الأخبار المرتبطةبالناشط السياسي حسن مشيمع مثيرة للشجون بالنسبة لي شخصيا... أتذكر عندما اتصل بنا في لندن في أغسطس/آب 1995 من داخل السجن، حيث كان موقوفا لمدة خمسة أشهر أثناء انتفاضة التسعينيات... أخبرنا حينها بأنه سيخرج من السجن ويسافر مباشرة إلى لندن من أجل عرض فكرة تكونت لدى رموز المعارضة في السجن آنذاك، تتعلق بـ «مبادرة» لتهدئة الأوضاع، والعمل بعد ذلك على حلحلة الوضع السياسي.
مشيمع لخص «المبادرة» حينها بالدعوة إلى الهدوء والاستقرار مقابل إطلاق سراح جميع الموقوفين، وثم البدء في معالجة آثار الأزمة، ويتخلل ذلك الإفراج (على فترات) عن الذين حُكم عليهم وثم إرجاع المبعدين ومناقشة عودة البرلمان المنتخب. كما وتضمنت «المبادرة» التي عرضها علينا «تعزيز العلاقة الطيبة بين الشعب والحكومة»، والسعي إ لى تصحيح العلاقة بين المعارضة والحكومة.
بعد أن عرض «المبادرة» على مجموعة لندن آنذاك، عاد مشيمع في مطلع سبتمبر/أيلول 1995 وواصل الحوارات مع الرموز المعتقلة داخل السجن،الذين خرجوا لاحقا وبشروا الناس بمرحلة جديدة تتسم بالهدوء والحوار وحلحلة الملفات. لكن سرعان ما ساءت الأوضاع في مطلع 1996، وعليه أعيد اعتقاله مرة أخرى مع زملائه، وتوترت الأجواء وساءت الأمور.
ثم جاء العام 2001، وأفرج عن مشيمع وزملائه، وأيضا بدأت حينها الحوارات بشأن «ميثاق العمل الوطني»، وكان مع الرموز الأخرى من المؤثرين جدا في إنجاح التصويت على الميثاق في 14 فبراير / شباط 2001، ولذلك حاز الميثاق على موافقة 98.4 في المئة. وبعدها ألغي قانون ومحكمة أمن الدولة ، وسارع مشيمع مع زملاء آخرين في إعادة تنظيم الصفوف، واتفق معهم على تأسيس جمعية الوفاق في منتصف 2001، وأصبح لاحقا نائب رئيس الجمعية، واستمر هذا الوضع حتى منتصف العام 2005.
انشق مشيمع عن«الوفاق» في 2005 وأسس حركة «حق» مع عدد من الناشطين، وكان مما دفعه إلى ذلك اعتقاده بأن التوقعات والآمال التي سادت في صفوف المعارضة عندما وافقت على التصويت على الميثاق لم تتحقق.
هذا الشريط السريع من الأحداث يتكرر في ذهني منذ إعادة اعتقال مشيمع في 26 يناير / كانون الثاني الجاري، وهو مثير لسؤال يتكرر لدي: «هل كان بالإمكان تغيير مسرى الأحداث ومنعها من الانزلاق؟»... لعله سؤال سيتكرر كثيرا باحثا عن جواب يبدو صعبا ومعقدا في ظل الظروف الحالية
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2336 - الثلثاء 27 يناير 2009م الموافق 30 محرم 1430هـ