العدد 2336 - الثلثاء 27 يناير 2009م الموافق 30 محرم 1430هـ

الرقابة على الإنترنت 1/2

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بريطانيا أضحت ساحة لمعركة تدور رحاها بين مزودي خدمات الإنترنت، وبين المشرفين على تحرير الموسوعة الإلكترونية «ويكيبيديا»، مصدرها نشر الموسوعة صورة فتاة عارية أثارت غضب زوار الموقع. المشرفون على تحرير مواد الموسوعة يذهبون إلى القول بأن الموقع ومكوناته ملك لهم، وليس من حق أي أحد أن يمد يده عليه، بالمقابل ترى الشركات المزودة، والتي تلقت شكاوى من الزوار، واستشارت الشرطة قبل إصدار قرارها، بأن الصورة تنتهك حرمة النشر المسموح به على الإنترنت. وأكثر من ذلك فهي مقتنعة بأن الصورة المنشورة «قد تكون على صلة بانتهاك حقوق الطفل». الحوار لايزال جاريا، وهو، في الوقت ذلك يثير سؤالا في غاية الأهمية يتعلق بمكان رسم الخط الفاصل بين ما هو مباح وما هو محرم في التعامل مع قنوات الاتصالات الحديثة مثل الشبكة العنكبوتية العالمية (الويب) والإنترنت.

ليست بريطانيا هي الدولة الوحيدة التي عرفت مثل هذا الحوار الذي عرفته بلدان كثيرة سبقتها إلى ذلك، من بينها بعض دول عربية بل وخليجية. وامتدت الموجة إلى مملكة البحرين التي قرأنا وسمعنا عن إغلاق وحجب بعض المواقع أو قنوات بعض المواقع، تحت مبررات إنها تتنافي والتقاليد والقيم التي يتمسك بها شعبنا العربي.

وقبل الخوض في مدى سلامة أو جدوى مثل تلك الإجراءات لابد أنا هنا من تسجيل بعض الظواهر التي صاحبت ظهور وانتشار الإنترنت، والتي أجمع العالم على شجبها والمطالبة بمعاقبة من يمارسها أو يساهم في الترويج لها. ويمكن رصد أهم تلك الظواهر وفق الفئات الرئيسية التالية:

1. الممارسات الهدامة، من نمط تلك التي استغلت المرونة التي تتيحها تقنيات الويب، والكفاءة التي تتمتع بها من أجل الترويج للأفكار الإرهابية أو عرض إرشادات لصنع الأسلحة الفتاكة من قنابل ومتفجرات.

2. الأخلاقيات الموبوؤة، وهي التي تستغل شغف الأطفال والمراهقين بالإنترنت، فتنتحل شخصيات وهمية، تكون طريقها للسيطرة على أولئك الأطفال، واستغلالهم في ممارسات تتنافى والسلوك العام، وتقودهم نحو التهلكة.

3. السلوكيات السيئة، وهي التي تروج لبضائع وخدمات لايقبل بها المجتمع، مثل تلك التي تفتح مواقع لممارسة القمار، أو المراهنات.

ولا أحد ينكر أن مواقع الإنترنت عرفت الكثير من تلك الظواهر التي حاول الكثير من المؤسسات الجادة والهادفة إلى ابتكار منتجات مضادة لها تسعى لرصدها والحد من انتشارها، لكونها تستغل الإنترنت في أمور مضرة للفرد والمجتمع في آن. مثل هذه الظواهر، وربما هناك أخرى مشابهة، بحاجة إلى سياسات حازمة غير قابلم للمساومة أو حتى مجرد النقاش حول ضرورة استئصال شأفتها ومعاقبة كل من هم وراءها.

لكن هذه الظواهر على سؤئها وانتشارها، لاينبغي أن تعمينا عن الفوائد التي جلبتها الإنترنت لنا ولأطفالنا، والنتائج الإيجابية التي ولدتها الإنترنت بشكل مباشر أو غير مباشر في المجتمع، واستفادت منها المؤسسات والإفراد على حد سواء، والتي يمكننا الإشارة إلى ثلاثة منها على سبيل المثال لا الحصر.

1. التعليم الافتراضي أو الإلكتروني، لاأحد بوسعه أن يجادل في إيجابية الثورة التي أطلقتها تقنيات الويب في تسهيل مهمات التعليم، على أعمدة التعليم الأربعة: الطالب، المدرس، الإدارة المدرسية، أولياء الأمور، أفرادا كانوا أم مؤسسات. تكفي الإشارة إلى الاقتصاد في نفقات التعليم التي توفرها الإنترنت على الطالب أو الطالبة التي لا تسمح لهم ظروفهم بالانتقال إلى الجامعات التي يرغبون في الالتحاق بها، بغض النظر عن كون تلك الأسباب اقتصادية أم حتى اجتماعية.

2. الطبابة الإلكترونية، حيث بات في وسع الطبيب أن يستعين، بأطباء أو معدات طبية أو خدمات طبية غير متوافرة في البلد التي يمارس مهنته فيها من خلال استعانته بتقنيات الويب. والأمر شبيه بالنسبة للمريض الذي بوسعه أن يصل إلى كل تلك الأمور دون الحاجة إلى الانتقال إلى أماكنها.

3. الخدمات الضيافية، من سكن وسفر، حيث بات من يريد أن يحصل على أي من تلك الخدمات أن يصل إليها، ويستمتع بالأفضل منها، وبأسعار تنافسية تضع بين يديه مروحة واسعة من الخيارات التي تلائم موازنته وتلبي احتياجاته في آن. وكثيرا ما وجد من يستخدم الإنترنت أن الأسعار المتاحة له على الويب أرخص من تلك المتوافرة له في أسواقه المحلية، وفي أحيان كثيرة مصحوبة بخدمات إضافية لاتوفرها له تلك السوق الأكثر قربا منه جغرافيا.

وقبل الانتقال إلى معالجة السؤال «حول الخط الفاصل بين ماه مباح وما هو محرم» لابد من التعريف بهذه الموسوعة التي أثارت الجدل من جديد، والتي هي «ويكبيديا»، والتي تعتبر فريدة من نوعها، وهي أحد الظواهر الإيجابية، حتى لحظة نشر الموضوع الذي أثار الجدل، التي رافقت ظهور وانتشار الإنترنت.

تقول «ويكبيديا» عن نفسها بأنها كموسوعة للإنترنت، التي تسمح لزوارها «بإضافة المحتويات وتعديلها من دون أي قيود في الغالب» أما بالنسبة لتعبير «ويكي»، في إدارة هذا النوع من المواقع، فمرجعه «الكلمة بلغة شعب جزر هاواي الأصليين: بسرعة أو أسرع، واستخدمت هذه الكلمة لهذا النوع من أنظمة إدارة المحتوى للدلالة على السرعة والسهولة في تعديل محتويات المواقع». وحول إمكانية العبث بمحتويات الموسوعة ترشدنا «ويكيبيديا» حول هذه المسألة بالقول، «عموما يمكن تعديل أي تخريب وإعادة الصفحات إلى ما كانت عليه قبل التخريب، لذلك من الأفضل ترك المخرب يعبث كما يشاء لأنه سيتوقف لاحقا، بعد ذلك يمكن لأي شخص إصلاح ما عبث به المخرب، ويمكن في بعض المواقع وقف المخرب عن طريق رقم IP فلا يستطيع تخريب المقالات أو في بعض الحالات منعه تماما من تصفح الموقع وقراءة محتوياته»

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2336 - الثلثاء 27 يناير 2009م الموافق 30 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً