لم يكن غريبا على كامل أن يثير الشجار بين أصدقائه في معرض الكتاب بمملكة البحرين الشقيقة، لقد ذهب برفقة ثلاثة من أصدقائه القدامى، وكلهم بلغوا الأربعين وتعدوها بسنوات تتفاوت بينهم، وقد رزق كل منهم بأولاد وبنات بلغوا سن الشباب.
رحلتهم لمملكة البحرين كانت وحيدة الجهة والمقصد، معرض الكتاب ولا شيء سواه، هناك وبين دور النشر توزع الأصدقاء على أمل اللقاء في نقطة ما، غير أن تأخر كامل دفع أصحابه للبحث عنه، ليجدوه في إحدى دور النشر وهو يحمل كتابا واحدا ويبحث عن كتب أخرى تتناول ذات الموضوع.
الكتاب هو (على أعتاب البلوغ) للكاتب جميل كمال، وهو يتناول هذه المرحلة، متحدثا عن مسئولية الوالدين، ومسئوليات الشاب أو الفتاة، ثم يتدحرج بعفة وحذر نحو بعض العناوين الشائكة (سن البلوغ وعلاماته، الأفلام الخليعة والمجلات الماجنة، العادة السرية، السحاق، الزنا، اللواط، السفور)، وفي ثنايا هذه العناوين الكثير من التفاصيل المهمة.
الكتاب كان هدية سيقدمها كامل لولديه وهما على أعتاب البلوغ، والشجار بدأ حين اقترح كامل على أصدقائه شراء هذا النوع من الكتب لأولادهم وبناتهم.
كانت ردودهم قائمة على عدم استساغة هذا النوع من التصرفات، فبين من يقول لا داعي لفتح أعينهم على هكذا مواضيع، وبين من يرى أن هذه الهدايا تشكل حرجا للآباء أمام أولادهم، وبين من يراهن على صلاح أولاده ورجاحة تفكيرهم، وبين من يرى عدم الحاجة لهذا النوع من التوعية مستشهدا بفترة بلوغه التي مرت بسلام، إلى آخر قائمة التبريرات التي لا تنضب، فقد استمر حوارهم ومشاجراتهم الأخوية حتى عادوا لديارهم سالمين، ولدي كلمات بسيطة في الموضوع.
1/ نخطئ بحق أولادنا ونقصر في مسئوليتنا التربوية إذا تصورنا أن مشاعر أولادنا في فترة بلوغهم لا تدغدغها هذه الهواجس لأن أعينهم مطبقة وحواسهم متجمدة، وأننا بحديثنا معهم سنفتح أعينهم.
أعتقد أن هذا تبرير سقيم نتشبث به هروبا من مسئوليتنا تجاه هذه المرحلة المهمة والحرجة من حياتهم، وذريعة نتذرع بها لأننا في أزمة حقيقية ركيزتها (غالبا) ضعف ثقافتنا التربوية، وخصوصا في هذه النواحي الحساسة، ولذلك نلوذ لهذه التبريرات ونختبئ تحتها.
وأتساءل هل يعتقد أحد منّا اليوم أن أولاده يعيشون العمى والصمم في عالم يملؤه الضجيج وتشكل عماده ثورة الإعلام والفضاء المفتوحين؟
لا يمكن أبدا تصور ذلك إلا بافتراضنا أن أولادنا خارج منطقة التغطية.
2/ ثقافة الحرج المريضة لا أدري متى وكيف نتخلص منها؟ فكل العالم يتحدث مع أولادنا بمسلسلاته وأفلامه وصوره وأغانيه ومواقعه على النت ويستثير غرائزهم، ونحن الآباء نرى ونسمع كيف تمسخ شخصية أفلاذ أكبادنا، ومع ذلك نتمسك بتبرير الحرج مع أولادنا في قضايا وأمور حاسمة في حياتهم.
إننا إذا استوعبنا وقبلنا ما يقال عن ثقافة الحرج في الحديث مع الأبناء باعتبارنا مجتمع محافظ، فلا يمكن لعاقل أن يقبل ثقافة الحرج إذا كبحتنا عن إهداء كتاب صغير لأولادنا يقرؤونه إذا خلو بأنفسهم.
أهم ما يجب أن يتأمله الأبوان هو أن ثقافة الحرج ستتحول إلى مرارة إذا خسرنا أولادنا سواء في الدنيا أم في الآخرة «إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ».
3/ يرى الكثير من الآباء أنهم تجاوزوا فترة الشباب بهدوء، وأن آباءهم لم يحدثوهم بقضايا خاصة كالتي نشير إليها الآن.
أعتقد أن هؤلاء يغفلون تغير الزمان، وينسون الضغوط التي تعرضوا لها أيام شبابهم مع قلة المحرضات والمغريات، ويفترضون أن ما قام به الآباء (جزاهم الله خير الجزاء) هو التمام والكمال الذي لا قبله ولا بعده، وكل هذه التصورات تحتاج لحديث ربما نوفق له في مقبل الأيام.
إقرأ أيضا لـ "الشيخ محمد الصفار"العدد 2726 - الأحد 21 فبراير 2010م الموافق 07 ربيع الاول 1431هـ
ممكن خدمة يا شيخ
السلام عليكم شيخنا الفاضل أكتب لك من مدينتك المحبوبة الثانية - صفوى وأنا منذ زمن بعيد متابع لما تكتب في جريدة اليوم وأرغب في أن ترشدني إلى مكتبة يوجد فيها هذا الكتاب القيم ولك جزيل الشكر
موضوع معقد
حقا شيخنا الكريم ، أنا بعدي ابنتي ما كبرت ، وأنا من الآن أفكر مع أمها چيفه بشنرح ليها المواضيع ذات الطبيعة الجنسية ، حقا معضلة
موضوع مهم
جزاك الله خيرا يا شيخ وصح لسانك
حفظك الله ياصاحب القلم الواعي
حبذا شيخنا لو تكثر من المواضيع التربوية فنحن الأمهات في أمس الحاجة لهذه النصائح والإرشادات
الحوار مع الابناء في هذا الموضوع بالنسبه لبعض الافراد اصبح مشكله
فالبعض يقول لا لن افتح مع اولادي هكذا مواضيع وافتح عينه على اشياء يجب ان لا يعرفها الان والبعض يقول سيأتيه يوم ويكبر ويعرف كل شي بنفسه مثل ما احنا عرفنا بانفسنا ولا ندري كيف نتعامل مع ابنائنا في هالزمن الصعب ومشكور يا شيخنا الفاضل ونرجوا التوضيح والنصح للاباء وكيف التعامل مع الابناء وشكراً
أولادكم خلقوا لزملن غير زمانكم
أتفق معك يا شيخ
وشكرا لك
الى متى؟
كلامك يا شيخ اعجبني وانا كام اجلس مع والدهم ونناقش امورهم بلا حرج علما بان اولادي الذكور اعمارهم 16 و14 اما البنت فاجلس معها واحاورها محاورت الصديقة والام (لا حيى فى الدين) اذا لم نفهمهم سوف يتجهون الى الصديق او الانتر وكلاهما لن ينفعهما كما نحن كوالدين ننفعهم ونفهمهم
فالى الاخوه والاخوات انتم ترعون هذا الجيل فعليكم ان تساندوه وترعوه كما وتسقوه كما تسقى البذرة حتى تنمى وتثمر وتقطفون اجمل الثمر
اختكم ام حسن (جوريه)