العدد 2729 - الأربعاء 24 فبراير 2010م الموافق 10 ربيع الاول 1431هـ

أليس غريبا؟

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أليس غريبا أن يطيح الأميركيون بنظام البعث في العراق ويُصفُّوا قياداته السياسية والعسكرية والأمنية، ثم يتوسّلون عودته إلى السلطة عبر الهيئة التميزية المُكلّفة في النظر في طعون المُرشّحين المُستبعدين عن الانتخابات، بعد رفض أهليّتهم من قِبَل هيئة العدالة والمساءلة؟!

ثم أليس غريبا أن يتحوّل رئيس المؤتمر الوطني العراقي أحمد الجلبي رجل البنتاغون الأول في المعارضة العراقية (سابقا) بين عشيّة وضحاها عميلا لفيلق القدس والاستخبارات الإيرانية والتي تعتبر من أشدّ أعداء الولايات المتحدة في المنطقة بعد تنظيم القاعدة؟!

أليس غريبا أن تعتقل القوات الأميركية قبل عام المدعو علي اللامي بتهمة الضلوع في اعتداءات استهدفت عسكريين أميركيين في بغداد وبالتعاون مع الحرس الثوري الإيراني، ثم تفرج عنه بعد بضعة أشهر، ويعين مديرا تنفيذيا لهيئة العدالة والمساءلة المعنية بقانون الاجتثاث، ثم يُعاد اتهامه مرة أخرى بالارتباط بالاستخبارات الإيرانية؟!

أليس غريبا أن يُتّهم البعثيون في العراق بالقيام بعمليات تفجير تستهدف تجمّعات شيعية خلال زيارة الأربعين أو عاشوراء، أو الزيارة الشعبانية، في حين نسمع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يقول في إحدى تصريحاته، بأن «سبعين بالمائة من منتسبي حزب البعث ومسئولي الفرق والهياكل فيه هم من الشيعة؟!».

أليس غريبا أن يَتّهِم رئيس قائمة أحرار الانتخابية إياد جمال الدين زعيم القائمة العراقية ورئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاّوي بالارتباط بإيران، وينسحب من قائمة الأخير لذاك السبب، في حين أن صِلاته (أي جمال الدين) بالمسئولين الإيرانيين، وببعض أحفاد الإمام الخميني أكثر من عضوية؟

أليس غريبا أن يتبرأ ساسة عراقيون صباح مساء من إيران، ويُحذرون في الإعلام والفضائيات من النفوذ الإيراني المتعاظم في العراق ومن خطره على مستقبل البلاد وهويته العربية والقومية، في الوقت الذي يتمدّد فيه ذلك النفوذ داخل مناطقهم وعلى أيديهم؟!

أليس غريبا أن تستنكر الحكومة العراقية هجوم قوّة أميركية على قرية الدويجات بالعمارة لتقتل عشرة عراقيين وتصيب خمسة وتعتقل 12 في حين أن الاتفاقية الأمنية تشير إلى أن «الأميركي له حق اعتقال وسجن أي عراقي» يُعتقد «أنه يشكّل تهديدا للأمن، والحق في شن عمليات عسكرية لملاحقة «الإرهابيين» من دون الرجوع إلى الحكومة العراقية، وكذلك الاحتفاظ بالحصانة القانونية للجنود الأميركيين ومقاوليهم وشركاتهم الأمنية»؟!

أليس غريبا أن يستغني العراقيون عن خيرة ضباطهم في الجيش (10 آلاف ضابط) والشرطة والاستخبارات (12 ألف منتسب)، ويستعينوا ببعض عراقيي المنفى ممن لم يمتهِنوا وظائف أمنية، أو استخباراتية، وتكليفهم بحفظ الأمن، واكتشاف المفخّخات، والقنابل المزروعة على الطرق، وتعقّب عصابات القتل والإرهاب؟!

هذه أسئلة حقيقية وليست وهمية، تُفضي بك إلى شكوك وإلى هواجس حول أوضاع النظام السياسي ما بعد احتلال العراق. وإذا ما توسّعت هذه الهواجس، أو لم يُوضع لها حدّ، فإنها قد تؤدّي إلى موت في الرؤية الوطنية، وإلى انكسار في المعنويات والحوافز الذاتية للمواطن العراقي تجاه قضايا وطنه.

ما أفهمه في إدارة الدول، أن الفراغ البيروقراطي في جسم الدولة نتيجة التصفيات الإدارية، وإحلال أفراد وأحزاب وتيارات مُحدّدة، قد يُؤسّس إلى شلليّة وفساد قاتلَيْن، ويُشرعِن للإقصاء. ولنا في أوروبا مثال حي. صفّى الفرنسيون خيرة قياداتهم العسكرية بحجّة الانتماء للملكيّة فهُزِموا في أغلب معاركهم، وتسلّل الإرهاب إلى المؤتمر الوطني للثورة، ودفعت فرنسا كُلَفا هائلة نتيجة ذلك.

ما يدفعنا لقول هذا ليس سوى الرغبة في أن لا نرى عراقيا يتلوّى أو ينتحب في نشرة أخبار. وأن لا نرى آخر يصِف كيف وقع هذا الانفجار أو ذاك، وكم هم القتلى فيه. هذا كلّ ما يطمح فيه أيّ عربي ومسلم. فقط لا غير.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2729 - الأربعاء 24 فبراير 2010م الموافق 10 ربيع الاول 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 4:11 م

      أليس غريبا أنك نسيت أن تقول أليس غريبا ..

      أليس غريبا إنك لم تقل :أليس غريبا إن الدول العربية المجاورة للعراق ساعدت أمريكا بكل ما أوتيت من قوة على إحتلال العراق والقضاء على صدام ونظام البعث ثم عادت وإتهمت الحكومة العراقية بالتآمر مع أمريكا على إحتلال العراق ، أليس غريبا أن تبعث الدول المجاورة للعراق وبتآمر مع أمريكا إرهابيين من أبنائها ليفجروا أنفسهم في شيعة العراق الأبرياء وخاصة الأطفال والنساء وحتى السنة المخالفين لهم في الرأي، أليس غريبا أن تبعث حكومات الدول العربية من أبنائها المجرمين من يفجر الأماكن المقدسة التي تخص أهل البيت(ع)

    • زائر 7 | 10:07 ص

      التقطيع صفة مذمومة

      تقطيع البعث يعني تقطيع لجزء من الناس . وبعث اليوم ليس كبعث الأمس

    • زائر 6 | 4:41 ص

      كيف يا عراق ؟!!

      ثم أليس غريبا تواجد جميع المخابرات الدولية والإقلمية دفعة واحدة في العراق ؟ لاسيما المخابرات السعودية والأردنية والمصرية !!!
      ولا أزال مستغربا من أهلنا في العراق . كيف لم يقطعوا رجال البعث قطعة قطعة في طرقات وأزقة العراق ؟ كيف سمحوا للبعث بالدخول في العملية السياسية بهذه السهولة ؟

    • زائر 5 | 2:32 ص

      حسين العزاوي

      اخي الكاب العزيز الغيور
      احب ان اضيف الى مقلتك التالي
      اليس غريبنا ان يعيش العراقيون من عام 2003 الى منتصف عام 2006 اخوة متحابين شيعة وسنة عربا و اكراد مسلمون ومسيحيون بدون حكومة واي سلطة تدير شؤون حياتهم اليومية
      ان كل الذي حصل في العراق من تحت راس المخابرات الامريكية التي غدرت بولدها المدلل صدام حسين وليس غريبا ان ان تستخدم من ذكرتهم لتدمير العراق واطلب من ان تقراء مذكرات السفير بريمر لتطلع على ساسة البلاد الجدد
      تقبل فائق تحياتي
      حسين العزاوي

    • زائر 3 | 12:59 ص

      الى متى

      وما غريب الا الشيطان يا عزيزي فالفساد الذي الذي عم الدنيا طغى على كل شىء وقظى على كل المبادىء والقيم فأصبحت المصالح هي التي تدير كل شىء وعلى الامة ان تنتظر الخلاص الذي لا نعلم كيف ومتى وعلى يد من سيأتي

    • زائر 2 | 10:59 م

      تعليق

      ساعد الله العراق والعراقيين

    • زائر 1 | 10:07 م

      اليس

      ثم اليس غريبا ان يقال بان 20 % من العراقيين يعيشون تحت خط الفقر في حين ان العراق هو من اثرى دول العالم؟؟؟؟؟؟

اقرأ ايضاً