جدا في إشباع إبنته بالكلمات العاطفية الابوية قبل أن يشغلها غيره، كما أن للزوجين الدور الاكبر سواء من جانب الزوج لزوجته او الزوجة لزوجها فقبل ان يكون الحنان المتبادل والحب الصادق واجبا شرعيا وأخلاقيا، هو بدون شك صمام أمان لحياة زوجية سعيدة لا تكدرها أي شائبة كانت، فلنعود أنفسنا على بعض العادات ونتحرر قليلا من بعض التقاليد التي تمنع الفرد احيانا من التعبير عن عاطفته ومصارحته بالحب المكنون بداخله لمن يحب، فالحب لاشك نبراس لهذه الحياة كيلا يسيطر عليها السأم والملل.

فما نلاحظه من هذه الظاهرة ونقصد بها هذا الانتشاء الزائد من كلمات مقدمة أو مقدم هذه البرامج، هو لا شك جفاف عاطفي إن لم يكن تصحر عاطفي برزت أعراضه بشكل واضح من كلمات ونبرات أصوات بعض المتصلين، كما يدل على شح حاد في العواطف الايجابية التي حرمت منه هذه الزوحة اوتلك او حرم منه الزوج أو الابناء.

العدد 2736 - الأربعاء 03 مارس 2010م الموافق 17 ربيع الاول 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً