بيان الاتحاد الأوروبي الخجول بشأن استخدام «الموساد» جوازات سفر وبطاقات ائتمان لمواطنين أوروبيين لتنفيذ جريمة اغتيال محمود المبحوح في دبي كان متوقعا. ومن كان يراهن على أن دول الاتحاد تمتلك الشجاعة لتوجه أصابع الاتهام إلى «إسرائيل» من دون مواربة عليه أن يراجع حساباته ويقرأ مجددا طبيعة العلاقات الايديولوجية التي تربط «الابن المدلل» بسياسات دولية اتسمت دائما بالازدواجية في التعامل.
«ازدواجية المعايير» هي سياسة نظرية تدرس في المعاهد والجامعات والكليات الأوروبية والأميركية، وتعتبر قاعدة من قواعد العلوم السياسية النظرية والتطبيقية يتعلم الطلبة قوانينها بصفتها تشكل مدخلا لفهم طبيعة العلاقات الدولية في التاريخ المعاصر.
«الازدواجية» في العلوم السياسية ليست عيبا في أخلاق الدول المعاصرة لأنها أساسا ترتكز على الفلسفة البراغماتية. أو مبدأ المصالح يتطلب عادة مساحة للمناورة وهامشا يعطي حيوية لتأمين تكرار المصادمات وضبط الاختلافات في قنوات دبلوماسية مرنة تساعد على تجاوز المطبات وتلك الأخطاء التي يرتكبها الحلفاء والأصدقاء.
«الازدواجية» علم سياسي يقارب وظيفة «الحقيبة الدبلوماسية» التي تعتمدها الدول لتنظيم العلاقات وتلعب دور قناة تصريف الأسرار والمعلومات والأوراق من دون الخضوع للرقابة والتفتيش. فالحقيبة الدبلوماسية خارقة للحدود وتتجاوز سيادة الدول وتستطيع التنقل من مطار إلى آخر ومن محطة إلى أخرى من دون حاجة للمرور على الحواجز أو الجمارك، لأنها تمتلك مواصفات استثنائية فوق العادة ولا يمكن إخضاعها للمساءلة أو الملاحقة القضائية.
«إسرائيل» تشبه في وظيفتها السياسية والتاريخية مواصفات «الحقيبة الدبلوماسية». فهي دولة خاصة وفوق العادة وتتمتع بميزات استثنائية لا تخضع للجمارك والتفتيش والمساءلة والملاحقة. وحين تكون دولة ما تمتلك كل تلك الحقوق الخاصة تصبح فوق القانون، لأن «دبلوماسية الحقائب» تعطيها صلاحيات استثنائية تتجاوز في آلياتها قوة القانون وما تتطلبه تلك القوة من واجبات تتصل بالحق وحقوق الأطراف الأخرى المتضررة من تصرفات «الطفل المدلل».
«إسرائيل» تدرك هذا الأمر، وهي تعلم أنها تلعب وظيفة «الحقيبة الدبلوماسية» في عالم مراقب ومفتوح على كل الاعتبارات والاحتمالات. ولأن «الطفل»على قناعة أنه يحق له ما لا يحق لغيره، فهو يتصرف بالأسلوب الذي يرتضيه من دون انتباه للمخاطر أو اكتراث للأضرار الناجمة عن شغبه وتجاوزه للحدود والسيادات والقوانين.
«الطفل» الخارق للعادات يراهن دائما على سياسة «ازدواجية المعايير» باعتبارها الإطار النظري الذي يبرر مرور «الحقبة الدبلوماسية» على الجمارك من دون تفتيش. فالحقيبة لها خصوصية وتمتلك ضمانات مبررة دوليا ولا يجوز إخضاعها للقانون لأن القانون بكل بساطة يعطيها صلاحيات استثنائية تسمح بتجاوزه.
هذه الملابسات بين الحق والقوة وبين المبدأ الواحد والازدواجية في المعايير وبين القانون وسيادة الدول من جانب والصلاحيات الاستثنائية للحقيبة الدبلوماسية من جانب تفسر لماذا لا تستطيع دول الاتحاد الأوروبي إصدار بيان يتمتع بشجاعة تسمح له بقول كلمة قاسية وقاطعة وواضحة تضبط تصرفات «ابن مدلل» تتجاوز الحدود وتتخطى قوانين اللعبة.
من كان يراهن على الاتحاد الأوروبي أن يتخذ موقفا مسئولا باتجاه «إسرائيل» لضمان مصالحه عليه أن يقرأ مجددا الصلاحيات الاستثنائية المعطاة للحقيبة الدبلوماسية، وأن يراجع تلك الأطروحات الأكاديمية التي تدرس في المعاهد والكليات الجامعية بشأن نظرية «ازدواجية المعايير» التي تعتبر واحدة من قواعد العلوم السياسية المعاصرة.
«إسرائيل» تدرك بناء على تلك المعطيات والاستثناءات أنها دولة خارقة للعادة وفوق القانون، وهي على علم مسبق بأن دول الاتحاد الأوروبي غير قادرة ولا تمتلك الشجاعة على تجاوز قواعد لعبة دولية كبرى متوافق عليها نظريا في «ازدواجية المعايير» وهي ممارسة عمليا في وظائف «الحقيبة الدبلوماسية». ولأن «إسرائيل» تلعب دور حقيبة سياسية في «الشرق الأوسط» لم تستغنِ عن خدماتها حتى الآن الولايات المتحدة وأوروبا فإن حكومات تل أبيب ستواصل من دون اكتراث اختراق القوانين الدولية ومواجهة قرارات الأمم المتحدة وبناء المستوطنات في الأراضي المحتلة وتشييد جدار الفصل العنصري وهدم المنازل وتشريد الناس وإعلان ضم القدس والجولان إلى دولتها وصولا إلى المطاف الأخير... وأخيرا كان بمناسبة صدور البيان الأوروبي الخجول إذ اتخذت حكومة نتنياهو - ليبرمان قرار ضم الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل إلى المواقع الأثرية اليهودية.
إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"العدد 2728 - الثلثاء 23 فبراير 2010م الموافق 09 ربيع الاول 1431هـ
الاورييين شرفاء يا وليد(عبد علي عباس البصري
هؤلاء (الاوربيين) شرفاء يا وليد لانهم وقفو مع تعهداتهم تجاه كيانهم الاستيطاني ،واذا عندك حكي قول في الذين باعو ارضهم بابخس الاثمان او للذين يبنون ويحاصرون ويقتلون شعب بأكمله جوعا ،والله لوان حماس تجاوبت مع الاوربييين لما كان هناك اي احد يستطيع ان يغلق حدود او بوابه او يقتل انسان بس حماس ابت الى ان تكون حماسيه .