العدد 2725 - السبت 20 فبراير 2010م الموافق 06 ربيع الاول 1431هـ

التقدم الديمقراطي أمر مستعجل ولكنه ليس سريعا

أجندة حكومة الرئيس أوباما الخاصة بحقوق الإنسان والديمقراطية (4)

هيلاري رودام كلينتون comments [at] alwasatnews.com

يمكننا أن نعلي أصوات الناشطين والمناصرين العاملين على هذه المسائل من خلال تسليط الأضواء على مدى تقدمهم. كثيرا ما يتابعون مهمتهم بعزلة كما كثيرا ما يتم تهميشهم داخل مجتمعاتهم. ويمكننا أن ندعم شرعية جهودهم. إننا نعترف بأهمية الجوائز التكريمية كجوائز النساء الشجاعات التي قدمتها السيدة الأولى ميشال أوباما وأنا في وقت مبكر من هذه السنة، وجائزة المدافعين عن حقوق الإنسان التي سوف أقدمها في الشهر القادم، ويمكننا أن نثني على جوائز أخرى مثل جائزة «أصوات حاسمة» «فايتال فويسيز»، مركز آر. إف كاي (روبرت كينيدي) للعدل وحقوق الإنسان، ومؤسسة لانتوس التي تقوم بنفس هذه الأعمال.

ويمكننا توفير الفرصة لهم للوصول إلى المنتديات العامة التي تمنح الظهور لأفكارهم، كما الاستمرار في الضغط على قيام منظمات غير حكومية بدور في المؤسسات المتعددة الأطراف كالأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبية. ويمكننا أن نجند حلفاء آخرين مثل النقابات العمالية التي كان لها تأثير في نمو حركة «التضامن» في بولندا، أو المنظمات الدينية التي تناصر حقوق الناس الذين يعانون من فيروس نقص المناعة المكتسب/ الأيدز في إفريقيا.

ويمكننا مساعدة عوامل التغيير، تأمين الوصول إلى المعلومات ومشاطرتها من خلال الإنترنت والهواتف المحمولة كي يتمكنوا من الاتصال وتنظيم الصفوف. وبفضل الهواتف المزودة بآلات تصوير، وصفحات موقع فيس بوك، تمكن الآلاف من المتظاهرين في إيران من إذاعة مطالبهم في الحصول على الحقوق التي حرموا منها، مما أوجد سجلا يستطيع أن يشاهده كل الناس في العالم، بضمنهم قادة إيران. لقد قمت بتشكيل وحدة خاصة داخل وزارة الخارجية لاستعمال تكنولوجيا القرن الحادي والعشرين في تسيير أمور الوزارة.

في كل دولة قمت بزيارتها تقريبا، من إندونيسيا إلى العراق، من كوريا الجنوبية إلى جمهورية الدومينكان، أجريت مباحثات في قاعات البلديات أو حول طاولات مستديرة مع مجموعات من خارج الحكومة كي أتعلّم منهم ولتأمين منصة يعبرون عبرها عن أصواتهم، وأفكارهم، وآرائهم. عندما كنت مؤخرا في روسيا، زرت محطة إذاعة مستقلة لإجراء مقابلة ولأعبر من خلالها بالكلمات والأفعال عن دعمنا لوسائل الإعلام المستقلة في وقت يتعرض فيه التعبير الحر إلى التهديد.

خلال زياراتي للصين قصدت خصيصا أن اجتمع مع الناشطين والناشطات في سبيل حقوق المرأة. ومؤتمر الأمم المتحدة حول المرأة الذي انعقد في بكين العام 1995 ألهم جيلا من النساء قادة المجتمع المدني اللواتي أصبحن مدافعات عن حقوق الإنسان في الصين اليوم. في العام 1998، قابلت مجموعة صغيرة من المحامين في شقة مزدحمة في الطابق الخامس في مبنى نصعد إليه على الأقدام. وشرحوا لي جهودهم لكسب الحقوق للمرأة في الملكية، في التعبير عن رأيها في الزواج والطلاق، وفي أن تعامل كمواطنة متساوية.

