عاد المخرج المصري، داود عبدالسيد بفيلمه «رسائل البحر» بعد توقف دام عدة سنوات. وعرض الفيلم في قسم التسويق الأوروبي للأفلام في إطار مهرجان السينما العالمي في برلين. وتزامن عرضه في برلين مع عرضه في دور السينما المصرية.
الوجوه الشابة صارت علامة من العلامات المتميزة في السينما المصرية الحديثة. ولم يعد اسم الممثل هو الذي يجذب الجمهور إلى شباك التذاكر،إنما قصة الفيلم وطريقة الإخراج هي التي باتت تفرض نفسها. وقد نجح المخرج المتميز عبدالسيد في دفع نجوم شابة مثل آسر ياسين وبسمة لتمثيل قصة الفيلم التي هي غاية في العمق والحساسية. وقد اتخذ عبدالسيد من الإسكندرية مسرحا لعرض التغيرات الاجتماعية التي طرأت على المجتمع المصري. فالإسكندرية كانت حتى قبل ثورة يوليو/ تموز 1952 منارة للأجانب الذين أثروا الحياة الاقتصادية والثقافية في هذه المدينة الساحلية، ثاني أكبر المدن المصرية، وهي الناحية التي يحاول المخرج إبرازها في كاميراته الرقيقة.
آسر ياسين وبسمة في أحد مشاهد الفيلم بطل الفيلم (يحيى)، الذي يلعب دوره الوجه الشاب آسر ياسين، يعاني من التلعثم في الكلام، ما يصعب عليه الحياة. وعلى رغم أنه أنهى دراسة الطب، فإن هذا الاضطراب الذي يعاني منه يُصعب عليه التواصل مع الآخرين، ما يدفعه بعد وفاة والده إلى العودة إلى مدينة الإسكندرية ليعمل صيادا ويبحث عن حبه القديم في هذه المدينة التي نشأ فيها. فهو يحب منذ أيام طفولته جارته الإيطالية كارلا.
لقد عاد المخرج المتألق عبد السيد في فيلمه الجديد «رسائل البحر» بعد توقف طويل وبعد فيلمه «مواطن ومخبر وحرامي». في فيلمه الجديد يظهر من خلال قصة حب رقيقة التغيرات الاجتماعية التي طرأت على المجتمع المصري. فحب يحيى لكارلا الإيطالية لا يدوم بعد اكتشافه أن لها ميولا جنسية أخرى. والعنصر الأساسي الذي يرافقنا خلال الفيلم هو عشقه للموسيقى الكلاسيكية التي تجعله يقف بشكل شبه دائم أمام منزل عريق يستمع فيه إلى عزف شخص مجهول للموسيقى الكلاسيكية التي يعشقها. البطل يحيى يتعرف على نوره) وتنشأ بينها علاقة حميمة على رغم أنها تحترف مهنة البغاء، أو هذا ما يظنه يحيى. وفي نهاية الفيلم يتضح أن نوره ليست كما يوحى لنا الفيلم في البداية.
«رسائل البحر» يتطرق إلى الطبقات الاجتماعية الجديدة التي صارت تسود المجتمع المصري، ويبدو هذا متمثلا في دور التاجر الذي يشتري البيت الذي يعيش فيه يحيى. فالتاجر يريد هدم المنزل العتيق الذي يمتاز بطراز بنائه الراقي ليبني عوضا عنه شققا فاخرة جديدة، ويحاول إقناع يحيى، الساكن الوحيد الذي يصر على البقاء، بشتى الطرق لمغادرة الشقة من خلال الإغراءات المالية .
الفيلم الذي كان مرشحا له الفنان الراحل أحمد زكي ومن بعده خالد صالح ساهم في إبراز القدرات الفنية للممثل الشاب آسر ياسين الذي قام في الفترة الأخيرة بأدوار مهمة في أفلام مثل «زي النهارده» و«الوعد». فكاميرا المخرج داود عبدالسيد نجحت في تفجير العديد من الإمكانات الموجودة في هذا الفنان الشاب وأظهرته بشكل جديد على الجمهور. وبدا هذا أيضا واضحا بالنسبة إلى الممثلة الشابة «بسمة»، فكاميرا المخرج كشفت الكثير من مواهب هذه الفنانة المتألقة. وبدا في «رسائل البحر» اهتمام المخرج الشديد بالإضاءة والألوان والتفاصيل الدقيقة.
الفيلم الذي عرض في قسم التسويق الأوربي للأفلام (European Film Market) هو من ضمن ثلاثة أفلام مصرية، تسعى شركة العربية للسينما إلى تسويقها، فقد عرضت الشركة أيضا فيلم «عصافير النيل» للمخرج مجدي محمد علي من بطولة فتحي عبد الوهاب، و»المسافر» لأحمد ماهر الذي قام ببطولته عمر الشريف وخالد النبوي، وهو الفيلم الذي عرض في مهرجان البندقية الأخير إلى جانب فيلم «احكي يا شهرزاد» ليسرى نصرالله. وتقول مديرة المبيعات الدولية في شركة العربية للسينما، سحر الشربيني، في حديث خاص لموقع «دويتشه فيله» إنها تسعى من خلال تواجد الشركة للمرة الرابعة في المهرجان إلى أن تنجح الأفلام المصرية في دخول الأسواق الأوروبية بقوة «فهي بقدرتها على التنافس مع الأفلام العالمية لا تقل جودة عن الأفلام الأخرى، وتم إنتاجها وفقا للمعاير الدولية من حيث جودة الصوت وطباعة الأفلام» وتؤكد الشربيني أن هذه المواصفات تسمح لهذه الأفلام بخوض المنافسة على صعيد دولي.
العدد 2729 - الأربعاء 24 فبراير 2010م الموافق 10 ربيع الاول 1431هـ
نت
بحبك موتتتتتت