تشير الدراسات الحديثة إلى أن أكثر من 40 % من استهلاك الطاقة في المناطق الحضرية يعود إلى التبريد, التدفئة, الإضاءة في المباني... إلخ. علاوة على ذلك, فإن المباني تعتبر أكبر مصدر لانبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون متضمنة استهلاك الطاقة الكهربائية, وتشير الدراسات أيضا إلى أن معدل استهلاك الطاقة بالعالم أجمع في نمو وازدياد.
ويمكن اعتبار المباني على أنها أنظمة شديدة الطاقة من خلال دورة حياتها الكلية, وبشكل خاص فإن أهم نقطة مرتبطة بالمباني هي الطاقة الإجمالية المستهلكة التي تقارب 85 %.
وبناء على ذلك, جاءت فكرة إنشاء مباني صديقة للبيئة وأكثر اقتصادا وفعالية في استهلاك الطاقة، ولذلك سميت بالمباني الذكية والخضراء.
تم استخدام مصطلح المباني الذكية في الولايات المتحدة الأميركية في بداية الثمانينيات من القرن الماضي بواسطة معهد المباني الذكية, إضافة إلى المسكن الذكي ظهرت أيضا ناطحة السحاب الذكية, المدرسة الذكية, المبنى الإداري الذكي, بل وحتى المدينة الذكية.
المباني الذكية هي المباني المتكاملة, الأكثر تكنولوجيا في مواد البناء المستخدمة وأنظمة الطاقة, والمباني الذكية تأخذ مسارا مختلفا عن المباني التقليدية, من الناحية التكاملية في التصميم المراعي لفعالية الطاقة، وهذا الأسلوب الذكي يقلل بدوره من التصاميم وأساليب الإنشاء غير الفعالة مع توفير الوقت اللازم للإنشاء.
والمباني الذكية أيضا تعتبر المقوّم الأساسي لاستخدام الطاقة واستدامة المباني, ومن خلالها يمكن إدارة الطاقة بشكل فعال عن طريق استخدام تقنية الطاقة الشمسية, أنظمة إدارة التكييف الآلية وغيرها من الأنظمة الذكية ومواد بناء صديقة للبيئة والتي توفر درجة عزل حراري ممتاز تقلل من استهلاك الطاقة الكهربائية. مفهوم المباني الذكية عبارة عن نظام موحد للتحكم بكافة الأجهزة في المنزل وله تمديدات متكاملة مسبقة, فكل جهاز في المنزل سيكون متصلا بهذا النظام عبر بروتوكول الإنترنت IP، فحتى الأفران والثلاجات وأجهزة التكييف والتدفئة وإمدادات المياه وأحواض الغسيل والاستحمام سيكون لها عناوين خاصة (IP Addresses), يتيح إمكانية التحكم بها وصيانتها من قبل مصنعيها عبر الإنترنت، بل ويمكن التحكم بها وبكافة أجهزتها من خلال الهاتف أو الكمبيوتر المحمول ومن أي مكان. إن المباني الذكية وبمجرد أن تنخفض درجة حرارة جو الغرف فإنها توقف أجهزة التكييف أوتوماتيكيا, بل وتفتح النوافذ وتغلقها أوتوماتيكيا عند هطول الأمطار وتنير المصابيح وتتصل بوحدة الدفاع المدني منذرة بوقوع حريق وتبلغ أقرب مركز للشرطة في حالة حدوث اقتحام أو سرقة.إن الأجيال الحالية من المساكن الذكية هي أجيال مرتفعة القيمة, حتى تلك المساكن التي تحتوي على منظومة ذكية بسيطة للتحكم في الإضاءة أو التكييف أو كلاهما معا, إلا أن ما يعد مرتفع القيمة اليوم فإنه غدا سيصبح في متناول الجميع. ويمكن استعراض ثلاث مراحل أساسية في إنشاء المباني الذكية بشكل موجز:
1 - مرحلة التصميم: في مرحلة التصميم يكون التركيز وبشكل أساسي على فعالية الطاقة مع الأخذ بالحسبان عدة متغيرات منها: الأنظمة الذكية وأجهزة التحكم, صحة الإنسان, تحقيق الراحة, كلفة البناء واستخدام مواد صديقة للبيئة... إلخ.