وعندما زرت الصين مجددا في وقت مبكر من هذه السنة، قابلت بعض نفس تلك النساء، ولكن كانت المجموعة نمت ووسعت نطاق عملها. هناك الآن نساء لا يعملن لنيل الحقوق القانونية وحسب بل وأيضا للحقوق المتعلقة بالبيئة، والصحة، والاقتصاد.

مع ذلك جرى تهديد إحداهن، وهي غاو ياوجي؛ لأنها تحدثت علنا حول مرض الأيدز في الصين. بدلا من ذلك، كان من المفروض أن تثني عليها حكومتها لأنها ساعدت في مواجهة هذه الأزمة. تحتاج المنظمات غير الحكومية وقيادات المجتمع المدني إلى الدعم المالي، والتقني، والسياسي الذي نقدمه. حاولت أنظمة حكم استبدادية عديدة أن تقيد استقلال وفعالية الناشطين والمنظمات غير الحكومية من خلال تقييد نشاطاتهم. شملت هذه الأنظمة أكثر من 25 حكومة تبنت مؤخرا تقييدات جديدة. ولكن تمويلنا ودعمنا يستطيعان أن يوجدا مواطئ قدم للمنظمات المحلية، وبرامج التدريب ووسائل الإعلام المستقلة. وبالطبع، من أهم الطرق التي تمكننا، نحن وغيرنا في المجتمع الدولي، من وضع الأساس للتغيير من القاعدة إلى الأعلى هي عبر تقديم مساعدة استهدافية إلى الذين هم بحاجة إليها، كما من خلال شراكات تعزز التنمية الاقتصادية ذات القاعدة العريضة.

من أجل تعزيز النجاح على المدى الطويل، على مساعدتنا الإنمائية أن تكون فعالة بأكبر قدر ممكن في توفير النتائج وتمهيد الطريق أمام نمو ذي قاعدة عريضة، والاعتماد الطويل المدى على الذات. وبالإضافة إلى إعطاء الناس القدرة على تلبية حاجاتهم المادية لليوم الحاضر، يجب أن يوفر لهم التمكين الاقتصادي نصيبا في تأمين مستقبلهم الشخصي، في رؤية مجتمعاتهم وقد أصبحت من الديمقراطيات التي تحمي الحقوق وتحكم بإنصاف. وهكذا سوف نتابع تنفيذ مقاربة تحترم الحقوق تجاه التنمية، بما في ذلك التشاور مع المجتمعات الأهلية المحلية، وتأمين الشفافية، وإقامة مؤسسات تخضع للمساءلة، كي تعمل نشاطاتنا الإنمائية بالتوافق الوثيق مع جهودنا لدعم نظام الحكم الديمقراطي. هذا هو التحدي الملح الذي نواجهه في أفغانستان وباكستان اليوم.

العنصر الرابع في مقاربتنا هو أننا سوف نوسع نطاق تركيز اهتمامنا. سوف لن يغيب عن بالنا وجوب تعزيز وتقوية التغيير الإيجابي حيث الأمل على ازدياد، وسوف لن نتجاهل أو نتجاوز أماكن تبدو أنها تعاني من مآسٍ أو يأس تصعب معالجتها. يجب علينا أن نفعل ما بوسعنا لترجيح كفة الميزان تجاه مستقبل أفضل حين تكون الحياة البشرية على المحك.

الدافع لجهودنا في دعم أولئك العاملين في حقل حقوق الإنسان، والتمكين الاقتصادي، والحكم الديمقراطي هو الالتزام، وليس الملاءمة. ولكن علينا تأمين استدامة هذه الجهود. لا يمكن تعريضها للنزوات أو لمكاسب التغيير السياسي في بلادنا بالذات. التقدم الديمقراطي أمر مستعجل، ولكنه ليس سريعا، ولذلك لا يجب أن نعتبر دوام استمراره كأمر مسلم به. فالتراجع يُشكِّل تهديدا دائما كما تعلمنا في أماكن مثل كينيا حيث أفلت مرتكبو أعمال العنف بعد الانتخابات من العدالة حتى الآن، وفي الأميركتين حيث نقلق من زعماء استولوا على الأملاك، وداسوا بأقدامهم الحقوق، وأساءوا استعمال العدالة لتعزيز حكمهم الشخصي.

وعندما يحدث التغيير الديمقراطي، لا يمكننا تحمل كلفة الرضى عن الذات لدينا. بدلا من ذلك علينا الاستمرار في تعزيز المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الناشئة للديمقراطية. فدول ديمقراطية مثل ليبيريا، تيمور الشرقية، مولدوفا، وكوسوفو تحتاج إلى مساعدتنا لتأمين التحسينات في الصحة والتعليم والرفاهية. علينا أن نبقى منخرطين في تغذية التنمية الديمقراطية في أماكن مثل أوكرانيا وجورجيا اللتين عرفتا اختراقات ديمقراطية في وقت مبكر من هذا العقد ولكنهما كافحتا لتثبيت مكاسبهما الديمقراطية بسبب عوامل داخلية وخارجية.

لذلك نقف على أتم استعداد، في علاقاتنا الثنائية كما من خلال مؤسسات دولية، لمساعدة الحكومات التي التزمت بتحسين ظروفها وذلك من خلال مساعدتها في محاربة الفساد ومساعدتها في تدريب قوات الشرطة والموظفين الحكوميين لديها. وسوف ندعم المنظمات والمؤسسات الإقليمية مثل منظمة الدول الأميركية، والاتحاد الإفريقي، ومجموعة دول جنوب شرق آسيا عندما تتخذ خطواتها الذاتية للدفاع عن المبادئ والمؤسسات الديمقراطية

إقرأ أيضا لـ "هيلاري رودام كلينتون"

العدد 2725 - السبت 20 فبراير 2010م الموافق 06 ربيع الاول 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 3:02 ص

      لماذا لم تتبنى أمريكا عند نشأتها نظام المحاصصة الطائفي؟

      لماذا لم تتبنى أمريكا عند نشأتها نظام المحاصصة العلماني الطائفي؟ لماذا لم يقولوا للبروتستانت نسبة كذا، و للكاثوليك نسبة كذا، و لغيرهم كذا و كذا؟ لماذا لم يقولوا لذوي الأصول الفرنسية نسبة كذا، و لذوي الأصول الألمانية نسبة كذا، و لذوي الأصول الأسبانية نسبة كذا؟ لماذا فرضت الطائفية على لبنان و على العراق، باسم العلمانية ؟ لقد كانت أرحم لو فرضت الطائفية باسم الدين.

    • زائر 3 | 3:00 ص

      هذا هو الكلام الدبلوماسي

      هذا هو الكلام الدبلوماسي :" التقدم الديمقراطي أمر مستعجل ولكنه ليس سريعا" أي أن أمريكا مستعجلة في تطبيق الديمقراطية، لكن ليس كما تريد الشعوب، بل بالطريقة الغربية في تطبيق العدالة، وبالسرعة الأمريكية. الطريقة الأمريكية هي التي جعلت العراق يتحول من نظام استبدادي إلى نظام علماني طائفي، مستنة بما فعلت فرنسا في لبنان.

    • زائر 2 | 12:50 ص

      ديموقراطية صورية

      مبادؤكم صورية لا يمكننا الوثوق بها فهي قائمة على الخداع وسفك الدماء والبطش والنظر بعين الظلم فقط أنتم كذئب يريد أن يظهر بزي العنز.
      أخرجوا من بلداننا مع أذيالكم من الحكام الديكتاتوريين ودعوا الشعوب تقرر لوحدها فهي قادرة على ذلك.

    • زائر 1 | 11:59 م

      الى متى

      اي عوامل تغير وديمقراطية وتطوير نتحدث عنها وقد استحكمت قبضة الدولة على هذا الشعب المسالم لقد فات الوقت بعد ان تم استبدال المواطنين بشعب اخر لا ينتمي حتى جغرافياً او عرقياً او تاريخياً لهذه المنطقة اذا كانت امريكا جادة فلتنظر الى ما يجري هنا من تجنيس سياسي فاق كل التوقعات

اقرأ ايضاً