العدد 2336 - الثلثاء 27 يناير 2009م الموافق 30 محرم 1430هـ

قِصَّةُ الشَّعَرَةِ السَّوْدَاء فِيْ الثَّوْرِ الأبْيَض أَحكيها لِسَعَادَةِ النَّائِبْ (2-2)

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

سياسات صهيونية

في داخل الكيان الصهيوني أعلنت حكومة أرييل شارون عن خطّة سياسية إعلامية، جرى تسويقها والدفع بها عالميا، تتحدث عن أن العرب وإيران هم الأعداء الحقيقيين لأميركا ولفلسفة الحياة الأميركية وأنهم مجموعات غير منفصلة.

وفي دراماتيكي موازي قامت تل أبيب واللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة بتأليف ونشر ثلاث كتب أساسية حول خطر الإسلام والمسلمين في أميركا ووزعوا منها أكثر من مليون نسخة لدى الأوساط الفكرية.

إلاّ أن ذلك لم يمنع من أن تُبيّن استطلاعات الرأي بأن 35 في المئة من الأميركيين السود ونسبة مماثلة من الأميركيين المكسيكيين أصبحت مناهضة لليهود! (راجع مجلة شئون الأوسط شتاء 2003 العدد 109 ص 189).

أرباح إيرانية

في هذه الفترة أخطأت الولايات المتحدة في التقدير وأطاحت بنظام البعث في العراق. وحسب نظرية بوزان لأمن الأقاليم (RSC) القائلة بأن تهميش مُنافس ما يُؤدي إلى تعظيم قوة المنافس الآخر، وهو بالضبط ما جرى لإيران حين انهارت أحياز بغداد السياسية والاقتصادية والمعنوية في المنطقة لصالحها وبقوة.

هذا الإجراء رجّح الكفّة من جديد لمحور سوريا - إيران للعب دور في المنطقة ضد السياسات الأميركية والصهيونية وإقلاق المشروع الأميركي في العراق، الأمر الذي دفع بالولايات المتحدة لإعادة الاعتبار شبه الاستراتيجي للسعودية كبديل تكتيكي عن أنقرة، وخصوصا بعد رفض البرلمان التركي استخدام الأراضي التركية منطلقا للقوات الأميركية قُبيل الهجوم على العراق.

وقد بيّنت الأوضاع الجارية بعد المحادثات الأميركية الإيرانية الأمنية بشأن العراق، بأن إيران الاستراتيجية هو حالة دائمة، وأن إضعافها هو أمر مُؤقّت، وبالتالي أصبح اللاعب الأهم في المنطقة هو إيران.

ولأن طهران كانت ترى في الأمن الصهيوني أمنا للولايات المتحدة بصورة غير مباشرة، فقد سعت للعمل بشكل مزدوج ما بين السياسة التقليدية تجاه الصراع العربي الصهيوني وتكثير الدعم للمقاتلين الفلسطينيين ولحركة حماس والجهاد الإسلامي وما بين متطلبات المناكفة لواشنطن ضمن هذا الملف.

دعم إيراني بلا حدود

منذ فوز حركة المقاومة الإسلامية حماس في شهر يناير 2006 في الانتخابات التشريعية زوّدت الجمهورية الإسلامية حكومة إسماعيل هنيّة بـ 400 مليون دولار لتدعيم موقعها داخل الأراضي المحتلّة.

وفي ديسمبر/ كانون الأول من نفس العام قدّمت طهران مبلغا إضافيا آخر لحماس بقيمة 250 مليون دولار. ثم 100 مليون دولار كمُرتبات لموظفي الوزارات الخدمية العامة كالعمل والثقافة خلال العام 2007.

كما قدّمت طهران مبلغ 45 مليون دولار كتعويضات لسجناء حركة حماس داخل الكيان الصهيوني، وتزويد الحكومة الفلسطينية التي ترأسها حماس بطائرة، وإصلاح طائرتين موجودتين على الأراضي الأردنية، من خلال شرکة هولندية، بمبلغ يصل إلى مليون ونصف المليون دولار.

وحسب صندوق النقد الدولي بأنه وفي العام 2006 تلقّى مسئولو حماس الذين زاروا الأراضي الإيرانية مبالغ تُقدّر بـ 60 مليون دولار (نقدا) تمّ تهريبها إلى قطاع غزّة لمساعدة العمال الفلسطينيين العاطلين عن العمل والبالغ عددهم مئة ألف عامل، بقيمة 100 دولار شهريا لكل عامل. (راجع دراسة الدكتور فوزي درويش حول النفوذ الإيراني في الشرق الأدنى والعراق وأفغانستان).

وتتضمن المساعدات الإيرانية المقررة لحكومة حماس فضلا عن ذلك؛ تقديم مساعدة مالية للصيادين الفلسطينيين والبالغ عددهم ثلاثة آلاف صياد، بواقع 100 دولار شهريا لكل صياد، ولمدة 6 أشهر، وبقيمة إجمالية تبلغ مليون وثمانمئة ألف دولار.

كما تبنّت طهران بناء قصر الثقافة الفلسطيني وإنشاء مكتبات وطنية بقيمة 15 مليون دولار، وترميم البيوت المدمرة وعددها ألفا منزل، عشرة آلاف دولار لكل منزل؛ أي بقيمة إجمالية تصل إلى 20 مليون دولار بعد التدمير الذي أعملته آلة الحرب الصهيونية بُعيد أسر الجندي جلعاد شاليط في 25 يونيو/ حزيران من العام 2006.

