العدد 2729 - الأربعاء 24 فبراير 2010م الموافق 10 ربيع الاول 1431هـ

الديمقراطية الخليجية على مشرحة أهل البيت الخليجي

ليس من عادة منتدى التنمية الخليجي أن يصدر توصيات بعد انتهاء أعمال مؤتمره السنوي الذي عقد في البحرين بالفترة من 11 إلى 12 فبراير/ شباط الجاري، بل أن يفتح النقاش الحر للتعليق على أوراق العمل، ويخصص آخر جلسة من أجل تجميع أفكار مقترحة حول كيفية تطوير المجالس التشريعية في الخليج العربي.

منتدى التنمية الذي عقد دورته رقم 31 منذ تأسيسه في الثمانينيات، ناقش تجارب «المجالس التشريعية» في دول مجلس التعاون الخليجي قدمت فيه خمس أوراق عمل أعدها أساتذة أكاديميون وباحثون وعرضت في اليوم الأول.

الحوارات المفتوحة تبقى أكثر حيوية من الأوراق التي تقدم باعتبار أن معظمها تتم قراءتها من قبل الأعضاء والمشاركين قبل التئام اللقاء، ولذلك هناك حافز لدى الغالبية بالحضور للاستماع إلى المساجلات والنقاشات التي تدور بين الحضور عقب الورقة المقدمة.

بالرغم من الهوية «الاعتراضية» لهذا التجمع الخليجي والحادة في الكثير من الأحيان، فإن المنسق العام الدكتورة منيرة فخرو تنفي عنه هذه الصفة، بل «هو يطمح لتبادل الأفكار والحوارات» الثرية لإيصالها إلى أصحاب القرار وصانعيه، وعضوية المنتدى مفتوحة لمواطني الخليج الذين بلغ عددهم نحو 170 عضوا شارك 85 منهم بلقاء المنامة، وتناقص العدد في جلسات ما بعد الافتتاح إلى النصف تقريبا.

النقاشات التي دارت في المنتدى جعلت منه برلمانا خليجيا مفتوحا فيه الكثير من الحقيقة والشفافية رفع سقف التعبير عن الرأي إلى الحدود التي سيكون من العسير أن تسمعها من «المنابر الشرعية» في عواصم دول الخليج العربي، فاللقاءات استبعدت التكسب السياسي وإن أظهرت قدرا من التعصب للوطنية التي ينتمي إليها المشارك عند الحديث عن تجربة بلاده التشريعية مقارنة بالآخرين وهذا لا ينطبق على المجموع، بل كانت أصوات عالية وجريئة جدا بنقد تجربة «البرلمان» الذي يتبع له.

الجديد في منتدى التنمية هو المشاركة الشبابية، وبخاصة من الكويت بالحضور والنقاش وهو نهج دأب عليه منذ العام 2006 وكانت بداياته مع مجموعة تمثل هذه الشريحة وهم مشاري عبدالرحمن الحمود (الكويت) وبشائر الرفاعي (الكويت) ومريم الفلاسي (الإمارات) وخليل بوهزاع (البحرين)، إضافة الى التلون السياسي إن صح التعبير للمشاركين بحيث أصبح «للإسلاميين» حضور من خلال تمثيلهم بالدكتور ناصر الصانع ومجموعة أخرى من النواب والشخصيات التي دخلت معترك النقاش...

موضوع الملتقى الرئيسي تمحور حول تقييم التجربة النيابية في بلدان الخليج والسؤال فيما إذا كانت هذه المجالس معيقة للتنمية أم محفزة لها في كل دولة على حدة كما تناول استعراضا شاملا مقارنا لتلك المجالس في حين كانت ورقة الدكتورة مريم الكندري عن المرأة الكويتية والمشاركة السياسية.

مدير المشروع لهذا العام د.غانم النجار الذي بذل جهدا كبيرا بالتواصل مع الأعضاء المشاركين بتقديم أوراق العمل وبتنظيمه وإدارته.

البرلمان الخليجي الحقيقي وهو الوصف الذي أطلقه عدد من الزملاء المشاركين على المنتدى أظهر صورة ديمقراطية مغايرة عما نعهده بكيفية إدارة الجلسات المفتوحة التي لا تحكمها ضوابط ولوائح داخلية بقدر ما يحكمها الالتزام من قبل المتحدثين والامتثال لتعليمات «رئيس الجلسة» الذي شرع في تنبيه المتكلمين للوقت المحدد في الوقت الذي يتسامح مع دافعي الاشتراكات أحيانا أخرى ويغض النظر عن إطالتهم فيه.

لم تخرج النقاشات عن حدود أدب الحوار، ولم تشهد مقاطعات، بل سارت على إيقاع تناغم ديمقراطي ورغبة في التواصل وتبادل الأفكار دون أن تخرج عن حدود الإطار العام بعد أن جرت محاولات لجعله حزبا أو تكتلا منظما في مرحلة التأسيس في العام 1979 لكن المحاولة فشلت ودفنت في المهد.

حال الديمقراطية في الخليج شبهه النائب السابق والمعارض البحريني جاسم مراد بأنه مثل «حلوى الحلقوم»... الأطفال يحبونها لكن أهاليهم يخافون عليهم أن يغصَّوا بها... لذلك بقيت «مجرد ديكور»، وهذا ما أضفى طابع السخونة على النقاشات بشأن مجالس التشريع، وإن اختلفت الآراء بالتقييم والنظرة لكل مجلس على حدة، لكن هناك شبه إجماع ع‍لى أن التجربة الديمقراطية في الكويت تبقى متميزة ورائدة على صعيد قريناتها ضمن الحدود المجاورة.

الورقة الأولى قدمها الدكتور غانم النجار أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت والكاتب في الزميلة «الجريدة» (الكويتية) عن نشأة وتطور الديمقراطية، وهي تجربة تسابق الزمن، معتبرا أن عدم التوازن سيظل سمة بارزة ومستمرة في النظام السياسي والاقتصادي الريعي للمجتمع، وأن محصلة التطور السياسي تدل على أن الديمقراطية في أزمة حادة، وبعد أن استعرض أهم النقاط الواردة في ورقته توقف أمام عدد من التحديات الهيكلية والسياسية، وقسم مسيرة الديمقراطية إلى ثلاث مراحل الأولى من 1962 إلى انتخابات 1985 والثانية من 1992 إلى 2008 والتي شهدت ستة انتخابات والثالثة منذ العام 2009 وهي بداية لستة انتخابات جديدة مقبلة كما يتوقع أن تكون محاولة لكسر الجمود والاحتقان السياسي.

في التعقيب على ورقة د.غانم النجار، والتي أدارها الدكتور محمد الرميحي، تشعب النقاش واستحوذ على اهتمام المشاركين، وكانت أولى المداخلات من د.ابتسام الكتبي من الإمارات التي أشارت الى أن النظم الحاكمة في الخليج تستخدم التجربة الديمقراطية في الكويت لتخويف شعوبها بالقول، هل تريدون أن يصبح مصيركم مثل الكويت؟ فهم ينظرون إلى التجربة من الناحية السلبية، ولذلك تساءلت عن مدى انعكاس هذه التجربة سلبا أو إيجابا على بقية دول الخليج...

د.علي الكواري من قطر قارن بين وضع الكويت في مجال الرقابة على الميزانية العامة للدولة والإيرادات التي تدخل الخزينة والشفافية التي تحكمها وشمولها كل القطاعات والمؤسسات العسكرية وغيرها، وبين ما يحدث في دول الخليج الأخرى، وعليها كلام كثير حيث تباع أملاك الدولة ولا أحد يتكلم، بينما في الكويت حكم قانون، وهذا هو الفرق الجوهري بين التجربتين، وطالب بتصحيح أخطاء التجربة الكويتية وليس بالطعن فيها لأن خسارتها ستكون فادحة على الجميع، واعتبر أن الأزمة السياسية الواقعة في الساحة الكويتية يمكن تجاوزها إذا وجدت كتلة برلمانية قوية ومتماسكة لمواجهة حزب الحكومة المهيمن والقائم في كل دول الخليج، داعيا لإيجاد قواسم مشتركة بين الكتل النيابية المختلفة والعمل على خلق وضع جديد للعلاقة بين الحكومة والمجلس.

العدد 2729 - الأربعاء 24 فبراير 2010م الموافق 10 ربيع الاول 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً