العدد 2336 - الثلثاء 27 يناير 2009م الموافق 30 محرم 1430هـ

الهروب من المنزل

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

نتمنى من الإخوة والأخوات أن يعيشوا لحظة مع أنفسهم، ويحددوا أسباب السعادة والشقاء في حياتهم، وأن يمارسوا نوعا من الحرية الفكرية بينهم وبين أرواحهم، ليميّزوا الفرق بين ما يفرّحهم وما يبكيهم في حياتهم داخل بيوتهم.

وبعد ذلك نتمنى منهم أن يميزّوا أنفسهم، إن كانوا يضيّعون أوقاتهم وخصوصا في فترات الظهيرة داخل مقاهي الشيشة أو في المجمّعات، بعد عمل مضنٍ وصاخب، ويرجعون ذلك كله إلى هروبهم من المنزل، فلماذا يا ترى؟

أخبرنا أحد الإخوة المثقفين بأن أغلب مرتادي المقاهي والمجمعات يوميا، في أوقات الظهيرة، بعد الخروج من أشغالهم، ما هو إلا هروب من إزعاج الزوجة مثلا أو الأهل، أو من تراكم الديون والقروض في حياتهم، وهم الذين لم يكملوا الثلاثين من أعمارهم.

إن أسباب الهروب من المنزل كثيرة لا تعد ولا تحصى، فهي كما قلناه آنفا عن إزعاج الزوجة أو مشكلات القروض، أو شيء آخر نسمّيه بعدم الرضى عن أنفسنا، الذي يسطع على حياة كل شخص سواء من الناحية الاجتماعية أوالأسرية.

والغوص في النفس البشرية يرينا أشكالا من البشر تلجأ إلى الهروب من فشلها النفسي، وعدم رضاها على ما حققّته في سنوات العمر التي طافت من دون تحقيق الآمال والأمنيات والأهداف.

ولتجاوز هذا المأزق لابد لنا من إعادة ترتيب حياتنا، عن طريق قنوات كثيرة وغير مُكلفة، وهذه إحدى الطرق للتخلّص من هروب المنزل:

أوّلا: التحدث إلى صديق نصوح يقدّم الحلول المعقولة والمنطقية لتعثّرنا، وللتخلص من بعض المشكلات التي تغض مضجعنا وتؤرّقنا داخل منازلنا ومعقل راحتنا.

ثانيا: لنبتعد عن الهموم ولنجلس مع أنفسنا ولو لنصف ساعة نحاسبها على ما كان وما تم، ولنسألها دائما عن الهدف الذي نريد تحقيقه قبل أن يأخذنا هادم اللذات.

ثالثا: الاهتمام بالأسرة ورؤية الخلل الذي يجعل كل زوج يتأفف ويخرج، وكل زوجة تتمنى البعد عن زوجها وبيتها، فإن معرفة أوجه الخلل هي أول الطريق لعلاج المشكلة.

رابعا: لنكن كحبيبات القهوة، فهي تذوب في الماء الساخن ويطيب لنا شم رائحتها وشربها، فمهما واجهتنا المصاعب نواجهها ولا نعطيها ظهورنا ونكون مثل القهوة التي تذوب في الماء وتغير لونه وطعمه، وهي ثابتة لا تتغير.

فكم منا يا ترى يريد أن يغيّر حياته، وكم منا يريد أن يتذوّق طعم نجاحه، وبالتأكيد كلنا نريد أن نغيّر حياتنا للأفضل، ونريد أن نحقق أهدافنا... فلنحذر الهروب، لأنّه صفة الضعفاء والمشوّشين وغير القادرين على تحمّل المسئولية.

وتحمّل المسئولية يحتاج إلى من يواجه مشكلاته قبل مشكلات الآخرين، ويكون في صحة نفسية ممتازة تؤثر في عمله وإنجازه وداخل بيته، فاذا تصدّع بيته كان قادرا على لملمة نفسه وأهله.

إن السفينة لا تمشي من دون قائدها ومساعده، والزوج الحكيم والزوجة الناجحة هما اللذان يتغلبان على مشكلاتهما الأسرية والاجتماعية والاقتصادية، وخاصة إنْ علما مدى أهمّيتهما في حياة الأبناء.

وبناء عليه لا نعتقد بأن هناك من يختلف على وجوب رسم السعادة والابتسامة في وجوه أطفالنا، والتي تنتقص وتقل عندما يهرب أحد الوالدين خارج المنزل

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 2336 - الثلثاء 27 يناير 2009م الموافق 30 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً