تفاوتت ردود فعل الحركة السياسية البحرينية من المشروع الإصلاحي، وتعددت أوجه تعاملها معه. وبالقدر ذاته تفاوتت أشكال تلقي المشروع الإصلاحي لردود الفعل هذه، الأمر الذي أدى إلى خلق حالة سياسية متميزة في البحرين، بحاجة إلى التوقف مجددا أمامها، والنظر لها بعين موضوعية ناقدة تضع هذه الحالة في نصابها الصحيح، وفي سياقها التاريخي المناسب. وعند تناول هذه الحالة من زاوية فعلها وردود الفعل منها، ومن منظار تحليلي كلي غير تفصيلي، يمكن لنا أولا أن نحصر، ردود القوى الفاعلة على ساحة العمل السياسي البحريني في ثلاث فئات رئيسية هي:
1. الفئة الرافضة للاعتراف بتلك التحولات التي أتى بها المشروع الإصلاحي، وتعتبرها، ليست أكثر من تحول شكلي طفيف وسطحي، لم يمس جوهر النظام الذي كان قائما، ولم يتعارض مع برامجه أو سياساته، ومن ثم مصالح القوى التي كانت تقف وراءه. ولابد من التأكيد على أن هذه الفئة تبلورت معالمها، من منطلقات مختلفة، ودوافع متناقضة، في طرفي الصراع: السلطة والمعارضة. فبينما لم تكفّ بعض القوى الأكثر تخلفا في السلطة، والتي أضر المشروع بمكاسبها المادية والمعنوية بشكل مباشر، عن التعامي عن تلك التحولات، وحاولت قدر الإمكان تجاهلها، من أجل ليّ رقبتها من وإعادة عقارب الساعة نحو الخلف، والرجوع بالبلاد إلى «أيام قانون أمن الدولة»، وجدنا بعض قوى المعارضة، ومن منطلقات مختلفة كما ذكرنا، هي الأخرى، تأبى أن ترى تلك التحولات، وتصر على اعتبارها مجرد رتوش تجميلية لصورة النظام لن تلبث أن تزول، كي يكشف النظام، كما تراه هي، عن صورته القبيحة، وبالتالي، وكما تقودنا هذه النظرة، فلم يأتِ المشروع الإصلاحي بما يبرر نيله موقفا إيجابيا من قوى المعارضة. بل ذهب البعض، من بين صفوفها، من دعا، ولايزال يدعو إلى مقاطعة المشروع، واتخاذ موقف سلبي منه، كي يحول دون فتحه الباب على مصراعيه - كما يرى هؤلاء - أمام أشكال جديدة من أشكال قانون أمن الدولة.
لذلك وجدنا هذا البعض في الطرفين اللذين تشكلت منهما هذه الفئة يواصل سلوكه السياسي، وكأن شيئا لم يكن، وليس هناك ما يدعو لإعادة النظر في مجريات الحياة السياسية في البحرين. بقدر ما كان يمكن أن يلقي المشروع الإصلاحي بخفافيش قانون أمن الدولة، الذين بتنا لا نراهم إلا في الظلام الدامس، في مزبلة التاريخ، بالقدر ذاته، لا يستطيع المشروع الإصلاحي إلا أن يهمش فئة المعارضة التي لم ترَ فيه أي شيء يستحق تفاعلها الإيجابي معه، مما يشكل خطرا كبيرا على المعارضة السياسية بفئاتها المختلفة، وبشكل عام.
2. الفئة الانتهازية التي وجدت في المشروع فرصة تاريخية لا تعوض، من وجهة نظرها، من أجل نيل مكاسب ذاتية جديدة لا تمتُّ للصالح العام بشيء، فلم تتريث، بل سارعت إلى ركوب موجة المشروع الإصلاحي.
ومرة أخرى وجدنا أنفسنا هنا أمام نموذجين متميزين لهذه الفئة في طرفي الصراع: السلطة والمعارضة. فبالنسبة لمن كانوا في السلطة، والبعض منهم كانوا من كهنة قانون أمن الدولة، وجهابذته، وجدناهم يتنصلون من مسئولياتهم عن جرائمه التي ارتكبوها بحق المواطن البريء، خلال تلك الفترة المظلمة من تاريخ البحرين المعاصر، بل لقد ذهب البعض منهم إلى أكثر من ذلك، فوجدناه، دون حياء سياسي، يتقدم صفوف المنادين بالديمقراطية، ويكيل اللوم والتهم في آنٍ، للجلاوزة، الذين كان قد تربى في أحضانهم ورضع من حليب أثدائهم. مقابل هؤلاء كانت هناك ثلة من بين صفوف المعارضة، من ذوي النفوس الضعيفة والقصيرة النفس، والتي وجدت، هي الأخرى، في المشروع فرصة ذهبية، لكن من زوايا مختلفة، في تحقيق مكاسب شخصية، ليس لها علاقة من قريب أو بعيد بالصالح العام.
تنكرت هذه العناصر لقيمها، وأساءت في الوقت ذاته لتاريخها، بل وحتى تاريخ المعارضة البحرينية الناصع، مقابل بعض الفئات الذي رماه لها المشروع الإصلاحي.
لا يستطيع المرء أن ينكر نجاح عناصر هذه الفئة من طرفيها: السلطة والمعارضة، في تحقيق مكاسب شخصية مباشرة وآنية، لكنها تبقى، في نهاية المطاف، وخاصة بالنسبة لعناصر الحركة الوطنية، قزمة عندما تقاس بما ينبغي أن يحصل عليه المواطن العادي، لو حاربت عناصر الحركة الوطنية نزعاتها الأنانية الذاتية، ووضعت مصالحها الخاصة في سلة واحدة مع مصالح المواطن العادي.
3. الفئة المسئولة المتزنة، التي رأت المشروع الإصلاحي من زاوية ديناميكية، فاعتبرته مخرجا للبلاد من الأزمة المحيطة به، ووجدت فيه خطوة مهمة، وإن كانت بطيئة وقصيرة في آنٍ، على طريق طويلة تأخذ بالبلاد نحو مجتمع ديمقراطي متنور.
هنا أيضا نجد أنفسنا أمام شقين متميزين في نطاق هذه الفئة: السلطة والمعارضة، فقد برز من بين صفوف السلطة، وكانوا نفرا قليلا، يعدون على أصابع اليد الواحدة، وقريبين من الديوان الملكي، ومؤمنين بصدق بجدية المشروع الإصلاحي وجدواه، فوقفوا إلى جانبه، وانكبوا على الترويج له في صفوف المعارضة، من خلال اتصالات مباشرة مع قياداتها في الداخل والمنفى. ربما شاب سلوك هذه المجموعة شيئا من الاندفاع وطغت عليها الثقة المطلقة، مصدرهما محدودية خبرتها السياسية، وخاصة في الشأن المحلي، لكنها كانت مؤمنة بالمشروع بعيدا عن أية مصالح ذاتية، إلا عندما تتطابق مع المصلحة العامة.
مقابل هذه الفئة وعلى الضفة المقابلة من النهر، كانت هناك فئة أخرى من المعارضة، لكنها لم تكن صغيرة العدد، ممن رأت في المشروع، رغم ملاحظاتها الجوهرية على بعض جوانبه، لكنها اعتبرته، ومن منطلقات برغماتية محضة، الخيار الأفضل من بين الخيارات المتوفرة حينها.
لم تكن تلك العناصر، بحكم خبرتها السياسية، مخدوعة في محدودية المشروع، في المستقبل المنظور، على الأقل، لكنها وجدت فيه الخطوة الضرورية لقبر حالة القمع الشديدة التي كانت تأسر نضالات الجماهير الواسعة تتقدم صفوفها فصائل المعارضة.
المحصلة التي آلت إليها معطيات العمل السياسي البحريني، هي نتيجة العلاقات التي نسجتها القوى المختلفة مع المشروع الإصلاحي، الذي وجد نفسه، مطالبا هو الآخر بتمييز علاقاته مع كل فئة منها على حدة، فحالف الحظ بعض خطواته، وخان البعض الآخر منها.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2729 - الأربعاء 24 فبراير 2010م الموافق 10 ربيع الاول 1431هـ
يا زائر 1.. حقدا على شيعة البحرين يجنسون !!
أخي الكويتي العزيز للأسف الشديد بعد أن وضع شعب البحرين يدهم جميعا في يد الحكومة ووقعوا على الميثاق وصدقوا الوعود وتم التجنيس السياسي والعشوائي لأرذال القوم من كل العالم كيتامى صدام مثلا والبلوش والهنود والسوريين والأردنيين والمصريين وكل ما يخطر على بالكم والهدف هو جعل الشيعة أقلية في البحرين، لأن الشيعة متهمين ظلما وعدوانا من غير دليل بإنتمائهم وولائهم لإيران .. ولكن لاح في الأفق .. فالسنة هم المتضررين حاليا من المجنسين لأنهم يعيشون بينهم
الى متى
هل لكل هذا الكلام من قيمة بعد العبث بالتركيبة السكانية والهوية العربية وزرع الطائفية والكراهية والتميز وسرقة الاراضي والمال العام ابعد كل هذا العبث مكان لأي حديث
لماذا تجنسون؟!!!!!!!!
التجنيس هو سبب المشكله الله يساعدكم عليهم. احنا في الكويت مستحيل نجنس.