ويتوجب على المصممين والمهندسين أخذ هذه المتغيرات بشمولية أكثر مع تعزيز المعرفة والخبرة بتكنولوجيا المواد الصديقة للبيئة والمنظومات الذكية وتحليل الطاقة الفعالة من أجل إعطاء حلول وبدائل للتصاميم, وتقديم تصاميم مناسبة تعطي أقصى مستوى لفعالية الطاقة.
2 - مرحلة الإنشاء: الجانب الأول في مرحلة الإنشاء هو الحصول على مستلزمات البناء الذكي والاستدامة, مع الأخذ بالحسبان الأسعار المناسبة ومعايير الجودة, والجانب الأهم بمرحلة الإنشاء هو الالتزام بالأنظمة والمواصفات الخاصة بفعالية الطاقة.
3 - مرحلة الدعم (الصيانة والتجديد... إلخ) القضية الأهم في مرحلة التجديد هي كيف ندعم ونحسن من المباني الذكية القائمة لتصبح فعالة أكثر لحفظ الطاقة وأكثر استدامة.
التوصيات
1 - التصنيع الذكي
• ربط الطاقة المتمثلة في المباني ومواد البناء, مع الأخذ في الاعتبار أن ما يقارب 10 % من كل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون ناتجة من تصنيع مواد البناء, وبشكل خاص الحديد, الخرسانة (الأسمنت), الطابوق والزجاج والتي تتطلب اليوم إنتاج حرارة عالية جدا يمكن الحصول عليها فقط عن طريق حرق الوقود.
• الحاجة إلى دعم التصنيع الذكي من خلال إنتاج مواد صديقة للبيئة ووضع قيود صارمة لانبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون أثناء مراحل الإنتاج.
2 - الطاقة الشمسية والرياح
• الطاقة الشمسية وطاقة الرياح من الطاقات النظيفة والصديقة للبيئة ومتجددة لا تنفد.
• الاستفادة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في توليد الطاقة الكهربائية (تسخين المياه, التدفئة, الإضاءة... إلخ).
3 - محطات الكهرباء الذكية
• الحاجة لتقوية ودعم العدادات الذكية وإلى وحدات التحكم بالطاقة المنزلية.
• إنشاء شبكة لمراقبة استخدام الطاقة الكهربائية في المنازل والتي بدورها سوف تنهي عملية إرسال قارئين لعدادات الاستهلاك كل شهر, مع إمكانية التحكم بالأجهزة الأكثر استهلاكا للطاقة.
4) الإضاءة
• حوالي 12 % من استهلاك الطاقة في المباني يعود إلى الإضاءة وهذه النسبة تزيد بالمباني غير السكنية.
• الحاجة إلى استخدام تكنولوجيا الإضاءة الحديثة (الاقتصادية في استهلاك الطاقة الكهربائية).
• فتح وإغلاق الأضواء آليا (بشكل أوتوماتيكي) من قبل خلايا ضوئية وجدول حاسوبي.
5 - أنظمة التكييف والتدفئة والتهوية
• إمكانية التحكم ومراقبة درجات الحرارة طبقا لحاجة المستخدم.
• إمكانية التحكم بنوعية الهواء الداخلي بالاستناد على إشغال الغرف ومعايير البناء.
• إمكانية تعديل الرطوبة وسرعة الهواء المتدفق للغرف.
6 - الأبحاث
• الحاجة الماسة إلى المزيد من الأبحاث والدراسات الملائمة لبيئة ومناخ مملكة البحرين, لكي يتم تطبيق هذه التكنولوجيا بفعالية أكثر.
• توجيه البحث العلمي نحو دراسات شاملة لتجارب واقعية للمباني الذكية ومعرفة مدى تأثيرها على الجوانب المختلفة (اقتصاديا, اجتماعيا ونفسيا) من حياة الأسرة
العدد 2732 - السبت 27 فبراير 2010م الموافق 13 ربيع الاول 1431هـ