لم يعد المسرح أداة للترفيه فقط كما كان ينظر إليه الناس في السابق، بل أصبح جزءا أساسيا من الثقافة، ومساهما كبيرا في تشكيل وعي المجتمع والمشاركة في تغيير واقعه ورسم معالم طريقه المستقبلي.
ولقد كان المسرح المدرسي رافدا أساسيا من روافد المسرح في البحرين. فمنذ أوائل المسرحيات التي كتبها الشاعر إبراهيم العريض والشاعر عبد الرحمن المعاودة وتمّ تمثيلها على خشبات مدارس البحرين، والمسرح المدرسي يحتضن مواهب كبيرة، ويهيئ جيلا شابا من المسرحيين والكتاب المسرحيين.
ولا نبالغ إذا قلنا بأنّ الحركة المسرحية في البحرين تدين بشكل كبير إلى المسرح المدرسي في تغذيته بالممثلين وممارسي الحركة المسرحية. فانطلاقة كثير من الممثلين الكبار اليوم كانت من المسرح.
ولقد وعت وزارة التربية والتعليم إلى هذا الأمر في صياغة مشروعاتها التطويرية، فقرّرت أن تجعل المسرح مساقا قائما بذاته، بعد أن نجحت تجربته في بعض المدارس على هيئة مشروع تطويري.
من جهتهم، عبّر عدد من المعلمين عن سعادتهم من توجه الوزارة نحو تخصيص مساق للمسرح، فتقول زكية الموسوي- مدرِّسة بمدرسة الحورة الثانوية للبنات: «المسرح المدرسي جزء لا يتجزأ من العملية التربوية التعليمية لما له من تأثير على الناشئة لما يزخر به من جمالية وتشويق، فهو يقدم الوقائع مجسدة ومرئية وملموسة ومسموعة في آن واحد بالإضافة إلى كونه وسيلة فعالة في توصيل المعلومة فهو مجال قادر على الاختزال والتثبيت، يتدرب من خلاله الطالب القراءة المعبرة، الإلقاء الجيد، ومواجهة الجمهور، والقدرة على أداء الأدوار، إضافة إلى تنمية مواهب أخرى كالكتابة الدرامية والإدارة المسرحية والإخراج والثقافة في مجال المسرح».
وتضيف مها عبدالكريم الخان- معلمة بمدرسة الحد الإعدادية الثانوية للبنات: «إني سعيدة كل السعادة بخطوة تحويل مشروع المسرح في المدرسة إلى مساق تطبيقي إثرائي مستقل، فالمسرح عالم فسيح يستطيع الطالب إيجاد نفسه من خلاله، فيتخلص من ضغوط كثيرة محيطة به، فيستشعر بأهميته وضرورته،إضافة إلى ما يسهم به من تنمية لشخصية الطالب وتعبيره عن ذاته بالحركة والكلمة والصوت».
ومؤخرا قامت الوزارة بتنظيم برنامج تدريبي للمعلمين القائمين على هذا المساق شاركت به 15 مدرسة من المدارس الثانوية وذلك بمركز مصادر التعلم للمعلمين بالمنامة، وقد بدأ البرنامج بتقديم لعلي الرحماني اختصاصي مناهج اللغة العربية، ركّز فيه على محاور تنشيطية مع المعلمين الحاضرين من مطبقي المساق لإبراز مفهوم المسرح ومبررات إدراجه مقررا تطبيقيا إثرائيا وأهداف الوزارة من إنشائه ومجالات تطبيقه والكفايات التي تهدف إلى إحراز الطلبة لها، بالإضافة إلى الأساليب المعتمدة في تقويم هذا المساق «المسرح في المدرسة».
ثم استعرضت يسرى عبدالمحسن جاسم مدرسة مادة المسرح في مدرسة كانو الدولية الحلقة الثانية من البرنامج تجربتها في المسرح المدرسي من خلال عرض تقديمي عرفت فيه المسرح وتقسيم الطلبة إثر ذلك إلى فئات عمرية: مرحلة الخيال من سن 6 إلى سن 12 سنة ومرحلة المغامرة والبطولة من سن 13 إلى سن 15 سنة ومرحلة بناء الشخصية والاتجاهات من سن 16 إلى سن 18 سنة، مبرزة أهم خصائص كل مرحلة.
هذا وتواصلت أعمال هذا البرنامج التدريبي على مدى خمسة أيام حيث قدّم حسن منصور اختصاصي مسرح بإدارة الخدمات الطلابية «خطوات» المسرح المدرسي. كما قدّم حسن عبدالرحيم رئيس مجموعة المعارض والإنتاج المسرحي حلقة عن دور المسرح المدرسي وأهميته في عملية التعليم والتعلم. وخلال البرنامج كانت هناك مشاركة لربط المسرح في المدرسة بمشروعات تحسين أداء المدارس قادتها كرستين جلن مستشارة التعليم بمجلس التنمية الاقتصادية كما قدّم المخرج محمد الصفار خطة العمل الإخراجي موضوع المسرحية والشخصيات والبناء الدرامي والصراع والحوار والسيناريو. في اليوم الختامي لهذا البرنامج التدريبي قدّم فؤاد الحمر اختصاصي أول مسرح مدرسي حلقة عن تقنيات العمل الدرامي المسرحي: الملابس والمؤثرات الصوتية والمكياج والديكور.
وحول انطباع المعلمين عن البرنامج التدريبي يقول حسن علي كاظم- معلم بمدرسة الرفاع الشرقي الثانوية للبنين: «إن محاور البرنامج التدريبي جاء شاملا ومركزا على أساسيات المسرح المدرسي لدى المتدربين، حيث ركز المدربون على أهم النقاط والفعاليات التي يحتاجها المسرح المدرسي، مما أثر إيجابا على تفاعل المتدربون خلال أيام البرنامج، وأتمنى برامج تدريبية قادمة تختص بالجانب التطبيقي في المسرح، والاطلاع على تجارب دول المنطقة الرائدة والمتميزة في مجال المسرح المدرسي».
العدد 2736 - الأربعاء 03 مارس 2010م الموافق 17 ربيع الاول 1431هـ