افتتح الأسبوع الماضي بتصريحٍ لوزيرة الخارجية الأميركية «تأمر» فيه سورية بالابتعاد عن حليفتها إيران، ووقف دعمها للمقاومة في لبنان، واختتم بلقاء قمة استراتيجية جمع الرئيسين السوري بشار الأسد والإيراني أحمدي نجاد.
في دمشق، شاهد العالم السيد حسن نصر الله يمشي مع الرئيسين، وحرص نجاد على اللقاء بقادة الفصائل الفلسطينية، واستغل بشار المؤتمر الصحافي ليرد على كلينتون ساخرا بقوله: «بما أننا فهمنا الأمور خطأ ربما بسبب الترجمة... فقد وقّعنا اتفاقية إلغاء التأشيرات بين البلدين». وأضاف: «أستغرب كيف يتحدثون عن الاستقرار والسلام وكل المبادئ الأخرى الجميلة ويدعون للابتعاد بين دولتين»! أما نجاد فردّ بالقول «إن دائرة التعاون بيننا تتسع يوما بعد يوم ونحن عازمون على أن نطوّر علاقاتنا إلى أقصى مدى ممكن».
تصريح كلينتون سقطة سياسية كبيرة، تدل على عدم معرفة بشؤون المنطقة، ولا تليق بمن يدير سياسة خارجية لدولة كبرى. وهو ليس بالأمر المستغرب على شخصيةٍ جاءت للخارجية، ليس لتمتعها برؤيةٍ استراتيجية وعمق أكاديمي كسابقتها مادلين أولبرايت، وإنّما وفق صفقةٍ تخلّت بموجبها عن سباق الرئاسة مقابل ضمان كرسي الوزارة. ولا أدري كيف سيكون شعورها وهي تسمع تقريع الأسد: «أتمنى من الآخرين ألا يعطوا دروسا عن منطقتنا وعن تاريخنا. نحن نحدّد كيف تذهب الأمور ونعرف مصلحتنا ونشكرهم على نصائحهم»!
هذا الأسبوع افتتح بمؤتمر «التضامن من أجل مستقبل فلسطين»، تنظّمه الخارجية الإيرانية، بحضور قادة الفصائل الفلسطينية المقاوِمة... التي لا تجد كثيرا من العواصم العربية مستعدة لاستقبالها أو الجهر بمساندتها، بينما تجد الدعم والمساندة من طهران، حيث تستقبل قادة حماس والجهاد والشعبية والديمقراطية بالأحضان.
ماذا ينتظر العرب إذا من الفلسطينيين بعد ستين عاما من النكبة وعشرين عاما من المفاوضات العابثة؟ أن ينكفئوا في مخيّماتهم حتى يموتوا جوعا، أم يذهبوا إلى أقاصي الأرض من أجل جلب النصرة لقضيتهم التي تتعرّض إلى عملية تصفية وقتل بطيء؟
في مؤتمر صحافي أمس، تحدّث أحمد جبريل، وهو من الزعامات الفلسطينية البارزة، عن مآلات قضية بلاده، فقال «ألا يعيب الحكام أن يأتي الأجانب من شتى بقاع الأرض لمواساة شعبنا والمطالبة بفك الحصار عن غزة، بينما يساهم حكامنا في هذا الحصار والتجويع؟»
جبريل الذي انتقد الأنظمة على تمسّكهم بخيارات التفاوض إلى ما لا نهاية، تساءل قائلا: «هل تعرفون من الذي كتب بنود المبادرة العربية؟ إنه (الكاتب الأميركي توماس فريدمان). وهل تعلمون أنهم تخانقوا في بيروت لست ساعات، في الغرف المغلقة، واختلفوا على إضافة كلمة (حق العودة للاجئين) إلى المبادرة، ولم يضمّنوها إلا بعد أن هدّد الرئيس اللبناني إميل لحود بالانسحاب».
جبريل المشرّد الذي عاش الضياع الأكبر في أعقاب اتفاق أوسلو، عاد بذاكرته إلى العام 1979، ليقول إنه بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران بدأت كفلسطيني أرى سواحل حيفا ويافا، وأحلم بشوارع القدس، فلماذا تآمروا علينا لوأد أحلامنا؟ أليس من العار أن تأتي إيران بكل ثقلها وعملقتها لنصرتنا، فنفتعل كل يوم حربا معها، ونثير مزيدا من الفتن، ونجعلها عدوّنا الأول بدل (إسرائيل)»؟ حتى كلينتون التي كانت قبل أيام شاربة حليب سباع، عادت أمس للحديث عن خيارات المفاوضات مع إيران».
الفلسطينيون الذين يتعرضون لمزيدٍ من الاستلاب وسحق الهوية وتهويد المقدسات، هم أسعد الناس بهذه التطورات.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 2733 - الأحد 28 فبراير 2010م الموافق 14 ربيع الاول 1431هـ
استح اشويه يازائر مستعجل للنقد الفاشل
العنوان يكفي
مقال متميز أستاذ قاسم!
مقال متميز من قلم متميز، للأسف نحن نعيش حاضراً مليئاً بالمتناقضات وازدواجية المعايير واعوجاج التفكير!
و الله يصلح أحوالنا وأحوالكم.
الحين عرف السبب
عجل طلع اللي كتب انصوص المبادرة العربية واحد امريكي!!!! يادافع البلاء، عيل ليش يقولون مبادرة عربية ويسجلونها باسم واحد من ملوك العرب؟
الشره على العرب
الذين تخلوا عن الفلسطينيين. بل وفي آخر عمايلهم أخذوا يشاركون في الحرب ضدهم وتجويعهم وتشديد الحصار عليهم. لو كان فينا خير لما تركناهم. عار علينا ان نجوعهم لتركيعهم خدمة لمشاريع اسرائيل وتنفيذا لرغباتها.
رهان خاسر
ياسيد الغرقان يحاول التشبث بأي شيء وهذا هو حال الفلسطينيين فمن سوريا لم تنطلق أية رصاصة أو عملية فدائية تجاه إسرائيل فسوريا وإيران تحاربان إسرائيل عن طريق أطراف أخرى خدمة لمصالحهما وعادة مايكون الفلسطينيين واللبنانيين ضحايا هذه السياسة الذكية وعندما يتحقق لسوريا وإيران ما تصبوان إليه فسترى كيف يتم التعامل مع الفلسطينيي واللبنانيين فشعب الدولتين لم يسلم منهما فمابالك بالغير.