في الأول من مارس/ آذار 2010 تشارك مملكة البحرين دول العالم الاحتفال باليوم العالمي للدِّفاع المدني؛ الذي يأتي هذا العام تحت شعار «الدفاع المدني وطب الكوارث»، نظرا إلى ما تشكله الكوارث بكل أشكالها من تحديات، وما تخلفه من آثار مدمرة على الأرواح والممتلكات.

وبقدر ما تقوم به الأجهزة الحكومية والأهلية المساندة وفي مقدمتها أجهزة الدفاع المدني يكون الأثر الفعال في تقليص الخسائر والسرعة في إنقاذ الأرواح، وهذا يعتمد على عناصر أساسية من أبرزها الجاهزية وسرعة التدخل والكفاءة والقدرة في تنفيذ عمليات الإنقاذ والإخلاء بما فيها الإسناد الطبي وجهود الإسعاف، الأمر الذي يستدعي وجود خطة طوارئ شاملة تأخذ في الاعتبار كلّ الظروف المحتملة التي تهدد السلامة العامة، وتتوزع فيها الأدوار والمهام بين الأجهزة المعنية في إطار من التنسيق والتكامل.

وهنا لابد من الإشارة إلى جهود المملكة في الاهتمام بهذا الموضوع، حيث صدر قرار سمو رئيس الوزراء رقم (55) لسنة 2009 بإعادة تشكيل مجلس الدفاع المدني، وتضمنت المادة الثانية من القرار ارتباط اللجنة الوطنية لمواجهة الكوارث بالمجلس والتي تم تشكيلها سابقا بقرار سمو رئيس الوزراء رقم (28) لسنة (2006) ويتولى مجلس الدفاع المدني مهام التخطيط والمتابعة واتخاذ الأجراءات الكفيلة لتوفير شروط السلامة العامة، ودراسة الظواهر والمعطيات، وتقديم الحلول والمعالجات.

لقد تعددت أنواع الكوارث، حيث تحمل إلينا الأخبار أنباء عن حدوث الزلازل والفيضانات والأعاصير المصحوبة بارتفاع منسوب مياه البحر وغيرها من الكوارث الطبيعية، كما يتم الإبلاغ عن حوادث سقوط الطائرات وتصادم القطارات وحرائق المصانع والمنشآت. وحوادث تسرب الغازات السامة وتلك حوادث تنشأ عنها الحاجة إلى طب الكوارث، الذي يتطلب سرعة وتطوير الإسعافات الأولية وزيادة القدرة الاستيعابية للمستشفيات والمراكز الصحية وأماكن لإيواء الناجين وتقديم الخدمات الأساسية لهم واتخاذ التدابير الاستباقية التي تبدأ بتهيئة ثقافة السلامة لتعزيز إجراءات حماية الفرد والعائلة.

نحمدالله على أن البحرين لم تتعرض لكوارث طبيعية، لكن وقعت حوادث أخرى سقط فيها العديد من الضحايا تعاملت معها أجهزة الدفاع المدني بكفاءة وجاهزية عالية. ومن مطالعة الأرقام الإحصائية نرى أن غرفة العمليات في الإدارة العامة قد تلقت 8844 بلاغا في عام 2009م وكان مجموع بلاغات الحريق 2764 بلاغا بنسبة 31 في المئة من المجموع الكلي للبلاغات. أمّا عن الوفيات جراء الحرائق لعام 2009 فقد بلغت (5) وفيات في حين بلغ عدد الوفيات جراء حوادث السير (21) وفاة.

لقد شملت عمليات الدفاع المدني تقديم المساعدة الفورية في كل الحالات التي تتطلب ذلك مثل إخراج الأشخاص من الأماكن المغلقة سواء في البيوت أو المركبات أو المصاعد ومعالجة الانهيارات الجزئية وسقوط الأشجار حيث بلغ المجموع الكلي لبلاغات الإنقاذ والمساعدة «4369» وهذا يعطي دلالة على الدور الحيوي لمراكز الدفاع المدني المنتشرة في أرجاء المملكة وثقة المواطنين برجال الدفاع المدني وبقدرتهم على تقديم المساعدة المطلوبة وبأسرع وقت.

بفضل دعم القيادة الحكيمة وإسنادها وتقديرها لأهمية الدفاع المدني فقد تم تطوير كفاءة هذا الجهاز من حيث العناصر البشرية المدربة والتجهيزات الحديثة ونظم الاتصال الفعالة وذلك لمواكبة التطور الذي تشهده المملكة والتوسع العمراني الذي يتطلب توفير شروط السلامة العامة بما يواكب النظم الحديثة والمعايير العالمية في إيجاد البيئة الآمنة؛ فانتشار المصانع والمعامل يرافقه انبعاث الغازات وتلويث للمصادر الطبيعية والبيئية وهذا يحتاج إلى رصد ومتابعة ومعالجة واستعانة بالخبراء والمختصين لدراسة الأسباب والآثار وتقديم الحلول.

إن الاحتفال بمناسبة اليوم العالمي للدفاع المدني والتأكيد على أهميتها يتطلب التخطيط والإعداد لإقامة منتدى يتم من خلاله تقديم الآراء والحلول لكافة القضايا والمشكلات بمشاركة دولية وإقليمية.

وأود أن أشيد في هذه المناسبة بجهود الإدارة العامة للدفاع المدني وبكل منتسبي جهاز الدفاع المدني على جهودهم المخلصة في توفير السلامة العامة لجميع المواطنين والمقيمين على أرض المملكة، وما يتحلون به من شجاعة وإخلاص وتفان في أداء الواجب مهما كانت الصعوبة والمعوقات. كما أتوجه بالشكر لكل الجهات الحكومية والأهلية المتعاونة في تحقيق السلامة العامة. والله اسأل أن يحفظ البحرين آمنة مطمئنة وأن يجنبها الكوارث والأخطار، وأن يديم عليها نعمة الأمن والاستقرار في ظل قائد مسيرتها وباني نهضتها سيدي حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه.