أكتب عن عبدالله السبب ليس باعتباره صديقا لم ألتقه. أكتب عنه باعتباره نموذجا للإنسان المثقف. الإنسان المصرِّ على إنسانيه قبل ثقافته. فإنسانيته هي الأرضية الصلبة التي ينطلق منها في تعريف نفسه إلى العالم. أكتب عنه باعتباره صوتا مغايرا ومتميزا وعميقا ومختلفا. أكتب عنه بانحيازه إلى الهدوء والصمت. وهو يشتغل على مشروعه الشعري الذي أجد فيه ريادة أهملتها صحف بلاده عدا صحف المنطقة.
أكتب عن «السبب» وهو يضعنا أمام مقولته: «الكتابة تعينني على ضراوة الحياة» ضراوة الحياة بمنغصاتها المفتوحة على المحاولة. المنغصات التي تتسرب إلينا وتختلس الحضور حتى من فتحات أجهزة التكييف. ضراوتها من حيث انعدام عدالة الفرص، ومن حيث تسيد المال في كل المشاهد التي نظل مرغمين على معاينتها.
أكتب عن «السبب»، الصديق الذي لم ألتقه، فيما هو يتفقد أحوالي أولا بأول. لا يمر يوم من دون أن يطمئن عليَّ. لا يأوي إلى النوم من دون أن يلقي تحياته وتمنياته بالأفضل. أكتب عنه لأنني خبرت بعض الأصدقاء والأحبة الذي اكتشفت أنهم على النقيض من ذلك. لم يراعوا خلقهم الذي يزعمون ووفاءهم الذي اصطنعوه.
أكتب عن عبدالله السبب لأن فيه روح بلادي التي غادرتها مرغما ولي فيها وردة الحياة (ابنتي وديمة). أكتب عنه لأنه ألف باء الحنين الذي لم يعد قائما إلا في الكتب وبعض الذين يتوهمونه!
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 2729 - الأربعاء 24 فبراير 2010م الموافق 10 ربيع الاول 1431هـ