كما دفعت طهران قيمة 300 سيارة بمبلغ ثلاثة ملايين دولار، فيما تشمل المساعدات الإيرانية شراء فائض زيت الزيتون الفلسطيني وتغطية الفارق في السعر، وذلك بقيمة خمس ملايين دولار، وإقامة ثلاثة مستشفيات بسعة 100 سرير لكل مستشفى، وعشرة مستوصفات تخصصية وتجهيزها والتكفل بنفقاتها الجارية لمدة عشر سنوات قادمة (راجع تصريحات إسماعيل هنية بتاريخ 11 ديسمبر 2006، وتصريحات وزير العمل في حكومة حماس زياد الظاظا بتاريخ 15 يوليو 2007).

إجراءات داعمة

الدعم الإيراني للقضية الفلسطينية هو بحجم التحالف السياسي والأيدلوجي. وهو ممتد طيلة ثلاثة عقود. وقد تكون مأساة غزّة الأخيرة أحد أهم ملامح الدعم الإيراني القريب.

فقد قامت الجمهورية الإسلامية بإجراءات سياسية ودبلوماسية وإعلامية نشطة خلال العدوان الصهيوني على القطاع، سواء في المحافل الدولية، أو على مستوى المنظمات الإنسانية والخيرية. ويُمكن تسليط الضوء على ذلك النشاط من خلال التالي:

(1) إعلان طهران إنشاءها صندوق إعادة إعمار غزّة، وتعهدها بناء وتجهيز 1000 وحدة سكنية و10 مدارس و5 مساجد، ومستشفى وتجهيزه بالمعدات الطبية، وإعمار إحدى الجامعات وتجهيزها، وبناء 500 وحدة تجارية، وعلاج 4000 جريح وتأمين احتياجاتهم، وتقديم المساعدات إلى جميع عوائل الشهداء، وتأمين معيشة 1000 يتيم.

(2) قيام الخارجية الإيرانية باستدعاء القائم بالأعمال التشيكي في طهران جون كوريل باعتبار أن بلاده تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي «احتجاجا على التجاهل الأوروبي للجرائم الصهيونية في غزة».

(3) قيام الخارجية الإيرانية باستدعاء القائم بالأعمال الكندي جيمس كريك احتجاجا على رفض كندا قرار إدانة الكيان الصهيوني خلال الاجتماع الخاص لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

(4) إعلان المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية علي رضا جمشيدي بأنه واستنادا إلى المادتين 146 و147 من معاهدة جنيف الرابعة فيما يتعلق بمرتكبي جرائم الحرب، فإن المحاكم الوطنية في الدول الأعضاء ومن بينها الجمهورية الإسلامية الإيرانية مخولة بالبت في هذه الجرائم اللاإنسانية فإن إيران قامت برفع شكاوى ادعاء على قيادات صهيونية بسبب ارتكابهم جرائم حرب.

(5) مصادقة الحكومة الإيرانية على مشروع قرار يفرض عقوبات على الشركات الأجنبية التي تتعامل مع الكيان الصهيوني، وتُطبّق على الشركات المتعددة الجنسيات التي لها فروع في إيران والتي «تستثمر في الأراضي الفلسطينية المحتلة أو تساعد النظام الصهيوني».

(6) عقد ندوات وفعاليات رسمية وشعبية مختلفة كندوة دراسة الأبعاد الدولية والقانونية للعدوان الصهيوني على غزة، ومشاركة قيادات النظام السياسي الإيراني في تلك الفعاليات.

(7) إعلان منظمة الأوقاف والشئون الخيرية في الجمهورية الإسلامية عن استعدادها لإعادة إعمار المساجد والمراكز العلمية والدينية في قطاع غزة،

(8) توجيه وسائل الإعلام الإيرانية المقروءة والمسموعة والمرئية، وعقد ملتقى غزة ووسائل الإعلام لدعم القضية الفلسطينية بمشاركة المديرين التنفيذيين للصحف ووكالات الأنباء في الجمهورية الإسلامية الإيرانية وممثلين عن وكالات الأنباء الأجنبية وبرلمانيين ومسؤوليين حكوميين وسفراء أجانب. تجدر الإشارة هنا إلى أن جهاز الرقابة على الصحف في طهران أغلق بُعيد العدوان الصهيوني على غزّة صحيفة كارغوزاران الإصلاحية إثر نشرها مقالا ينتقد الناشطين الفلسطينيين في قطاع غزة.

(9) إرسال وزير خارجية الجمهورية الإسلامية منوشهر متّقي رسالة احتجاج إلى المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية بسبب استخدام الكيان الصهيوني للمواد الكيماوية في قصف غزة وسكوت المنظمة عن تلك الانتهاكات.

وقبل أن أضع نقطة الختام لهذا الحديث يجب أن أُنوّه، إلى أن الإشارة بالبنان، وكَيْلِ المديح سيكون لكل جهة في الشرق أو الغرب مدّت وتمدّ يدها لهذا القطاع المنكوب. لكل فرد وسياسي ونظام وبأيّ ملّة تسربل، هو في ذاكرة التاريخ صالح لأن يتندّر بفعله من سيقتنعون بأنه انشغل بما عنه سيُسأل

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2336 - الثلثاء 27 يناير 2009م الموافق 30 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً